الافتقار إلى
الله هو عين الغنى، والتذلُّل له سبحانه هو العزُّ الذي لا يُجارى، والدعاء هو سمة
العبودية، والله -سبحانه- يحب أن يسأله العباد جميع حاجاتهم، في الحديث القدسي قال
الله -عزَّ وجل-: ( يا عبادي كلكم ضال إلَّا من هديته، فاستهدوني؛ أهدكم، يا عبادي
كلكم جائع إلَّا من أطعمته، فاستطعموني؛ أطعمكم) [1].
والربُّ لا يعبأ بعباده لولا ضراعتهم إليه، قال عزَّ وجل: { قُلْ مَا يَعْبَأُ
بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ
لِزَامًا} [الفرقان: 77].
والدعاء من صفات أنبياء الله وأصفيائه، { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}
[الأنبياء: 90]، وإمام الحنفاء إبراهيم -عليه الصلاة السلام- يقول: { وَأَدْعُو
رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:
48].
الدعاء
روضة القلب وجنة الدنيا، عبادةٌ ميسورة، مطلقةٌ غير مقيدة بمكان ولا بزمان ولا حال،
دعاء في الليل والنهار، وتضرُّع في البر والبحر، وحين الإقامة والسفر، نفعه يلحق
الأحياء في دنياهم، والأموات في لحودهم، قال -عليه الصلاة السلام-: ( أو ولد صالح
يدعو له) [2].
الدعاء يكشف
بفضل الله البلايا والمصائب، ويمنع وقوع العذاب والهلاك، وهو سلاح المؤمن، لا شيء
من الأسباب أنفع ولا أبلغ في حصول المطلوب منه، هو عدو البلاء يدافعه ويعالجه،
ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخفِّفه إذا نزل، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أنا
لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن أحمل همَّ الدعاء، فإذا أُلْهِمت الدعاء؛ فإنَّ معه
الإجابة".
فلا شيء أكرم
على الله منه، ما استُجْلِبت النعم ولا استُدْفِعت النقم بمثله، به تُفْرَج الهموم
وتزول الغموم، كفاه شرفًا قرب الله من عبده حال الدعاء، وأعجز الناس من عجز عن
الدعاء، وأضعفهم رأيًا، وأدناهم همة من تخلَّف عن النداء.
الدعاء
هو عين المنفعة ورجاء المصلحة، ودعاء المسلم بين يدي جوادٍِ كريم، يعطي ما يُسأل
إمَّا معجَّلًا وإمَّا مؤجَّلًا، قال ابن حجر -رحمه الله-: "كل داع يُستجاب له، لكن
تتنوع الإجابة، فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بِعِوضه".
بالدعاء تسمو النفس، وتعلو الهمم، ويُقْطَع الطمع مما في أيدي الخلق، وكلما اشتد
الإخلاص وقَوِي الرجاء؛ كلما كانت الإجابة أحرى، قال يحيى بن معاذ -رحمه الله-: "من
جمع الله عليه قلبه في الدعاء، لم يُرَد".
فأطب مطعمك
ومشربك، وتعفَّف عن الشبهات، وقدِّم بين يدي دعائك عملًا صالحًا، ونادي ربك بقلب
حاضر وصوت خافت، زكريا -عليه السلام- نادى ربه نداء خفيًا، { هَبْ لِي مِن
لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: 38]، فرزقه الله يحيى
نبيًا.
وتحرى
من الأوقات الفاضلة والأحوال الصالحة أرجاها، وإذا دعوت؛ فاستكثر ربك الخير
في دعائك، قال -عليه الصلاة السلام-: ( إذا دعا أحدكم؛ فلا يقل: اللهم اغفر لي إن
شئت، لكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإنَّ الله لا يتعاظمه شيء أعطاه) [3].
والساجد من ربه قريب، حريٌ أن يُعْطَى سُؤْلَه، وتجنَّب الدعاء على أهلك ونفسك
ومالك، قال -عليه الصلاة السلام-: ( لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم،
ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافق من الله ساعة يُسْأَل فيها عطاء، فيستجيب
لكم) [4].
ولا تستبطئ
الإجابة، وألحَّ على الله في المسألة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مكث يدعو على
رِعَل وذَكوان شهرًا.
وربك حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يده إليه أن يردَّها صفرًا، فادع وربك الأكرم،
وألقِ نفسك بين يديه، وسلّم الأمر كله إليه، واعزم المسألة، وأعظم الرغبة، فما ردَّ
سائله، ولا خاب طالبه، وأظْهِر الشكوى إلى الله والافتقار إليه، فهو جابر
المنكسرين، وإله المستضعفين، قال يعقوب -عليه السلام- { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} [يوسف : 86]، فهو تعالى صاحب كلِّ نجوى، وسامع كل
شكوى، وكاشف كل بلوى، يده تعالى ملأى لا تغيضها نفقة، سحاءُ الليل والنهار، ما
أُمِّل تعالى في نائبة فخيَّبها، وما رُجِي لعظيمة فقطعها، لا يؤمَّل لكشف الشدائد
سواه، بيده مفاتيح الخزائن، بابه مفتوح لمن دعاه، فاستعمل لكلِّ بلية تطرقك حسن
الظن بالله في كشفها، ومن ظنَّ بربه خيرًا؛ أفاض عليه جزيل خيراته، وأسبل عليه جميل
تفضُّلاته، ولازم الطلب؛ فالمعطي كريم، والكاشف قدير، ولا تستعجل الإجابة إذا دعوت،
ولا تستبطئها إذا تأخَّرت، ومن يكثِر قرع الأبواب؛ يُوشَك أن يُفْتَح له، وإذا
تزخرف الناس بطيب الفراش؛ فارفع أكف الضراعة إلى المولى في دُجَى الأسحار؛ إذ
يناديك ربك في ظلمائها: من يدعوني فأستجيب له.
والدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَد، ودعوة الوالد لولده مستجابة، فأكثر أيُّها
الأب من الدعاء لأبنائك بالهداية وملازمة السعادة والعصمة من الفتن.
ودعوة
المسلم لأخيه الغائب مسموعة، والملَك يؤمِّن على دعوته، والبارُّ بوالديه دعوته لا
تُرَد، وفي الجمعة ساعة مستجابة.
ومن
حلَّت به نوائب الدهر، وجَأَر إلى الله؛ حماه، قال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]، أُلْقِي يونس
-عليه السلام- في بطن الحوت، وبالدعاء نُبِذ بالعراء من غير أذى، قال -عليه الصلاة
السلام-: ( دعوة ذي النون لا إله إلَّا أنت سبحانك إنِّي كنت من الظالمين، لم يدعُ
بها رجل مسلم في شيء قط إلَّا استجيب له)، وفي لفظ: ( لا يقولها مكروب
إلَّا فرَّج الله عنه) [5].
بدعوة
تتقلب الأحوال، فالعقيم يُولَد له، والسقيم يُشْفَى، والفقير يُرْزَق، والشقي
يَسْعَد، فاقرع أبواب السماء وواصل الدعاء، وبُثَّ إلى الجبار اللأواء؛ فهو ملجأ
المستضعفين، ومستجيب الداعين، قال ابن عقيل -رحمه الله-: "يُستجاب الدعاء بسرعة
للمخلص والمظلوم"، وإذا أقبل اليُسر، وحلَّ الفرج، واستجيب الدعاء، وزالت الغموم،
فاحمد الله على ما استجاب؛ ففي الحمد شكر وزيادة النعم، فاجتهد في الدعاء، وأفرده
بالنداء، واغتنم ساعات الليل، فلن يهلك مع الدعاء أحد، والسعيد من وُفِّق
لذلك.
الله هو عين الغنى، والتذلُّل له سبحانه هو العزُّ الذي لا يُجارى، والدعاء هو سمة
العبودية، والله -سبحانه- يحب أن يسأله العباد جميع حاجاتهم، في الحديث القدسي قال
الله -عزَّ وجل-: ( يا عبادي كلكم ضال إلَّا من هديته، فاستهدوني؛ أهدكم، يا عبادي
كلكم جائع إلَّا من أطعمته، فاستطعموني؛ أطعمكم) [1].
والربُّ لا يعبأ بعباده لولا ضراعتهم إليه، قال عزَّ وجل: { قُلْ مَا يَعْبَأُ
بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ
لِزَامًا} [الفرقان: 77].
والدعاء من صفات أنبياء الله وأصفيائه، { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}
[الأنبياء: 90]، وإمام الحنفاء إبراهيم -عليه الصلاة السلام- يقول: { وَأَدْعُو
رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:
48].
الدعاء
روضة القلب وجنة الدنيا، عبادةٌ ميسورة، مطلقةٌ غير مقيدة بمكان ولا بزمان ولا حال،
دعاء في الليل والنهار، وتضرُّع في البر والبحر، وحين الإقامة والسفر، نفعه يلحق
الأحياء في دنياهم، والأموات في لحودهم، قال -عليه الصلاة السلام-: ( أو ولد صالح
يدعو له) [2].
الدعاء يكشف
بفضل الله البلايا والمصائب، ويمنع وقوع العذاب والهلاك، وهو سلاح المؤمن، لا شيء
من الأسباب أنفع ولا أبلغ في حصول المطلوب منه، هو عدو البلاء يدافعه ويعالجه،
ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخفِّفه إذا نزل، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أنا
لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن أحمل همَّ الدعاء، فإذا أُلْهِمت الدعاء؛ فإنَّ معه
الإجابة".
فلا شيء أكرم
على الله منه، ما استُجْلِبت النعم ولا استُدْفِعت النقم بمثله، به تُفْرَج الهموم
وتزول الغموم، كفاه شرفًا قرب الله من عبده حال الدعاء، وأعجز الناس من عجز عن
الدعاء، وأضعفهم رأيًا، وأدناهم همة من تخلَّف عن النداء.
الدعاء
هو عين المنفعة ورجاء المصلحة، ودعاء المسلم بين يدي جوادٍِ كريم، يعطي ما يُسأل
إمَّا معجَّلًا وإمَّا مؤجَّلًا، قال ابن حجر -رحمه الله-: "كل داع يُستجاب له، لكن
تتنوع الإجابة، فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بِعِوضه".
بالدعاء تسمو النفس، وتعلو الهمم، ويُقْطَع الطمع مما في أيدي الخلق، وكلما اشتد
الإخلاص وقَوِي الرجاء؛ كلما كانت الإجابة أحرى، قال يحيى بن معاذ -رحمه الله-: "من
جمع الله عليه قلبه في الدعاء، لم يُرَد".
فأطب مطعمك
ومشربك، وتعفَّف عن الشبهات، وقدِّم بين يدي دعائك عملًا صالحًا، ونادي ربك بقلب
حاضر وصوت خافت، زكريا -عليه السلام- نادى ربه نداء خفيًا، { هَبْ لِي مِن
لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: 38]، فرزقه الله يحيى
نبيًا.
وتحرى
من الأوقات الفاضلة والأحوال الصالحة أرجاها، وإذا دعوت؛ فاستكثر ربك الخير
في دعائك، قال -عليه الصلاة السلام-: ( إذا دعا أحدكم؛ فلا يقل: اللهم اغفر لي إن
شئت، لكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإنَّ الله لا يتعاظمه شيء أعطاه) [3].
والساجد من ربه قريب، حريٌ أن يُعْطَى سُؤْلَه، وتجنَّب الدعاء على أهلك ونفسك
ومالك، قال -عليه الصلاة السلام-: ( لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم،
ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافق من الله ساعة يُسْأَل فيها عطاء، فيستجيب
لكم) [4].
ولا تستبطئ
الإجابة، وألحَّ على الله في المسألة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مكث يدعو على
رِعَل وذَكوان شهرًا.
وربك حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يده إليه أن يردَّها صفرًا، فادع وربك الأكرم،
وألقِ نفسك بين يديه، وسلّم الأمر كله إليه، واعزم المسألة، وأعظم الرغبة، فما ردَّ
سائله، ولا خاب طالبه، وأظْهِر الشكوى إلى الله والافتقار إليه، فهو جابر
المنكسرين، وإله المستضعفين، قال يعقوب -عليه السلام- { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} [يوسف : 86]، فهو تعالى صاحب كلِّ نجوى، وسامع كل
شكوى، وكاشف كل بلوى، يده تعالى ملأى لا تغيضها نفقة، سحاءُ الليل والنهار، ما
أُمِّل تعالى في نائبة فخيَّبها، وما رُجِي لعظيمة فقطعها، لا يؤمَّل لكشف الشدائد
سواه، بيده مفاتيح الخزائن، بابه مفتوح لمن دعاه، فاستعمل لكلِّ بلية تطرقك حسن
الظن بالله في كشفها، ومن ظنَّ بربه خيرًا؛ أفاض عليه جزيل خيراته، وأسبل عليه جميل
تفضُّلاته، ولازم الطلب؛ فالمعطي كريم، والكاشف قدير، ولا تستعجل الإجابة إذا دعوت،
ولا تستبطئها إذا تأخَّرت، ومن يكثِر قرع الأبواب؛ يُوشَك أن يُفْتَح له، وإذا
تزخرف الناس بطيب الفراش؛ فارفع أكف الضراعة إلى المولى في دُجَى الأسحار؛ إذ
يناديك ربك في ظلمائها: من يدعوني فأستجيب له.
والدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَد، ودعوة الوالد لولده مستجابة، فأكثر أيُّها
الأب من الدعاء لأبنائك بالهداية وملازمة السعادة والعصمة من الفتن.
ودعوة
المسلم لأخيه الغائب مسموعة، والملَك يؤمِّن على دعوته، والبارُّ بوالديه دعوته لا
تُرَد، وفي الجمعة ساعة مستجابة.
ومن
حلَّت به نوائب الدهر، وجَأَر إلى الله؛ حماه، قال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]، أُلْقِي يونس
-عليه السلام- في بطن الحوت، وبالدعاء نُبِذ بالعراء من غير أذى، قال -عليه الصلاة
السلام-: ( دعوة ذي النون لا إله إلَّا أنت سبحانك إنِّي كنت من الظالمين، لم يدعُ
بها رجل مسلم في شيء قط إلَّا استجيب له)، وفي لفظ: ( لا يقولها مكروب
إلَّا فرَّج الله عنه) [5].
بدعوة
تتقلب الأحوال، فالعقيم يُولَد له، والسقيم يُشْفَى، والفقير يُرْزَق، والشقي
يَسْعَد، فاقرع أبواب السماء وواصل الدعاء، وبُثَّ إلى الجبار اللأواء؛ فهو ملجأ
المستضعفين، ومستجيب الداعين، قال ابن عقيل -رحمه الله-: "يُستجاب الدعاء بسرعة
للمخلص والمظلوم"، وإذا أقبل اليُسر، وحلَّ الفرج، واستجيب الدعاء، وزالت الغموم،
فاحمد الله على ما استجاب؛ ففي الحمد شكر وزيادة النعم، فاجتهد في الدعاء، وأفرده
بالنداء، واغتنم ساعات الليل، فلن يهلك مع الدعاء أحد، والسعيد من وُفِّق
لذلك.