السؤال:
أسأل عن الصحابي أبي هريرة , وحسب ما أفهمه , فقد روى عددا كبيرا من
الأحاديث التي جمعت الآن في صحيحي البخاري ومسلم , وغيرهما . وفي عدد من
الأحاديث المنقولة , قيل إن أبا هريرة وُبخ من قبل عائشة وعمر رضي الله
عنهما لنقله معلومات لم يفهمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثال ذلك , في الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن ثلاثة
يقطعون القبلة : الكلاب والحمر والنساء . ومن الواضح أن عائشة رضي الله
عنها صححت له بعد فترة ، وقالت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال
: (إننا لسنا مثل اليهود الذين يقولون بأن ثلاثة أشياء تقطع القبلة :
الكلاب والحمير والنساء) .
كما أني قرأت أن أبا هريرة عاش في آخر حياته حياة رفاهية في قصر مع حاكم
مشهور, ولم يكن حاله كحال العديد من الصحابة الجليلين الذين عاشوا حياة
بساطة وماتوا وهم فقراء.
إن المواضيع التي قرأتها في هذا الشأن أشكلت علي كثيرا.
أهو ثقة في نقل الأحاديث؟
وهل عاش حياة لم يكن لغيره أن يعيش فيها, وبعيدة عن إمكانية الفساد؟ إذا
كان عمر وعائشة رضي الله عنهما لا يكنان له احتراما, فلماذا وضعت كل هذه
الأحاديث التي رواها في كتب الحديث الصحيحة؟ أنا أعلم أن الأئمة الذين
جمعوا الأحاديث وضعوا معايير صارمة جدا . فكيف تمكنت رواياته من المرور
عبر تلك المعايير؟
أرجو أن تساعدني .
الجواب :
الحمد لله
يظهر أنك قرأت في كتب الملاحدة ، أو قرأت في كتب المغرضين الحاقدين على الصحابة رضي
الله عنهم .
لا
شك أن أبا هريرة رضي الله عنه صحابي جليل ، صحِب النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من
أربع سنوات ولازمه ملازمة كاملة ، يلازمه على ملء بطنه فيحضر وهم غائبون ، ويحفظ
إذا نسوا ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم وفعل ما يساعده على حفظ الأحاديث ،
فلأجل ذلك حفظ أحاديث لم يحفظها غيره من الصحابة ، وكان يقول : إنكم تقولون أكثر
علينا أبو هريرة ، والله الموعد ، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في
الأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار ليشغلهم العمل في أموالهم ، وكنت امرءا مسكينا
ألزم رسول الله عليه الصلاة والسلام على ملء بطني أحفظ إذا نسوا ، وأحضر إذا غابوا
، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة : إن من بسط ثوبه حتى أفرغ من مقالتي وضمه
إليه كان ذلك سببا في بقاء حفظه. يقول أبو هريرة : فعلت ذلك فلم أنْسَ شيئا بعد ذلك
.
كان
رضي الله عنه يبيت أول الليل يدرس الأحاديث ويتذكرها ويكررها حتى لا ينساها ، وحتى
يحفظ منها ما قد يخاف أن ينساه ، فلذلك حفظ الحديث الكثير الذي ما حفظه غيره .
أما
حديث قطع الصلاة فلم ينفرد به بل رواه أيضا عمر رضي الله عنه وابنه عبد الله رضي
الله عنه ، إلا أن عائشة رضي الله عنها أنكرته ولم تنكر على أبي هريرة فقط ، بل
أنكرت على عمر وابنه عبد الله لأنهم رووا الحديث ، ولم تستدل إلا بأنها كانت على
السرير أمام الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يصلي في البيت وهو مظلم ، وقال العلماء
بأن هذا لا يعتبر مرورا ، وأن القطع إنما يكون مرورا ، فإذا كانت على السرير وكان
البيت مظلما لم يُسَمَّ هذا مرورا ، وانسلالها من السرير لا يسمى أيضا مرورا . ثم
قد يقال أيضا : إن القطع في هذا الحديث ليس إبطالا للصلاة بالكلية بل ينقصها ، وأنه
لا يلزم إعادة ما تقدم منها ، وسبب ذلك : أن القلب ينشغل بمرور ما سبق في الحديث ،
وهذا الانشغال يفوّت على القلب شيئا من الإقبال على الصلاة فلذلك ينقص الأجر وهذا
معنى القطع . ولم يُنقل عن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على أبي هريرة هذا الحديث بل
وافقه على روايته ، وكذلك ابنه عبد الله ....
ثم
إن أبا هريرة ما عاش عيشة المترفين ، بل كان متقشفا حتى مات ، وقد أمّره معاوية على
المدينة في عهده وقيل في عهد علي رضي الله عنه كان أميرا على المدينة فكان متواضعا
، فيذهب إلى البرية ليحتطب حتى يسترزق منها ، وكان إذا وصل إلى المدينة قال للناس :
(أخروا عن الأمير) أي أفسحوا له الطريق تواضعا منه .
ولقد دأب كثير من الرافضة وغيرهم في التشكيك في أبي هريرة فجمعوا بعض الأحاديث التي
رواها والتي تخالف عقولهم ومألوفاتهم ، وزعموا أنها من كذب أبي هريرة كحديث : (إذا
وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه) ، ولكن هذا الحديث رواه أيضا أبو سعيد وصححه
كثير من العلماء . فننصحك بقراءة الكتب التي تذبّ عن أبي هريرة رضي الله عنه ككتاب
( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ) ، وكتاب ( الأنوار الكاشفة) وغيرها من
الكتب حتى تجد الجواب والصواب في أن أبا هريرة من حفاظ الصحابة .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (126377)
.
والله أعلم
أسأل عن الصحابي أبي هريرة , وحسب ما أفهمه , فقد روى عددا كبيرا من
الأحاديث التي جمعت الآن في صحيحي البخاري ومسلم , وغيرهما . وفي عدد من
الأحاديث المنقولة , قيل إن أبا هريرة وُبخ من قبل عائشة وعمر رضي الله
عنهما لنقله معلومات لم يفهمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثال ذلك , في الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن ثلاثة
يقطعون القبلة : الكلاب والحمر والنساء . ومن الواضح أن عائشة رضي الله
عنها صححت له بعد فترة ، وقالت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال
: (إننا لسنا مثل اليهود الذين يقولون بأن ثلاثة أشياء تقطع القبلة :
الكلاب والحمير والنساء) .
كما أني قرأت أن أبا هريرة عاش في آخر حياته حياة رفاهية في قصر مع حاكم
مشهور, ولم يكن حاله كحال العديد من الصحابة الجليلين الذين عاشوا حياة
بساطة وماتوا وهم فقراء.
إن المواضيع التي قرأتها في هذا الشأن أشكلت علي كثيرا.
أهو ثقة في نقل الأحاديث؟
وهل عاش حياة لم يكن لغيره أن يعيش فيها, وبعيدة عن إمكانية الفساد؟ إذا
كان عمر وعائشة رضي الله عنهما لا يكنان له احتراما, فلماذا وضعت كل هذه
الأحاديث التي رواها في كتب الحديث الصحيحة؟ أنا أعلم أن الأئمة الذين
جمعوا الأحاديث وضعوا معايير صارمة جدا . فكيف تمكنت رواياته من المرور
عبر تلك المعايير؟
أرجو أن تساعدني .
الجواب :
الحمد لله
يظهر أنك قرأت في كتب الملاحدة ، أو قرأت في كتب المغرضين الحاقدين على الصحابة رضي
الله عنهم .
لا
شك أن أبا هريرة رضي الله عنه صحابي جليل ، صحِب النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من
أربع سنوات ولازمه ملازمة كاملة ، يلازمه على ملء بطنه فيحضر وهم غائبون ، ويحفظ
إذا نسوا ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم وفعل ما يساعده على حفظ الأحاديث ،
فلأجل ذلك حفظ أحاديث لم يحفظها غيره من الصحابة ، وكان يقول : إنكم تقولون أكثر
علينا أبو هريرة ، والله الموعد ، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في
الأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار ليشغلهم العمل في أموالهم ، وكنت امرءا مسكينا
ألزم رسول الله عليه الصلاة والسلام على ملء بطني أحفظ إذا نسوا ، وأحضر إذا غابوا
، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة : إن من بسط ثوبه حتى أفرغ من مقالتي وضمه
إليه كان ذلك سببا في بقاء حفظه. يقول أبو هريرة : فعلت ذلك فلم أنْسَ شيئا بعد ذلك
.
كان
رضي الله عنه يبيت أول الليل يدرس الأحاديث ويتذكرها ويكررها حتى لا ينساها ، وحتى
يحفظ منها ما قد يخاف أن ينساه ، فلذلك حفظ الحديث الكثير الذي ما حفظه غيره .
أما
حديث قطع الصلاة فلم ينفرد به بل رواه أيضا عمر رضي الله عنه وابنه عبد الله رضي
الله عنه ، إلا أن عائشة رضي الله عنها أنكرته ولم تنكر على أبي هريرة فقط ، بل
أنكرت على عمر وابنه عبد الله لأنهم رووا الحديث ، ولم تستدل إلا بأنها كانت على
السرير أمام الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يصلي في البيت وهو مظلم ، وقال العلماء
بأن هذا لا يعتبر مرورا ، وأن القطع إنما يكون مرورا ، فإذا كانت على السرير وكان
البيت مظلما لم يُسَمَّ هذا مرورا ، وانسلالها من السرير لا يسمى أيضا مرورا . ثم
قد يقال أيضا : إن القطع في هذا الحديث ليس إبطالا للصلاة بالكلية بل ينقصها ، وأنه
لا يلزم إعادة ما تقدم منها ، وسبب ذلك : أن القلب ينشغل بمرور ما سبق في الحديث ،
وهذا الانشغال يفوّت على القلب شيئا من الإقبال على الصلاة فلذلك ينقص الأجر وهذا
معنى القطع . ولم يُنقل عن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على أبي هريرة هذا الحديث بل
وافقه على روايته ، وكذلك ابنه عبد الله ....
ثم
إن أبا هريرة ما عاش عيشة المترفين ، بل كان متقشفا حتى مات ، وقد أمّره معاوية على
المدينة في عهده وقيل في عهد علي رضي الله عنه كان أميرا على المدينة فكان متواضعا
، فيذهب إلى البرية ليحتطب حتى يسترزق منها ، وكان إذا وصل إلى المدينة قال للناس :
(أخروا عن الأمير) أي أفسحوا له الطريق تواضعا منه .
ولقد دأب كثير من الرافضة وغيرهم في التشكيك في أبي هريرة فجمعوا بعض الأحاديث التي
رواها والتي تخالف عقولهم ومألوفاتهم ، وزعموا أنها من كذب أبي هريرة كحديث : (إذا
وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه) ، ولكن هذا الحديث رواه أيضا أبو سعيد وصححه
كثير من العلماء . فننصحك بقراءة الكتب التي تذبّ عن أبي هريرة رضي الله عنه ككتاب
( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ) ، وكتاب ( الأنوار الكاشفة) وغيرها من
الكتب حتى تجد الجواب والصواب في أن أبا هريرة من حفاظ الصحابة .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (126377)
.
والله أعلم