فيا عظم الخسارة وياهلاك الأمر - للشيخ عبدالوهاب العمري

بدأ فضيلة الشيخ خطبته بحمد الله
وتوحيده والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , ثم ذكر
فضيلته المصلين بتقوى الله وتلا الآيات التي تحث على تقوى الله.
ثم قال فضيلته: أيها المسلمون أيها المؤمنون أيها المتوضؤون
المتطهرون أيها المصلون المخبتون الوجلون يامن جمعكم الله في بيت من بيوته
خرجتم في هجير الظهيرة ترجون رحمته وتخافون عقابه إن أعز شيء عندكم دينكم
وأغلا ماعندكم إيمانكم تستمعون دوماً قول الله تعالى: (( ياأيها الذين
آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وانتم مسلمون )) فأراكم تفتدون
إسلامكم وإيمانكم بأرواحكم وبأموالكم وأهليكم وبالدنيا وما فيها فحق لكم
ذلك ولا أزكيكم على الله لكن الواجب على المؤمن الذي ذاق حلاوة الإيمان في
قلبه فأصبح حاله كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه
وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب
المرء لايحبه إلافي الله وان يكره المرء لايكرهه إلا لله وأن يكره ان يعود
في الكفر كما يكره أن يلقى في النار )) . نعم حال المؤمن أنه يكره الكفر
كما يكره أن يلقى في النار أجارنا الله وإياكم من نار الدنيا والآخرة .
عباد الله : ومن العجب أن نجد في مجتمعاتنا من يصلي ويصوم
ومن يحج ويعتمر ومن يشهد أن لاإله إلاالله وأن محمد رسول الله ولكنه إذا
سيم بأمر يكرهه من الم أو مرض أو ظلم أو فقد حبيب أو ضياع ضائعة ساوم
ولوبدينه وقدم إيمانه قرباناً ليصل إلى مافقده أو ليجبر فيما أصيب [ فيا
عظم الخسارة وياهلاك الأمر ] إنا والله نسمع في مجتمعاتنا بأمور ماكنا نسمع
بها في الأمم السابقة . جر كثير من الناس إلى هذه المغامرات ضعف الدين
وضعف الإيمان وكثرة الضغوط وسهولة الإتصال والإغراء الذي أصاب الناس
بمجارات الأمم الأخرى التي لادين لها فزينوا لكثير من الناس ماهم فيه من
الباطل وروجوا لكثيرمن الناس ماهم فيه من الباطل وروجوا لكثير من الناس
ماهم فيه من الكفر فانطلت على ضعفاء القلوب والعقول كثير من شبههم فتسارعوا
في بيع
( الدين ) لتحصيل الدنيا .
عباد الله : يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم : (( اجتنبوا
السبع الموبقات الشرك بالله , والسحر )) فجعل السحر قرين الشرك كيف لاء ,
والله يقول عن اليهود الملاعين : (( واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك
سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وماأنزل على
الملكين ببابل هاروت وماروت ومايعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا
تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من
أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولاينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله
في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لوكانوا يعلمون )) البقرة102- (
لمن اشتراه): أي السحر ( ماله في الآخرة من خلاق ) السحر كفر مخرج من
الملة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل السحرة وقال : (( ليس منا من تطير
أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو تسحر أو تسحر له )) .
وقال : (( من أتى كاهناً أوعرافاً لم تقبل له صلاة أربعين
يوماً )) وإن صدقه كفر بما أنزل على محمد , هذا السحر والكفر والكهانة
والعرافة كلها مسميات لشيء واحد متقارب وتختلف في الأفعال , اليهود عليهم
لعائن الله يعلمون أن السحر كفر فخدعهم الشيطان حين ملك سليمان ذلك الملك
العظيم الذي دعا الله عزوجل أن يهبه له فوهبه له (( قال رب اغفرلي وهب لي
ملكاً لاينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )) فاستجاب الله له فسخر له
الجن والإنس والطير وجعل تحت ملكه مردة الشياطين يأمرهم بما يشاء فيعملون
له مايشاء من القصور والقدور والأسلحة العظيمة الخارقة ومازال يملكهم عليه
السلام حتى أنهم لما مات جاءه الموت وهو على كرسيه متكيء على عصاه وضع رأسه
على قبضة يده التي تقبض العصى فقبضه ملك الموت على هذا الحال واستمر الجن
تحت أمره يعملون وماعلموا أنه مات حتى أكلت دابة الأرض عصاه فلما خر ساقطاً
(( علمت الجن أن لوكانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين )) أذل
الشياطين له فذهب الشيطان الرجيم بعد موته بكتب السحر فدفنها تحت كرسيه
وأوحى إلى بني إسرائيل بأن سليمان إنما كان يحكمكم بالسحر . فبالسحر سخر
الشياطين وغير عليكم الحقائق وهذه الكتب تحت كرسيه فبحثوا عنها فوجدوها
فكانت اليهود تبغض سليمان وتتهمه بالسحر وتلعنه عليهم لعائن الله فنزل في
القرآن تبرأته عليه السلام واتهامهم بالسحر هم بالسحر وتبرأته فقال : ((
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )) .
السحر عباد الله : كما جاء في الاية التي سمعتموها ياتيه من
يتسحر ليفرق بين المرء وزوجه أو بين المرء وأخيه أو بين المرء وصديقه أو
بين المرء وقرابته فيعمل بينهم الفرقة والشتات , ومنه سحر العطف كما في
الحديث قال صلى الله عليه وسلم : (( إن التمائم والتولة شرك )) والتولة سحر
يعمل ليعطف الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها , ومنه سحر التخييل الذي
فعله سحرة فرعون لفرعون حتى ذكر الله عن موسى : (( أنه يخيل إليه من سحرهم
أنها تسعى )) فيوهمون الناس أن هذه الخيوط أو الحبال أو ما وضعوا فيه سحرهم
يتحرك ويقف ويجيء ويأتمر بأمرهم ، فيخيلون للناس هذه الخيالات وإنما هي
الشياطين تقوم بمثل ذلك ، ومنه سحر التوهيم عندما يسحرون الإنسان فيظن أنه
فعل الشيء وهو لم يفعله أو أنه أتى الشيء وهو لم يأته كسحر لبيد بن الأعصم
اليهودي عليه لعنة الله عندما سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يخيل
إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله حتى نزلت رقيته من السماء فنزل الله عليه
المعوذتين ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) فنزل ملكان
فرقياه بها صلى الله عليه وسلم فقام بعدها كأنما نشط من عقال .
السحر حقيقة جعله الله فتنة للناس ومن دخله كفر .
ثم ذكر فضيلته : قصة المرأة التي جاءت عند أم المؤمنين
عائشة رضي الله تعالى عنها تسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته
وتعلمت السحر ببابل في العراق بسبب ذهاب زوجها عنها ورأت فارساً يخرج منها
بعدما تعلمت السحر وقيل لها ذلك إيمانك قد خرج منك ،وذكر أن الصحابة لم
يتجرأ أحد منهم أن يفتيها كيف تتخلص من السحر وكيف ترجع إلى الإيمان بعد
الكفر إنه أمر عظيم .
عباد الله : وأرسل عمر بن الخطاب إلى عامله في البصرة أن
اقتلوا كل ساحر وساحرة قال الراوي : فقتلنا في يوم واحد ثلاث سواحر وفي
الحديث عن إحدى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه
وسلم : (( حد الساحر ضربة بالسيف )) السحر شرعظيم ووبال شديد خطره أعظم من
خطر الزنى وأعظم من خطر شرب الخمر وأعظم خطراً من قطع الطريق خطره يشتت
الجماعات ويفرق الأهل والقرابات ويبدل الأفكار ويخرج الناس من الإيمان إلى
الكفر إن كان هذا في الزمان الماضي فما رأيكم في زماننا اللهم ربنا أجرنا
من السحر . عندما سهل الإتصال بالسحرة وزين لكثير من الناس اللجوء إليهم
نسمع في بيئتنا من إذا بطلت عواطف زوجها ماكان بينها وبين الساحر إلا أن
ترفع سماعة الهاتف فتستأمره فيأمرها وتحول له الحوالات عن طريق البنوك
وماأسهلها فيلقي إليها بأوامره ويفرق بينها وبين الإيمان أبعد مما بين
المشرق والمغرب ثم ماذا بعد ذلك اسألوا عن الأمراض النفسية والمصحات
النفسية واسألوا عن البيوت ماذا فيها من الهول والأمور العظائم والفجائع
النكرات ماسببها تسلط السحرة على هذه البلاد ولما فتحت القنوات التي تدعوا
إلى السحر وتروجه كانت الإحصائيات مخيفة حينما أنبأت أن أكثر من يتصل بهذه
القنوات الخبيثة الفاجرة هم من أهل هذه البلاد إنا لله وإنا إليه راجعون
شباب وفراغ وجدة كلها مفسدة للمرء واي مفسدة حينما تتمتع كثير من النفوس
الضعيفة بسبب كثرة المال والفراغ والعواطف الجياشة والحسد والبغض ويسعون
إلى مايريدوه عن طريق هؤلاء السحرة الفجرة ولماراجت أفكار السحر اصبحنا
نسمع بين حين وحين بالسحرة يتصلون بكثير من أبناء المسلمين فإذا رفع سماعة
الهاتف اتصل به وقال أنت فلانه أنا رأيتك البارحة في خلوتي ودعوة الله لك
ورأيتك قد أصابك السحر في كذا وكذا وكذا أنت فلان واسم زوجتك فلانه وبيتكم
في مكان كذا وبابكم لونه كذا حتى يوهمه ويدير مخه على غير الإتجاه الصحيح
ويقول ماذا أفعل قال حول لي كذا وكذا وياتيك العلاج فتنطلي هذه الأفكار عى
كثير من الضعفة العقول والمهزوزين في الإيمان والمتخلفين عن الجمع
والجماعات والمقصرين في أذكار الصباح والمساء فيقعون في ألوان مخيفة من
السحر هذه أمراض الإكتئاب وحب التخلف عن الناس والخجل الإجتماعي والرهاب
والقلق وحب البطش بالناس والعصبية والحوادث المخيفة التي نسمع بها حتى أن
المرء يقتل ابنه والمرأة تقتل إبنها مالذي حصل إنها زلزلة الشياطين للعقول
إنها زلزلت هؤلاء السحرة الفجرة عن طريق هؤلاء الضعفة فيتسلطون على عباد
الله ويؤذون المؤمنين في بيوتهم وفي خصائصهم , إنه قبل أن يكون مضراً ضرراً
حسياً فهو مضر ضرراً معنوياً هائلاً مخيفاً ليخرج الناس من الإيمان إلى
الكفر , والله ياأخي لوقطعت ألف قطعة واحرقت في دار الدنيا لهو أهون عليك
أن تخرج من دينك باختيارك فتدخل في الكفر باختيارك إكره أن تعود في الكفر
كما تكره أن تلقى في النار وإلا فلن تجد حلاوة الإيمان في جنبك كما أنبأنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالحذر الحذر عباد الله من هذه الإملاءات الخبيثة فقد سهل
الإتصال بهم عن طريق الهاتف وعن طريق الشات وغيره في الشبكة العنكبوتية وعن
طريق الإتصال المباشر في القنوات الفضائية , وإذالم يحمي الإنسان نفسه ثم
يحمي أهله ويقي نفسه وأهله ناراً وقودها الناس والحجارة فقد هلك وقد هلك
المجتمع فإن بداية انهدام السور إنما هو بزوال لبنة من لبناته . فإذا هدم
بيت من بيوت المسلمين بسبب السحر والسحرة والكهانة فما أسرع أن ينهدم السور
كله إلاأن يتداركه الله بالمصلحين الذين يصلحون ماأفسد الناس . فاتقوا
الله عباد الله وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه. قريباً أخبرت أن رجلاً فقد
قريبة له فما أسرع أن ذهب إلى ساحرة يسألها أين المفقود الذي فقدناه فضحكت
عليه هذه الساحرة وأخبرته بأنها في مكان كذا وما رجع إلى بيته إلاوهي في
بيته قد وجدت في غير ذلك المكان يخدعون الناس ويعبثون بعقولهم ويأكلون
أموال الناس بالباطل ويضيعون أكبر من ذلك وأهم وهو ( الدين ) ثم كانت
المصيبة أعظم حينما وجدهذا الذي ذهب إلى السحرة من يعينه على فعله ويؤيده
ليصون عرضه بالذهاب إلى السحرة ليبحث عما فقده لابارك الله بعد الدين في
العرض ولافي المال ولامافي الدنيا ولامافيها دينك أهم ماعندك فإنك إن أتيت
ساحراً فقد كفرت بما أنزل على محمد وإن لم تصدقه وإنما إتيان فقط فإنها
لاتقبل لك صلاة أربعين يوما ً فما حظك في الإسلام بعد ترك الصلاة أربعين
يوماً .
عباد الله استمسكوا بدينكم واصبروا على مايصيبكم واعلموا أن
الله كافيكم (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله الله بالغ أمره قد
جعل الله لكل شيء قدرا )) . استغفر الله لي ولكم .