الغاية من الخلق
إن الله خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات لغاية يريدها، وحكمة يعلمها، ولم يخلقهم سدى، ولم يتركهم هملاً.
ولذلك فقد أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبين طريق السعادة ليسلك السالكون فيها، وطريق الغواية ليحذر منها ومن الاقتراب منها.
ولقد خلق الله الجن والإنس لغاية عظيمة سامية بها حياتهم وسعادتهم إنهم قاموا بها، قال الله - تعالى-:{ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. وقال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.
فالغاية من خلق الخلق هي عبادته وحده لا شريك له، ولكن للأسف الشديد هناك كثير من الناس ما لم يعرفوا الغاية التي لأجلها خلقوا، وبالتالي هم يعيشون عيشة أشبه بعيشة البهائم، قال الله عنهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}. وقال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } .
وهؤلاء الكفار والمشركين. مع أن الجن والإنس وكل المخلوقات تعبد الله وتوحده وتسحبه وتسجد له، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء}.
وقال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
ولكن هناك :{وكثير من الناس حق عليه العذب} وبالتالي كفر وتعتى وظلم، فأهان نفسه وأوبقها {ومن يهن الله فما له من مكرم}.
ومما لا محيد عنه أن لم يعبد الله فإنه سيعبد غير ه، من هوى أو نفس أو شيطان أو جاه أو منصب، أو صورة، أو دينار أو درهم، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش " رواه البخاري.
وقال ابن القيم:
هربوا من الرق الذي خلقوا له قبلوا برق النفس والشيطان
وهناك فئة من الناس عرفوا الغاية التي لأجلها خلقوا، ولكنهم قصروا وأساءوا، وأضلوا الطريق فعبدوا الله على جهل، وابتدعوا في دين الله مالم يأذن به الله، أو أخذ جزءً من العبادة وتركوا الجزء الآخر، ولم يفهموا معنى العبادة الشاملة التي عبر عنها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
فالعبادة تشمل كل عمل ديني، وكل عمل دنيوي مباح وذلك إذا قصد بفعله وجه الله والتعبد والاحتساب بذلك لله وحده لا شريك له.
فإن من أكل ليتقوى على طاعة الله فهو مأجور، ومن تزوج ليعف نفسه ويحصن فرجه ويقيم أسرة مسلمة صالحة فإنه مأجور - بإذن الله-.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب - رحمهم الله- : ومعنى الآية:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أن الله - تعالى - أخبر أنه ما خلق الإنس والجن إلا لعبادته، فهذه هي الحكمة - الغاية- في خلقهم، ولم يرد منهم ما تريده السادة من عبيدها من الإعانة لهم بالرزق والإطعام، بل هو الرزاق ذو القوة المتين، الذي يُطعم ولا يطعم؛ كما قال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ}.
وقد قال تعالى: (({مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }.
ثم قال - رخمه الله-: وعبادته هي طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وذلك هو حقيقة دين الإسلام؛ لأن معنى الإسلام هو الاستسلام لله المتضمن غاية الانقياد، في غاية الذل والخضوع. قال علي بن أبي طالب: في الآية السابقة: [إلا لآمرهم أن يعبدوني، وأدعوهم إلى عبادتي.
وقال مجاهد: إلا لآمرهم وأنهاهم. واختاره الزجاج وشيخ الإسلام، قال: ويدل على هذا قوله: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى}. قال الشافعي: لا يؤمر ولا ينهى.
وقوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أي لولا عبادتكم إياه.
ولقد أحسن الإمام العالم الرباني/ حافظ بن أحمد حكمي - رحمه الله - حين قال في نظمه الموسوم بسلم الأصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول:
اعلم بأن الله جل وعلا لم يترك الخلق سدى وهملاً
بل خلق الخلق ليعبدوه وبالآلهية يفردوه
أخرج فيما قد مضى من ظهر آدم ذريته كالذر
وأخذ العهد عليهم أنه لا لا رب معبود بحق غيره.
أسأل الله التوفيق والهداية، وأعوذ به من الخذلان والغواية.
اللهم! وفقنا لحسن عبادتك، وأعنا على ذكرك وشكرك . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
========================
إن الله خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات لغاية يريدها، وحكمة يعلمها، ولم يخلقهم سدى، ولم يتركهم هملاً.
ولذلك فقد أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبين طريق السعادة ليسلك السالكون فيها، وطريق الغواية ليحذر منها ومن الاقتراب منها.
ولقد خلق الله الجن والإنس لغاية عظيمة سامية بها حياتهم وسعادتهم إنهم قاموا بها، قال الله - تعالى-:{ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. وقال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.
فالغاية من خلق الخلق هي عبادته وحده لا شريك له، ولكن للأسف الشديد هناك كثير من الناس ما لم يعرفوا الغاية التي لأجلها خلقوا، وبالتالي هم يعيشون عيشة أشبه بعيشة البهائم، قال الله عنهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}. وقال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } .
وهؤلاء الكفار والمشركين. مع أن الجن والإنس وكل المخلوقات تعبد الله وتوحده وتسحبه وتسجد له، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء}.
وقال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
ولكن هناك :{وكثير من الناس حق عليه العذب} وبالتالي كفر وتعتى وظلم، فأهان نفسه وأوبقها {ومن يهن الله فما له من مكرم}.
ومما لا محيد عنه أن لم يعبد الله فإنه سيعبد غير ه، من هوى أو نفس أو شيطان أو جاه أو منصب، أو صورة، أو دينار أو درهم، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش " رواه البخاري.
وقال ابن القيم:
هربوا من الرق الذي خلقوا له قبلوا برق النفس والشيطان
وهناك فئة من الناس عرفوا الغاية التي لأجلها خلقوا، ولكنهم قصروا وأساءوا، وأضلوا الطريق فعبدوا الله على جهل، وابتدعوا في دين الله مالم يأذن به الله، أو أخذ جزءً من العبادة وتركوا الجزء الآخر، ولم يفهموا معنى العبادة الشاملة التي عبر عنها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
فالعبادة تشمل كل عمل ديني، وكل عمل دنيوي مباح وذلك إذا قصد بفعله وجه الله والتعبد والاحتساب بذلك لله وحده لا شريك له.
فإن من أكل ليتقوى على طاعة الله فهو مأجور، ومن تزوج ليعف نفسه ويحصن فرجه ويقيم أسرة مسلمة صالحة فإنه مأجور - بإذن الله-.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب - رحمهم الله- : ومعنى الآية:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أن الله - تعالى - أخبر أنه ما خلق الإنس والجن إلا لعبادته، فهذه هي الحكمة - الغاية- في خلقهم، ولم يرد منهم ما تريده السادة من عبيدها من الإعانة لهم بالرزق والإطعام، بل هو الرزاق ذو القوة المتين، الذي يُطعم ولا يطعم؛ كما قال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ}.
وقد قال تعالى: (({مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }.
ثم قال - رخمه الله-: وعبادته هي طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وذلك هو حقيقة دين الإسلام؛ لأن معنى الإسلام هو الاستسلام لله المتضمن غاية الانقياد، في غاية الذل والخضوع. قال علي بن أبي طالب: في الآية السابقة: [إلا لآمرهم أن يعبدوني، وأدعوهم إلى عبادتي.
وقال مجاهد: إلا لآمرهم وأنهاهم. واختاره الزجاج وشيخ الإسلام، قال: ويدل على هذا قوله: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى}. قال الشافعي: لا يؤمر ولا ينهى.
وقوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أي لولا عبادتكم إياه.
ولقد أحسن الإمام العالم الرباني/ حافظ بن أحمد حكمي - رحمه الله - حين قال في نظمه الموسوم بسلم الأصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول:
اعلم بأن الله جل وعلا لم يترك الخلق سدى وهملاً
بل خلق الخلق ليعبدوه وبالآلهية يفردوه
أخرج فيما قد مضى من ظهر آدم ذريته كالذر
وأخذ العهد عليهم أنه لا لا رب معبود بحق غيره.
أسأل الله التوفيق والهداية، وأعوذ به من الخذلان والغواية.
اللهم! وفقنا لحسن عبادتك، وأعنا على ذكرك وشكرك . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
========================