حول تحديد النسل
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه .. أما بعد ، فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبراً مفادة أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به ، واشتهر هذا الخبر بين الناس ، وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له ، ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة ، وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ ، فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله - عز وجل - في هذه المسألة فأقول أعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أن اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازماً فألفيته قد ركز فتواه على قوله - عز وجل - " وليسعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " . وعلى قول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " . وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل " ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها " . وروى عنه ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " ليس من كل الماء يكون الحمل " . فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاء حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسؤول .
وأما قول المفتي في آخر الفتوى وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازماً لأن من المتفق عيه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتماً ، فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان ، لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة ، ويخالف الشرع المطهر ، والقول بتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه ؟ قال الله - عز وجل - في حق نبيه ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ولا يعصينك في معروف " وهو ، - صلى الله عليه وسلم - ، لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله - عز وجل- أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف ، وصح عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " إنما الطاعة في المعروف " . وقال عليه الصلاة والسلام " لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق " والأحاديث في هذا المعنى بكثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس وإرشاد المسلمين إلى ما نعلمه من شرع الله - سبحانه - في هذه المسألة . ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزعات الشيطان إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
الشيخ ابن باز
* * *
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه .. أما بعد ، فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبراً مفادة أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به ، واشتهر هذا الخبر بين الناس ، وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له ، ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة ، وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ ، فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله - عز وجل - في هذه المسألة فأقول أعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أن اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازماً فألفيته قد ركز فتواه على قوله - عز وجل - " وليسعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " . وعلى قول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " . وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل " ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها " . وروى عنه ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " ليس من كل الماء يكون الحمل " . فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاء حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسؤول .
وأما قول المفتي في آخر الفتوى وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازماً لأن من المتفق عيه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتماً ، فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان ، لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة ، ويخالف الشرع المطهر ، والقول بتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه ؟ قال الله - عز وجل - في حق نبيه ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ولا يعصينك في معروف " وهو ، - صلى الله عليه وسلم - ، لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله - عز وجل- أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف ، وصح عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال " إنما الطاعة في المعروف " . وقال عليه الصلاة والسلام " لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق " والأحاديث في هذا المعنى بكثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس وإرشاد المسلمين إلى ما نعلمه من شرع الله - سبحانه - في هذه المسألة . ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزعات الشيطان إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
الشيخ ابن باز
* * *