بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم : على عبدالعال
aly_abdelal@yahoo.com
بعد الهجمة الوقحة التى شُنت فى حق صحابة رسول الله ــــ صلى اللهُ عليه وسلم ـــــ ، سواء عمداً أو جهلاً، ممن شاءت لهم الأقدار، أن يُحسبوا على الأمة زوراً، كتاب ومفكرين .
حتى أصبح تجريحُ الصحابة، والخوض فى أعراضهم، وأنتقاصهم وسبهم، واتخاذهم غرضاً، من أقرب السبل التى رأى فيها العميان، حرية رأى، واحتراف كتابة، فى حق من زكاهم اللهُ تعالى فى كتابه من فوق سبع سموات .. حتى أنكر أحد هؤلاء الحمقى، أن يوجه إليه اللوم على الإهانة التى كالها لصحابة النبى ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ قائلاً : هل عمرو بن العاص .. هو من أصول الإسلام ؟ ! .. وهكذا ـــ وبكل بساطة ـــ استحل الغمز واللمز فى أمناء وحى الله .
ثم يقول فى مقال له آخر : ( فى الحقيقة أنا لا أرى أى فرق بين (معاوية)، وحافظ الأسد، وصدام والقذافى ومبارك وعلى عبد الله صالح .. لماذا نلومهم .. إذا كنا لا نستطيع أن نلوم معاوية ) .
فبعد هذا الهجوم المنظم، فى حق من اختارهم الله تعالى لصحبة رسوله، كان لابد من رد، احقاقاً للحق، ووقاية للأمة مما يجهز لها، خاصة وأن المنطق الذى استند إليه حامل لواء (علمانيون بلا حدود)، لن يتوقف حتى ينال من رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ نفسه، ثم القرآن، تحت عماية اعمال العقل، وحرية البحث، ولست أدرى أى عقل هذا الذى أعملوه .
ظنى بهم أن الغضب، سوف يخرجهم من حظيرة البشرية، التى لا أعلم اينتمون لها أم لا .. بعد أن يصلهم أى رد على تجريحهم لمن جعلهم الله أمناء على الإسلام .. فإن كان فياليت هذه العقول التى أعمتهم، أن تهديهم ولو مرة واحدة، لأن يتساءلوا كيف طاب لهم أن يجرحوا فى رموز الدين، فى الوقت الذى لا يرضونه لأنفسهم .
ومن ثم فقد جمعنا ما تيسر من الأدلة الشرعية فى الكتاب والسنة، واجماع علماء الأمة المعتبرين، حول موقف الإسلام، من صحابة خاتم الرسل ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ والواجب على المسلم تجاه هؤلاء القوم .. ولنرى هل يحق لكل من شاء، أن يتناول الصحابة بقلمه و لسانه، ثم يشرع فى تنقصهم وتجريحهم بما لاعلم له به .. حسبما رأى البعض أن لا فرق بين صحابة النبى، وأى من آحاد الأمة، باعتبارهم أشخاص عاديون، يحق لكل مخرف أن يسبهم ..
من هم صحابة محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟
تعريف الصُّحْبَة
الصحبة فى اللغة : الملازمة والمرافقة والمعاشرة، يقال : صَحبه يصحبه صُحبة، وصحابة
بالفتح وبالكسر : عاشره ورافقه ولازمه، وفى الحديث : خرجتُ أبتغى الصحابة إلى رسول ــ
الله صلى الله عليه وسلم ــــ .
والصَّحَابىّ : من لقى النبى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مؤمناً به ومات على الإسلام، وجمعها صحابة.
ما تثبت به الصُّحْبَة
اختلف أهلُ العلم فيما تثبت به الصُحبة، وفى مستحق اسم الصحابى، فقال بعضهم : ( إن الصحابى من لقى النبى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مؤمنا به، ومات على الإسلام ) .. وعلق ابن حجر العسقلانى بقوله : ( هذا أصح ما وقفتُ عليه فى ذلك ) .
عدالة من ثبتت صحبته
اتفق أهلُ العلمِ على أن جميع الصحابة عدول، وهذه الخصيصة للصحابة بأسرهم، ولا يُسأل عن
عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه شرعاً، لكونهم على الإطلاق معدلين بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم بنصوص القرآن .
وعدالة الصحابة فى الإسلام من مسائل العقيدة القطعية، أو مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويستدل العلماء على ذلك بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة .
قال الله عز وجل : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً }الفتح:18 .. يقول أهل العلم : فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله .. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، ومن هنا رضي عنهم .. ( ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام .. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام ) .. والرضا من الله صفة قديمة، و من رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً، فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة .. قال ابن حزم : ( فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة ) .
والآية : قوله تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} سورة الفتح: 29 .. فمن أغاظه الصحابة، فليراجع دينه، فالآية صريحة وواضحة .
وقال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَت للنّاس ) .. واتفق المفسرون على أن الآية، واردة فى أصحاب رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ .
وقال تعالى : ( وَكَذلِك جَعَلنَاكُم أمَّةً وَسَطا لِتَكُونوا شُهَدَاء عَلى النّاسِ ) .
(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) (100) التوبة
(لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم) (117) التوبة
لا يختلف اثنان أن كبار الصحابة من أمثال الخلفاء الراشدين والمهاجرين والأنصار، أنهم أول من شملتهم هذه الآيات الكريمة، فضلاً عن بقية الصحابة وعددهم ثلاثين ألفاً .. فالسابقون الأولون مشهورون ومعروفة أسمائهم ولا يجهلهم أحد، وقد نصّ القرآن على أن الله قد رضي عنهم وبشرهم بالجنة، فكيف نترك كلام الله ونستمع لمن في قلبه مرض، من الذين يريدون لنا أن نبغض من أحبهم الله، ونتهجم عليهم ؟ .
: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) (9) الحشر
: (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) (218) البقرة
(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) (195) آل عمران
(الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون) (20) التوبة
أدلة عدالة الصحابة من السنة المطهرة
قال ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ : " الله ، الله فى أصحابى، لا تتخذوهم غرضا بعدى، فمن
أحبهم، فبحبى أحبهم، ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذانى، ومن أذانى فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه " .
والحديث : عن أبي سعيد الخدرى، قال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ : " لا تسبوا أحداً من أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل اُحُد ذهباً ما أدرك مُد أحدِهم ولا نصِيفَه " رواه البخاري .
قال ابن تيمية وكذلك قال الإمام أحمد وغيره : كل من صحب النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ سنة أو شهراً أو يوماً أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة بقدر ذلك .
والحديث : قال ــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ لعمر: " وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " صحيح البخاري .
وقال ابن القيم : إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم .
والحديث : عن عمران بن الحصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذيم يلونهم " .. قال عمران : فلا أدري؛ أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا .
والحديث : عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " النجوم أمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يُوعَدُون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعَدُون " صحيح مسلم .
والحديث : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قال : " أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم " رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم بسند صحيح .
والحديث : عن واثلة يرفعه : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأي من رآني وصاحبني " رواه ابن أبي شيبة .
والحديث : عن انس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الانصار " .. وقال في الأنصار كذلك : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " .. وهناك أحاديث أخرى ظاهرة الدلالة على فضلهم بالجملة . أما فضائلهم على التفصيل فكثيرة جدا .
بل كل إمام من أئمة المسلمين حينما يذكر عقيدته ولو فى ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى قضية الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الرشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهى عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم من خلاف ونحوه .
وقال ابن الصلاح : ( ثم إن الأمة مجمعة، على تعديل ــــ أى الحكم بعدالتهم ــــ جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم فى الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، وجميع ما ذكرنا يقتضى القطع بتعديلهم، ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس .
ونقل ابن حجر عن الخطيب البغدادى فى كتابه (الكفاية) : أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شىء مما ذكرناه لأوجبت الحالُ التى كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، والمناصحة فى الدين، وقوة الإيمان واليقين : القطع بتعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم .
ثم قال هذا مذهب كافة العلماء، ومن يُعتمد قوله، وروى بسنده إلى أبي زرعة الرازى قال :
( إذا رأيتَ الرجلَ ينتقصُ أحداً من أصحاب رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ فاعلم أنه زنديق ) ... .. ذلك أن الرسول ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة) .
نستنتج من العرض السابق للآيات والأحاديث في مناقب الصحابة ما يلي :
أولاً: إن الله عز وجل زكى ظاهرهم وباطنهم؛ فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} (الفتح/29). {وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} (الحشر/9). {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (الحشر/10) .
أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور .. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم؛ فقال على سبيل المثال: {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} (الفتح/18). {يحبون من هاجر إليهم} (التوبة/177). {يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} (الفتح/9). {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} (التوبة/117).. فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي كما هو معلوم .
ثانياً: بسبب توفيق الله عز وجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى .
ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ -صلى الله عليه وسلم- بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم .. ونُهينا عن سبهم وبغضهم .. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق .
رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة .. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " رواه أحمد وأصحاب السنن والدارمي.
منزلة الصحابة لا يعادلها شيء
تعظيم الصحابة ومعرفة قدرهم أمر مقرر عند كبار الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولو كان اجتماع الرجل منهم، به ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ ولو قليلاً ، رضي الله عنهم .
قال الحافظ بن حجر ذاكراً ما يدل على ذلك : ( فمن ذلك ما قرأتُ فى كتاب "أخبار الخوارج" تأليف محمد بن قدامة المروزي - ثم ذكر سنده - إلى أن قال : عن نبيج العنزى عن أبى سعيد الخدرى، قال : كنا عنده ــــ أى عند أبى سعيد ـــ وهو متكئ ، فذكرنا علياً ومعاوية، فتناول رجل معاوية، فاستوى أبو سعيد الخدرى جالساً، فذكر قصته حينما كان في رفقة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أبو بكر ورجل من الأعراب - إلى أن قال أبو سعيد - : ثم رأيتُ ذلك البدوى أتى به عمر بن الخطاب وقد هجا الأنصار .. فقال لهم عمر : لولا أن له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أدرى ما نال فيها لكفيتكموه ... رواه أحمد قال الحافظ : ورجاله ثقات .
فقد توقف عمر رضي الله عنه عن معاتبته، فضلا عن معاقبته، لكونه علم أنه لقى النبى صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك ابين شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة ـــ أى صحبة النبى ــــ لا يعدلها شىء .
وعن وكيع، قال : سمعت سفيان يقول فى قوله تعالى : { قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى } قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
فهذا الإصطفاء والإختيار أمر لا يُتصور ولا يُدرك ولا يُقاس بعقل، ومن ثم لا مجال لمفاضلتهم مع غيرهم مهما بلغت أعمالهم .
قال ابن عمر : ( لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة) .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل، لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما من اتفق له الذب عنه، والسبق إليه بالهجرة، أو النصرة، أو ضبط الشرع المتلقى عنه وتبليغه لمن بعده، فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده، لأنه ما من خصلة إلا وللذي سبق بها مثل أجر من عمل بها من بعده، فظهر فضلهم..(فتح البارى)
قال النووي : ( وفضيلة الصحبة - ولو لحظة - لا يوازيها عمل، ولا تنال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخذ بالقياس، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) .
-----------------------------
منقول