[size=21]فاز فيه من فاز وخسر من خسر
الاستمرار على الطاعة بعد انتهاء رمضان دليل قبول الطاعة
بعد انتهاء الموسم العظيم الذى اختصه الله تعالى بالفرص العظيمة للمسلمين
لينعموا فيه بالمغفرة والعتق من النار، فاز فيه من فاز بالمغفرة والرحمة
والعتق من النار وأخذ فى السير فى طريق الله تعالى ، وخاب من خاب وخسر،
وكلا الفريقين يحاسب عما فعل ونطرح فيما يلى توضيحا لكيفية محافظة المرء
على هذه الأحوال التى قد ثبت عليها فى رمضان و أن يشكر ربه على ما كان من
رحمة ومغفرة ، فكيف نستمر بعد رمضان حيث نجد أن هناك أناسا خرجوا من رمضان
وقد نالوا بركته وخيره واستمروا فى طاعتهم وآخرون يرجعون لسابق عهدهم بعد
أن تعبدوا فى الشهر الكريم وفريق ثالث لم يتعبدوا ولم يفوزوا ولم يشعروا
بأى نفحة من نفحات شهر القرآن ، ولكن المسلم الحق هو من يبدأ عهدا جديدا مع
الله ولا ييأس من رحمته ويسلم نفسه للشيطان ونزغاته فلا تزال نعم الله
تعالى تتوالى على المؤمنين فى الأيام القادمة .
المداومة على الطاعات
يقول الدكتور حامد أبو طالب – عميد كلية الشريعة والقانون السابق – إن
العبادات فى الإسلام شرعت لآثارها بمعنى أن الأثر هو الهدف فأداء الصلاة
لابد أن ينهى عن الفحشاء والمنكر وبالتبعية الصيام لابد أن يقوى إرادة
المسلم ويمكنه من ترك الحرام لأنه تعود على ذلك فإذا استطاع منع نفسه من
المباحات يسهل عليه كثيرا ترك المحرمات .
وأضاف أنه على المسلمين الاستمرار على أحوالهم فى رمضان بعد انتهاء الشهر
الكريم بالابتعاد عن المحرمات وعما نهوا عنه لكى تتحسن أخلاقهم وصفاتهم
وينعكس ذلك على حياتهم صدقا وأمانة وحبا للناس ونشرا للخير والفضيلة
وينصلح حال المجتمع إلى حد ما .
ويؤكد أن المسلم الذى لم يتغير حاله بعد رمضان فهذا مؤشرا على أن صيامه لم
يكن حقيقيا وإذا لم ينعكس ذلك على أدائه فى عمله وعلاقاته مع جيرانه
وأصدقائه فهذا يدل أيضا على عدم توافر الشروط الصحيحة لقبول الصيام ..
وطالب بضرورة الحذر والخوف من هذا السلوك أى بانتهاء أيام رمضان يعود إلى سابق عهده فلابد أن يغير الصوم النفوس .
وعن كيفية الاستمرار فى الطاعة قال :إن تهذيب النفس وتدريبها على السلوك
الحسن الذى يتناسب مع روح الإسلام هو أول السبل للاستمرار فى الطاعات التى
كانت تؤدى خلال شهر رمضان فليس صحيحا أن يعتقد المرء أن الأمر مجرد
عبادة سواء كانت صلاة أو صوم أو زكاة وما إلى ذلك وفى الوقت نفسه نستمر فى
الكذب والمعاصى والموبقات ونعتقد أن عباداتنا صحيحة ومقبولة فكيف ستأتى
الثمار المرجوة من العبادات إذا لم يتغير السلوك وفقا للحديث النبوى
الشريف : " من لم يدع قول الزور فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ".
الغاية من العبادة
يقول الدكتور أحمد سليمان – أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة
القاهرة –إن المسلم الصادق الذى يغتنم شهر الصيام يخرج من رمضان وقد ظهرت
عليهم آثار المغفرة، وآثار العتق من النار، وآثار التوبة، وصاروا خلقًا
جديدًا أحب إلى الله، وأقرب إليه، وأسرع إلى مرضاته، وقد علاه الخشوع
والخضوع والإقبال على الحق، والاستعداد للقاء الله جل وعلا ؟ ، فمن خرج
مغفورًا له خرج محبًّا لربه مقبلاً عليه متعلقًا به متوكلاً عليه واثقًا
فيما عنده، قد امتلأ قلبه من محبته ومن نوره ومن ذكره ومن الطمأنينة له ومن
الأنس به والشوق إلى لقائه والاستعداد لهذا اللقاء والمسارعة إلى طاعته
وبذل المال والنفس .
ويضيف أن المسلم إذا ذاق حلاوة العبادات التى أداها فى شهر رمضان إيمانا
واحتسابا وتقربا إلى الله فإنه سوف يتمسك بالاستمرار فيها طوال العام
فالذى يذوق حلاوة الصيام فى رمضان فإنه سيحرص على صيام يومى الاثنين
والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر ونفس الحال فى التراويح والقيام يمكن
للمسلم أن يؤدى القيام فى أى ليلة وهى سنة طوال العام فلماذا لا نحافظ
عليها بالإضافة إلى تخصيص ورد يومى لقراءة القرآن بحيث لا تكن القراءة فى
رمضان فقط لأن القرآن الكريم يأتى شفيعا لأصحابه يوم القيامة .
و أشار إلى إن انتشار البلطجة والأساليب البذيئة فى الحوار بين الناس
أدعى للتحلى بأخلاق رمضان طوال العام لكى نبتعد عن الغيبة والنميمة والكذب
ونزيد التحكم فى النفس ويضاف إلى ذلك الإحسان إلى الفقراء والمساكين و
تقديم المسلم المساعدة لكل محتاج سواء كانوا زملاء له أو أقارب أو جيران أو
سائل و العبادات فى رمضان ليست هى الغاية بل هى مقاصد لغايات أخرى لكى
نتغير ونصلح من أحوالنا فهناك يقين كامل بأن الإنسان إذا شعر بحلاوة
العبادة سيستمر فيها طوال العام مشيرا إلى أن علامات قبول الطاعة هى التى
تدفع المسلم إلى الاستمرار فى العبادات والطاعة .
محبة الله للعبد
و عن علامات حب الله قال الدكتور أحمد إن ذكر الله هو الأفضل من اللهو
والغفلة لذلك قال تعالى: «أنا جليس من ذكرنى » فهلا استأنس هذا الجليس؟
بربه ومحبوبه؟ أم كان أنسه بالناس واختلاطه بهم وإقباله عليهم وأنسه
بكلامهم.
كما يعد " قيام الليل " من أبرز العلامات التى تبين حال محبى ربهم المقبلين عليه الذين سلكوا الطريق إليه.
ويجب على كل مسلم صادق مع الله المسارعة فى الخيرات والتنافس لكى يصل
كل مسلم إلى الله تعالى ؛والمحبون لله تعالى هم من لم يبق لهم جهد ولا
مال ولا وقت إلا بذلوه لله تعالى ونحن نزهد فى طاعة الله تعالى لنوفر
الجهد والمال والوقت للرذائل للشهوات، للبعد، للغفلة، للفرص الكاذبة، إلى
غير ذلك من الأحوال الفاسدة التى تعلو هيئة المؤمنين وقلوبهم هذه الأيام ،
فلابد من هذه المسارعة لأن أيام الدنيا معدودة، وابن آدم عدة أيام، إذا
مضى يوم مضى بعضه حتى ينتهى إلى الله تعالى.
لذلك فلابد للعبد أن يفتح صفحة جديدة مع الله وعهدا جديدا شعاره الطاعات
ودفع المعاصى و بداية العهد الجديد مع الله تبدأ من أول يوم عقب انتهاء
شهر رمضان . وعدم اتباع وصية الشيطان بالبدء فى رمضان القادم حيث يوسوس
الشيطان للمؤمنين بأنهم لم يفوزوا بأى مغفرة أو رحمة فى رمضان حتى ييأسوا
من الاستعداد لفعل الطاعات ويثبطهم ويفعلوا ذلك كل رمضان ونجدهم قد عاهدوا
الله تعالى بمجرد أن يأتى رمضان هذا فسيستعدون له من أول يوم وسيبذلون
جهدهم ووقتهم، وسيصلون ويقومون ويعتكفون ويتصدقون ويفعلون ويفعلون، وكفى
ما مضى من رمضانات لم يستشعروا فيها مغفرة ولم يستشعروا فيها توبة ولا
عتقًا من النار، وجاء رمضان ودخل وخرج رمضان ، فلابد من البعد عن هذه
الوساوس واعتبار أن العام كله رمضان .
و حذر د .أحمد سليمان من الغرور بالطاعة التى أداها المسلم فى الشهر
المبارك فيقول لنفسه : أنا خرجت من رمضان وقد وفقت إلى العمل الصالح وفعلت
كذا وكذا وكذا من الأعمال الصالحة، ويؤكد له الشيطان أنه فعل الكثير من
الخيرات وعليه أن يكتفى بذلك ، وهذه ليست إلا مجرد تلبيسات أخرى من
الشيطان ليقعد المسلم عن العمل، وعن مواصلة السير إلى الله تعالى وفى هذا
الصدد لابد أن نذكر حديث رسول الله : « لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا :
ولا أنت ؟ قال : ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله تعالى برحمته» .
وعن أهمية المسارعة فى البدء عقب انتهاء رمضان قال : البدء من ليلة العيد
فمحاولة الوفاء بالعهد تقتضى منك أن تعاود ربك هذه الأيام أن تبدأ عهدك
من ليلة العيد بأن توفى مع الله تعالى ، فأهم الأيام التى يوفى فيها بعهده
بعد رمضان هذه الأيام الأولى من شوال،ولا يظن المرء أن أيام العيد هى
أيام التساهل ؛ لأن المرء إذا أحب ربه وأقبل عليه صعب عليه أن يتنازل عن
السير فى طريقه ، ومهما كانت الظروف فإنه لا يستوحش منه، بل ربه كما ذكرنا
أنيسه وذكيره وحبيبه وحاضره كما قال : «أنا جليس من ذكرني» وإذا كان
الخالق سبحانه جليسه فى الذكر وفى العبادة وفى غيرها فإنه يستوحش من غيره،
ولا يحب أن يختلط بغيره حتى لو اختلط بغيره، يختلط به فى المنفعة التى
تعود على قلبه بالسلامة لا يختلط بما يكون سببا فى أن يسهو قلبه عن الذكر
والعبادة، وهذه الخلطة ومفسداتها نراها فى أحوالنا يريد أن يقوم ليله لا
يستطيع لقسوة قلبه وثقل هذه الخلطة على القلب والغفلة.
ويضيف أن الحنين إلى الطاعة من أهم الأمور الواجبة للمسلم ويتحقق ذلك
بالمداومة فى الوقوف على باب الله تعالى ليفتح له أبواب الطاعة مرة أخرى،
وأن يثيبه على هذه النوايا الحسنة، وعلى هذا الإقبال الجيد على الله تعالى،
فإن هذا الحنين إلى الطاعة والشكر والحزن على ما فات، وأنه يبدأ فيوفى
بعهده مع الله تعالى فى هذه الأيام يوشك أن يعفو عنه سبحانه وتعالى، ويفتح
له هذه الأبواب من أبواب الطاعة والمغفرة.
ومع أن أيام العفو قد مضت إلا أن ارتباطه بها وركونه إليها وحزنه على
فواتها ومناشدته ربه سبحانه وتعالى أن يفتح عليه بهذه الأعمال من أعمال
الطاعة واستشعار حلاوتها والرجوع إليها يمكن أن يكون مصاحبة هذه الأحوال
الحسنة للعبد سبباً مرة أخرى فى أن يعفو عنه سبحانه وتعالى وأن يغفر له وأن
يعتقه من النار.
نقض الغزل
يقول الدكتور أحمد ربيع - عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر سابقا
– إننا جميعا قرأنا القرآن فى رمضان ومما قرآناه آية فى سورة النحل (
ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم
أن تكون أمة هى أربى من أمة ) فما أحوجنا إلى أن نتدبر هذه الآية بعد
رمضان لأننا أقبلنا على الطاعات وأخلصنا فى العبادة فى رمضان فلا ينبغى أن
ننقض العهد مع الله وصور المولى عز وجل نقض العهد معه بمثل فى هذه الآية
لا يفعله إلا المجانين كالتى ظلت تغزل الصوف على مغزلها حتى إذا انتهت
قامت بنقضه بعد ذلك بعد التعب الكبير الذى لقيته نقضته فالمسلم بعد أن
أكثر من الطاعات عليه ألا يخالف أوامر الله سبحانه وتعالى بعد رمضان وإلا
سيكون حاله كحال هذه المرأة المجنونة التى نقضت غزلها ، ودعا د. ربيع
إلى معالجة قضية أكل الأموال بالباطل فى محاولة للقضاء على ما انتشر بيننا
من سرقة واختلاس وفساد كما قال تعالى ( و لا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم
تعلمون ) مشيرا إلى أن هناك ارتباطا بين آيات كتاب الله و كأن الله يقول
للمسلمين كما امتنعتم عن الحلال الطيب فى نهار رمضان فعليكم أن تمتنعوا
عن الحرام فى بقية العام وهو ما نراه فى قضايا الأموال ونهب المال العام
فى عصرنا الحاضر .
وعلى كل مسلم أن يعرض نفسه على القرآن فهل وقفنا عند أوامره واتبعناها
وهل انتهينا عن النواهى فعلينا أن نتدبر معنى كل آية ونسعى لتحقيقها فى
حياتنا ويضاف إلى ذلك وصل الأرحام فليس فى رمضان فقط توصل الأرحام فينبغى
فعل ذلك طوال أيام العام.
**********
منقول[/size]
الاستمرار على الطاعة بعد انتهاء رمضان دليل قبول الطاعة
بعد انتهاء الموسم العظيم الذى اختصه الله تعالى بالفرص العظيمة للمسلمين
لينعموا فيه بالمغفرة والعتق من النار، فاز فيه من فاز بالمغفرة والرحمة
والعتق من النار وأخذ فى السير فى طريق الله تعالى ، وخاب من خاب وخسر،
وكلا الفريقين يحاسب عما فعل ونطرح فيما يلى توضيحا لكيفية محافظة المرء
على هذه الأحوال التى قد ثبت عليها فى رمضان و أن يشكر ربه على ما كان من
رحمة ومغفرة ، فكيف نستمر بعد رمضان حيث نجد أن هناك أناسا خرجوا من رمضان
وقد نالوا بركته وخيره واستمروا فى طاعتهم وآخرون يرجعون لسابق عهدهم بعد
أن تعبدوا فى الشهر الكريم وفريق ثالث لم يتعبدوا ولم يفوزوا ولم يشعروا
بأى نفحة من نفحات شهر القرآن ، ولكن المسلم الحق هو من يبدأ عهدا جديدا مع
الله ولا ييأس من رحمته ويسلم نفسه للشيطان ونزغاته فلا تزال نعم الله
تعالى تتوالى على المؤمنين فى الأيام القادمة .
المداومة على الطاعات
يقول الدكتور حامد أبو طالب – عميد كلية الشريعة والقانون السابق – إن
العبادات فى الإسلام شرعت لآثارها بمعنى أن الأثر هو الهدف فأداء الصلاة
لابد أن ينهى عن الفحشاء والمنكر وبالتبعية الصيام لابد أن يقوى إرادة
المسلم ويمكنه من ترك الحرام لأنه تعود على ذلك فإذا استطاع منع نفسه من
المباحات يسهل عليه كثيرا ترك المحرمات .
وأضاف أنه على المسلمين الاستمرار على أحوالهم فى رمضان بعد انتهاء الشهر
الكريم بالابتعاد عن المحرمات وعما نهوا عنه لكى تتحسن أخلاقهم وصفاتهم
وينعكس ذلك على حياتهم صدقا وأمانة وحبا للناس ونشرا للخير والفضيلة
وينصلح حال المجتمع إلى حد ما .
ويؤكد أن المسلم الذى لم يتغير حاله بعد رمضان فهذا مؤشرا على أن صيامه لم
يكن حقيقيا وإذا لم ينعكس ذلك على أدائه فى عمله وعلاقاته مع جيرانه
وأصدقائه فهذا يدل أيضا على عدم توافر الشروط الصحيحة لقبول الصيام ..
وطالب بضرورة الحذر والخوف من هذا السلوك أى بانتهاء أيام رمضان يعود إلى سابق عهده فلابد أن يغير الصوم النفوس .
وعن كيفية الاستمرار فى الطاعة قال :إن تهذيب النفس وتدريبها على السلوك
الحسن الذى يتناسب مع روح الإسلام هو أول السبل للاستمرار فى الطاعات التى
كانت تؤدى خلال شهر رمضان فليس صحيحا أن يعتقد المرء أن الأمر مجرد
عبادة سواء كانت صلاة أو صوم أو زكاة وما إلى ذلك وفى الوقت نفسه نستمر فى
الكذب والمعاصى والموبقات ونعتقد أن عباداتنا صحيحة ومقبولة فكيف ستأتى
الثمار المرجوة من العبادات إذا لم يتغير السلوك وفقا للحديث النبوى
الشريف : " من لم يدع قول الزور فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ".
الغاية من العبادة
يقول الدكتور أحمد سليمان – أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة
القاهرة –إن المسلم الصادق الذى يغتنم شهر الصيام يخرج من رمضان وقد ظهرت
عليهم آثار المغفرة، وآثار العتق من النار، وآثار التوبة، وصاروا خلقًا
جديدًا أحب إلى الله، وأقرب إليه، وأسرع إلى مرضاته، وقد علاه الخشوع
والخضوع والإقبال على الحق، والاستعداد للقاء الله جل وعلا ؟ ، فمن خرج
مغفورًا له خرج محبًّا لربه مقبلاً عليه متعلقًا به متوكلاً عليه واثقًا
فيما عنده، قد امتلأ قلبه من محبته ومن نوره ومن ذكره ومن الطمأنينة له ومن
الأنس به والشوق إلى لقائه والاستعداد لهذا اللقاء والمسارعة إلى طاعته
وبذل المال والنفس .
ويضيف أن المسلم إذا ذاق حلاوة العبادات التى أداها فى شهر رمضان إيمانا
واحتسابا وتقربا إلى الله فإنه سوف يتمسك بالاستمرار فيها طوال العام
فالذى يذوق حلاوة الصيام فى رمضان فإنه سيحرص على صيام يومى الاثنين
والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر ونفس الحال فى التراويح والقيام يمكن
للمسلم أن يؤدى القيام فى أى ليلة وهى سنة طوال العام فلماذا لا نحافظ
عليها بالإضافة إلى تخصيص ورد يومى لقراءة القرآن بحيث لا تكن القراءة فى
رمضان فقط لأن القرآن الكريم يأتى شفيعا لأصحابه يوم القيامة .
و أشار إلى إن انتشار البلطجة والأساليب البذيئة فى الحوار بين الناس
أدعى للتحلى بأخلاق رمضان طوال العام لكى نبتعد عن الغيبة والنميمة والكذب
ونزيد التحكم فى النفس ويضاف إلى ذلك الإحسان إلى الفقراء والمساكين و
تقديم المسلم المساعدة لكل محتاج سواء كانوا زملاء له أو أقارب أو جيران أو
سائل و العبادات فى رمضان ليست هى الغاية بل هى مقاصد لغايات أخرى لكى
نتغير ونصلح من أحوالنا فهناك يقين كامل بأن الإنسان إذا شعر بحلاوة
العبادة سيستمر فيها طوال العام مشيرا إلى أن علامات قبول الطاعة هى التى
تدفع المسلم إلى الاستمرار فى العبادات والطاعة .
محبة الله للعبد
و عن علامات حب الله قال الدكتور أحمد إن ذكر الله هو الأفضل من اللهو
والغفلة لذلك قال تعالى: «أنا جليس من ذكرنى » فهلا استأنس هذا الجليس؟
بربه ومحبوبه؟ أم كان أنسه بالناس واختلاطه بهم وإقباله عليهم وأنسه
بكلامهم.
كما يعد " قيام الليل " من أبرز العلامات التى تبين حال محبى ربهم المقبلين عليه الذين سلكوا الطريق إليه.
ويجب على كل مسلم صادق مع الله المسارعة فى الخيرات والتنافس لكى يصل
كل مسلم إلى الله تعالى ؛والمحبون لله تعالى هم من لم يبق لهم جهد ولا
مال ولا وقت إلا بذلوه لله تعالى ونحن نزهد فى طاعة الله تعالى لنوفر
الجهد والمال والوقت للرذائل للشهوات، للبعد، للغفلة، للفرص الكاذبة، إلى
غير ذلك من الأحوال الفاسدة التى تعلو هيئة المؤمنين وقلوبهم هذه الأيام ،
فلابد من هذه المسارعة لأن أيام الدنيا معدودة، وابن آدم عدة أيام، إذا
مضى يوم مضى بعضه حتى ينتهى إلى الله تعالى.
لذلك فلابد للعبد أن يفتح صفحة جديدة مع الله وعهدا جديدا شعاره الطاعات
ودفع المعاصى و بداية العهد الجديد مع الله تبدأ من أول يوم عقب انتهاء
شهر رمضان . وعدم اتباع وصية الشيطان بالبدء فى رمضان القادم حيث يوسوس
الشيطان للمؤمنين بأنهم لم يفوزوا بأى مغفرة أو رحمة فى رمضان حتى ييأسوا
من الاستعداد لفعل الطاعات ويثبطهم ويفعلوا ذلك كل رمضان ونجدهم قد عاهدوا
الله تعالى بمجرد أن يأتى رمضان هذا فسيستعدون له من أول يوم وسيبذلون
جهدهم ووقتهم، وسيصلون ويقومون ويعتكفون ويتصدقون ويفعلون ويفعلون، وكفى
ما مضى من رمضانات لم يستشعروا فيها مغفرة ولم يستشعروا فيها توبة ولا
عتقًا من النار، وجاء رمضان ودخل وخرج رمضان ، فلابد من البعد عن هذه
الوساوس واعتبار أن العام كله رمضان .
و حذر د .أحمد سليمان من الغرور بالطاعة التى أداها المسلم فى الشهر
المبارك فيقول لنفسه : أنا خرجت من رمضان وقد وفقت إلى العمل الصالح وفعلت
كذا وكذا وكذا من الأعمال الصالحة، ويؤكد له الشيطان أنه فعل الكثير من
الخيرات وعليه أن يكتفى بذلك ، وهذه ليست إلا مجرد تلبيسات أخرى من
الشيطان ليقعد المسلم عن العمل، وعن مواصلة السير إلى الله تعالى وفى هذا
الصدد لابد أن نذكر حديث رسول الله : « لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا :
ولا أنت ؟ قال : ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله تعالى برحمته» .
وعن أهمية المسارعة فى البدء عقب انتهاء رمضان قال : البدء من ليلة العيد
فمحاولة الوفاء بالعهد تقتضى منك أن تعاود ربك هذه الأيام أن تبدأ عهدك
من ليلة العيد بأن توفى مع الله تعالى ، فأهم الأيام التى يوفى فيها بعهده
بعد رمضان هذه الأيام الأولى من شوال،ولا يظن المرء أن أيام العيد هى
أيام التساهل ؛ لأن المرء إذا أحب ربه وأقبل عليه صعب عليه أن يتنازل عن
السير فى طريقه ، ومهما كانت الظروف فإنه لا يستوحش منه، بل ربه كما ذكرنا
أنيسه وذكيره وحبيبه وحاضره كما قال : «أنا جليس من ذكرني» وإذا كان
الخالق سبحانه جليسه فى الذكر وفى العبادة وفى غيرها فإنه يستوحش من غيره،
ولا يحب أن يختلط بغيره حتى لو اختلط بغيره، يختلط به فى المنفعة التى
تعود على قلبه بالسلامة لا يختلط بما يكون سببا فى أن يسهو قلبه عن الذكر
والعبادة، وهذه الخلطة ومفسداتها نراها فى أحوالنا يريد أن يقوم ليله لا
يستطيع لقسوة قلبه وثقل هذه الخلطة على القلب والغفلة.
ويضيف أن الحنين إلى الطاعة من أهم الأمور الواجبة للمسلم ويتحقق ذلك
بالمداومة فى الوقوف على باب الله تعالى ليفتح له أبواب الطاعة مرة أخرى،
وأن يثيبه على هذه النوايا الحسنة، وعلى هذا الإقبال الجيد على الله تعالى،
فإن هذا الحنين إلى الطاعة والشكر والحزن على ما فات، وأنه يبدأ فيوفى
بعهده مع الله تعالى فى هذه الأيام يوشك أن يعفو عنه سبحانه وتعالى، ويفتح
له هذه الأبواب من أبواب الطاعة والمغفرة.
ومع أن أيام العفو قد مضت إلا أن ارتباطه بها وركونه إليها وحزنه على
فواتها ومناشدته ربه سبحانه وتعالى أن يفتح عليه بهذه الأعمال من أعمال
الطاعة واستشعار حلاوتها والرجوع إليها يمكن أن يكون مصاحبة هذه الأحوال
الحسنة للعبد سبباً مرة أخرى فى أن يعفو عنه سبحانه وتعالى وأن يغفر له وأن
يعتقه من النار.
نقض الغزل
يقول الدكتور أحمد ربيع - عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر سابقا
– إننا جميعا قرأنا القرآن فى رمضان ومما قرآناه آية فى سورة النحل (
ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم
أن تكون أمة هى أربى من أمة ) فما أحوجنا إلى أن نتدبر هذه الآية بعد
رمضان لأننا أقبلنا على الطاعات وأخلصنا فى العبادة فى رمضان فلا ينبغى أن
ننقض العهد مع الله وصور المولى عز وجل نقض العهد معه بمثل فى هذه الآية
لا يفعله إلا المجانين كالتى ظلت تغزل الصوف على مغزلها حتى إذا انتهت
قامت بنقضه بعد ذلك بعد التعب الكبير الذى لقيته نقضته فالمسلم بعد أن
أكثر من الطاعات عليه ألا يخالف أوامر الله سبحانه وتعالى بعد رمضان وإلا
سيكون حاله كحال هذه المرأة المجنونة التى نقضت غزلها ، ودعا د. ربيع
إلى معالجة قضية أكل الأموال بالباطل فى محاولة للقضاء على ما انتشر بيننا
من سرقة واختلاس وفساد كما قال تعالى ( و لا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم
تعلمون ) مشيرا إلى أن هناك ارتباطا بين آيات كتاب الله و كأن الله يقول
للمسلمين كما امتنعتم عن الحلال الطيب فى نهار رمضان فعليكم أن تمتنعوا
عن الحرام فى بقية العام وهو ما نراه فى قضايا الأموال ونهب المال العام
فى عصرنا الحاضر .
وعلى كل مسلم أن يعرض نفسه على القرآن فهل وقفنا عند أوامره واتبعناها
وهل انتهينا عن النواهى فعلينا أن نتدبر معنى كل آية ونسعى لتحقيقها فى
حياتنا ويضاف إلى ذلك وصل الأرحام فليس فى رمضان فقط توصل الأرحام فينبغى
فعل ذلك طوال أيام العام.
**********
منقول[/size]