كتاب " الفجر المنير " للفاكهاني (ت: 734 هـ ) هل هو كتاب موثوق فيه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
مؤلف هذا الكتاب هو : عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري ، تاج الدين
الفاكهاني ، ولد سنة (654هـ)، وتوفي سنة (734هـ) ، وقيل سنة (731هـ) ، تفقَّه على
مذهب الإمام مالك ، وله عدة مصنفات منها الكتاب الذي سأل عنه السائل .
وهذا الكتاب عليه مؤاخذات كبيرة خطيرة ، تظهر باستعراض أبواب الكتاب .
فمن
هذه المؤاخذات :
1-
الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من
نور الله ، وذلك بقوله :
من
نور رب العرش كون نوره *** والناس في خلق التراب سواء
2-
دعواه أن الأنبياء قد توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا حقق الله لهم
مرادهم ، وذلك بقوله :
وبه
توسل آدم من ذنبه *** وتشفعت بمقامه حواء
وبه
توسل نوح في طوفانه *** وأجيب حين طغى عليه الماء
وبه
دعا إدريس فارتفعت له *** عند الإجابة رتبة علياء
وبه
استجيب دعا أيوب وقد *** أودى به عند المصاب بلاء
وبه
نجا من بطن حوت يونس *** لما دعا وتجلت الظلماء
وبه
تمكن يوسف في مصر *** من بعد ما أودت به الضراء
...
وبه
استجارت مريم في حملها *** فأجاء عن لبس وزال عناء
وبسره عيسى توسل فانثنى *** من شأنه بين الورى الإحياء
ونحن نشهد أن هذا غلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذب ، فهذه أدعية الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام في القرآن الكريم ، ليس فيها حرف واحد يدل على توسلهم بالنبي
صلى الله عليه وسلم ، بل كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ، وصفاته
العلى ، وبيان حالهم وافتقارهم إلى الله ، فآدم وحواء لما أذنبا قالا : (رَبَّنَا
ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ
الْخَاسِرِينَ) الأعراف/23 .
ويونس عليه السلام قال : (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ
الظَّالِمِينَ) الأنبياء/87 .
وأيوب عليه السلام نادى ربه قائلاً : (أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ) الأنبياء/83 .
وموسى عليه السلام قال : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ) القصص/24 .
وزكريا عليه السلام نادى ربه قائلاً : (رَبِّ
لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) الأنبياء/89 ،
فأين توسل هؤلاء الأنبياء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟!
وقد
نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في مدحه فقال : (لَا تُطْرُونِي كَمَا
أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا :
عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) رواه البخاري (3445) .
3-
تجويزه الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد عقد الباب الحادي عشر ، بعنوان:
"فيمن استغاث به عليه الصلاة والسلام فأغيث في القديم والحديث" .
وهذا صرفُ عبادةٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإعطاؤه خصائص الربوبية والألوهية
، فالاستغاثة بالأموات - وكذلك الاستغاثة بالأحياء فيما لا يقدر عليه إلا الله-
شركٌ أكبر ، وعبادةٌ لغير الله .
فلا
يجيب المضطرين ويكشف السوء إلا الله تعالى وحده ، قال الله تعالى : (أَمَّنْ
يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) النمل/62 .
وهذه هي أخطر المخالفات الشنيعة التي يقررها المؤلف في هذا الكتاب : جواز الاستغاثة
بالنبي صلى الله عليه وسلم في قبره بعد موته لقضاء الحاجات وكشف الكربات ، وهذا شرك
أكبر يخرج صاحبه من الإسلام ، وقد عقد فصلا بعنوان : "استغاثة من لاذ بقبره واشتكى
إليه بفقره وضرره" . وأورد فيه من حكايات وقصص الجهلة الذين وقعوا في الشرك (الأصغر
والأكبر) من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، كما سرد مجموعة من القصص تحت فصل خاص
بعنوان: "في استغاثة الأسرى ممن كان في أيدي الظلمة والكفار بالنبي المختار" .
وهكذا فقد تجاوز المؤلف سبيل القصد والاعتدال إلى الغلو ثم إلى ترويج الشرك الأكبر
.
4-
تضمن الكتاب مجموعة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي لا أصل لها ، منها أحاديث
كثيرة في فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل : (لا صلاة لمن لم يصل
علي) ، ومنها أحاديث في استحباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم التي أفرد لها بابا
خاصا ، مثل حديث : (من حج ولم يزرني فقد جفاني) .
والخلاصة : أن الكتاب يشتمل على قدر كثير من البدع التي هي من وسائل الشرك ، بل وصل
بعضها إلى الشرك الأكبر ، وعلى كثير من الأحاديث الموضوعة المكذوبة ، والحكايات
الباطلة التي لا يجوز الاستشهاد بمثلها .
ولهذا نرى أنه لا يجوز لمن ليس عنده علم شرعي يستطيع به التمييز بين الحق والباطل ،
والهدى والضلال ، نرى أنه لا يجوز له القراءة في هذا الكتاب ، لأنه سيروج عنده ما
فيه من الباطل .
ومن
أراد كتاباً جامعاً في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكامها ، فعليه
بكتاب "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام" صلى الله عليه وسلم ،
لابن القيم رحمه الله .
والله أعلم .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
مؤلف هذا الكتاب هو : عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري ، تاج الدين
الفاكهاني ، ولد سنة (654هـ)، وتوفي سنة (734هـ) ، وقيل سنة (731هـ) ، تفقَّه على
مذهب الإمام مالك ، وله عدة مصنفات منها الكتاب الذي سأل عنه السائل .
وهذا الكتاب عليه مؤاخذات كبيرة خطيرة ، تظهر باستعراض أبواب الكتاب .
فمن
هذه المؤاخذات :
1-
الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من
نور الله ، وذلك بقوله :
من
نور رب العرش كون نوره *** والناس في خلق التراب سواء
2-
دعواه أن الأنبياء قد توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا حقق الله لهم
مرادهم ، وذلك بقوله :
وبه
توسل آدم من ذنبه *** وتشفعت بمقامه حواء
وبه
توسل نوح في طوفانه *** وأجيب حين طغى عليه الماء
وبه
دعا إدريس فارتفعت له *** عند الإجابة رتبة علياء
وبه
استجيب دعا أيوب وقد *** أودى به عند المصاب بلاء
وبه
نجا من بطن حوت يونس *** لما دعا وتجلت الظلماء
وبه
تمكن يوسف في مصر *** من بعد ما أودت به الضراء
...
وبه
استجارت مريم في حملها *** فأجاء عن لبس وزال عناء
وبسره عيسى توسل فانثنى *** من شأنه بين الورى الإحياء
ونحن نشهد أن هذا غلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذب ، فهذه أدعية الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام في القرآن الكريم ، ليس فيها حرف واحد يدل على توسلهم بالنبي
صلى الله عليه وسلم ، بل كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ، وصفاته
العلى ، وبيان حالهم وافتقارهم إلى الله ، فآدم وحواء لما أذنبا قالا : (رَبَّنَا
ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ
الْخَاسِرِينَ) الأعراف/23 .
ويونس عليه السلام قال : (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ
الظَّالِمِينَ) الأنبياء/87 .
وأيوب عليه السلام نادى ربه قائلاً : (أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ) الأنبياء/83 .
وموسى عليه السلام قال : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ) القصص/24 .
وزكريا عليه السلام نادى ربه قائلاً : (رَبِّ
لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) الأنبياء/89 ،
فأين توسل هؤلاء الأنبياء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟!
وقد
نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في مدحه فقال : (لَا تُطْرُونِي كَمَا
أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا :
عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) رواه البخاري (3445) .
3-
تجويزه الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد عقد الباب الحادي عشر ، بعنوان:
"فيمن استغاث به عليه الصلاة والسلام فأغيث في القديم والحديث" .
وهذا صرفُ عبادةٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإعطاؤه خصائص الربوبية والألوهية
، فالاستغاثة بالأموات - وكذلك الاستغاثة بالأحياء فيما لا يقدر عليه إلا الله-
شركٌ أكبر ، وعبادةٌ لغير الله .
فلا
يجيب المضطرين ويكشف السوء إلا الله تعالى وحده ، قال الله تعالى : (أَمَّنْ
يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) النمل/62 .
وهذه هي أخطر المخالفات الشنيعة التي يقررها المؤلف في هذا الكتاب : جواز الاستغاثة
بالنبي صلى الله عليه وسلم في قبره بعد موته لقضاء الحاجات وكشف الكربات ، وهذا شرك
أكبر يخرج صاحبه من الإسلام ، وقد عقد فصلا بعنوان : "استغاثة من لاذ بقبره واشتكى
إليه بفقره وضرره" . وأورد فيه من حكايات وقصص الجهلة الذين وقعوا في الشرك (الأصغر
والأكبر) من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، كما سرد مجموعة من القصص تحت فصل خاص
بعنوان: "في استغاثة الأسرى ممن كان في أيدي الظلمة والكفار بالنبي المختار" .
وهكذا فقد تجاوز المؤلف سبيل القصد والاعتدال إلى الغلو ثم إلى ترويج الشرك الأكبر
.
4-
تضمن الكتاب مجموعة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي لا أصل لها ، منها أحاديث
كثيرة في فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل : (لا صلاة لمن لم يصل
علي) ، ومنها أحاديث في استحباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم التي أفرد لها بابا
خاصا ، مثل حديث : (من حج ولم يزرني فقد جفاني) .
والخلاصة : أن الكتاب يشتمل على قدر كثير من البدع التي هي من وسائل الشرك ، بل وصل
بعضها إلى الشرك الأكبر ، وعلى كثير من الأحاديث الموضوعة المكذوبة ، والحكايات
الباطلة التي لا يجوز الاستشهاد بمثلها .
ولهذا نرى أنه لا يجوز لمن ليس عنده علم شرعي يستطيع به التمييز بين الحق والباطل ،
والهدى والضلال ، نرى أنه لا يجوز له القراءة في هذا الكتاب ، لأنه سيروج عنده ما
فيه من الباطل .
ومن
أراد كتاباً جامعاً في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكامها ، فعليه
بكتاب "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام" صلى الله عليه وسلم ،
لابن القيم رحمه الله .
والله أعلم .