دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Empty الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

"الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ"

تحت هذا العنوان كتب أخونا/ أبو فهرٍ السلفيُّ يقول:

(1)


بِسْمِ اللهِ ، وَالْـحَمْدُ للهِ ، وَبَعْدُ ..
فهذِهِ ورقةٌ مختصرةٌ جدًّا في بيانِ مصطلحِ «الدَّوْلَةِ الْـمَدَنِيَّةِ» تحريرًا لمفاهيمِهِ وتقريرًا للأحكامِ الشَّرعيةِ المتعلقةِ به .


وظاهرٌ جدًّا أنَّ إرادةَ الِاخْتصارِ مع العجلةِ إلى البيانِ ستدفعُ إلى تجاوزِ عددٍ مِنَ الْأسسِ التي يحتاجُهَا تمامُ بيانِ هذا المصطلحِ ، ولهذا فنعدُ ببيانٍ أوفَى ، وبحثٍ أتمٍّ فِي أقربِ فرصةٍ ، وَ«مَا لَا يُدْرَكُ كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ كُلُّهُ».

أَوَّلًا : أَرْكَانُ الْـمُصْطَلَحِ :
1 ـ الدَّوْلَةُ (state) :
* في العربيةِ : ترجعُ مادَّتِهَا لدورانِ الحالِ وانتقالِهِ ، وتَختصُّ «الدُولَةُ» ـ بضمِّ الدَّالِ ـ بالانتقالِ والتعاقبِ في أمورِ الدُّنيا كالمالِ والجاهِ ،و«الدَّوْلَةُ» ـ بالفتحِ ـ بالانتقالِ في الحربِ كأن ينتقلَ النَّصرُ من فئةٍ إلى فئةٍ ، وَقِيلَ : «هما سواء» . [«معجمُ المقاييسِ» لابنِ فارسٍ «بابُ الدَّال ، والواوِ ، وما يُثلِّثُهَا» ، و«لسانُ العربِ» «حرفُ الدَّالِ فصلُ اللَّامِ» ، و«الكلياتُ» للكفويِّ (ص/450)] .
* والدَّوْلَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ السِّيَاسِيِّ : «مجموعٌ كبيرٌ مِنَ الْأفرادِ ، يقطُنُ بصفةٍ دائمةٍ إِقليمًا مُعيَّنًا ، ويتمتعُ بالشخصيةِ المعنويَّةِ ، بنظامٍ حكوميٍّ ، واستقلالٍ سياسيٍّ» .

[ «المعجمُ الوسيطُ» مَادَّةُ : «دال»].
* وَتُسْتَخْدَمُ كَلِمَةُ «دَوْلَةٍ» لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَدْلُولَيْنِ :
1 ـ كلُّ الأشخاصِ والمؤسساتِ الذين ينتظمُهُمُ الْإطارُ السياسيُّ للمجتمعِ.
2 ـ مؤسسةُ الحكومةِ ، فيستعملُ المصطلحُ هنا في مقابلِ الشعبِ .
ولم تُستعملْ هذه الكلمةُ للدَّلالةِ على هذا المعنَى إلَّا في مراحلَ متأخرةٍ سواءٌ في اللغاتِ الغربيةِ أو اللغةِ العربيةِ ، وكانت بدائلَهَا في العربيةِ ألفاظٌ ، مثلُ : «الدَّارُ ـ الخِلافةُ ـ السَّلطنةُ ـ المملكةُ ـ البلادُ» .
وبدائلُهَا في اللغاتِ الغربيةِ (Polis) عندَ اليونانِ ، و(Res Publica) عندَ الرُّومانِ و(Civitas) في العصورِ الوسطَى .

[«العلمانيةُ الجزئيَّةُ ، والعلمانيةُ الشاملةُ» للمسيريِّ (2/72)] .

2 ـ الْـمَدَنِيَّةُ (Civilization) ([1]) :


نسبةٌ إلى المدينةِ وتدلُّ على نمطِ الحياةِ في المدينةِ ، مُعبرةً - في رأي بعضهم - عَنِ الْعناصرِ الظاهرةِ الفعالةِ الْـمُحركةِ من بينِ عناصرِ حضارةِ المدينةِ ([2]) ،وهي مرادفة للحضارة عند الأكثر، وتُستعملُ هذه اللَّفظةُ في كثير من الأوساطِ الثقافيَّةِ في مقابلِ عِدَّةِ كلماتٍ ، تتضحُ دلالتُهَا ببيانِهَا ، وهي :

1 ـ الْـمَدَنِيَّةُ : كمقابلٍ للبداوةِ ، فهي هنا بمعنَى : «الحضارةِ والعمرانِ» ([3]) .
2 ـ الْـمَدَنِيَّةُ : كمقابلٍ للعسكريةِ ، فيُقالُ : «لباسٌ مدنيٌّ ، ولباسٌ عسكريٌّ» .
3 ـ الْـمَدَنِيَّةُ : كمقابلٍ للدينيَّةِ ، فيُقالُ : «العلومُ المدنيَّةُ» مقابلُ : «العلومُ الدينيَّةُ» .
4 ـ ويُعبَّرُ في الفلسفةِ اليونانيَّةِ عن إدارةِ أمورِ المدينةِ بـ«السِّياسةِ المدنيَّةِ» ، ويُعرفونَهَا بأنَّهَا : «علمٌ بمصالحِ جمَاعَةٍ متشاركَةٍ في المدينةِ ؛ ليتعاونُوا على مصَالحِ الْأَبدَانِ ، وَبَقَاء نوعِ الْإِنْسَانِ» .




ثَانِيًا : دَائِرَةُ الْـمَفَاهِيمِ الْـخَارِجَةِ عَنْ مَحَلِّ الْبَحْثِ :

بعدَ مَا تقدَّمَ لابُدَّ من بيانِ ما هي المفاهيمُ التي إن استُعْمِلَ هذا المصطلحُ للدلالةِ عليهَا كان خارجًا عن محلِّ بحثنَا ، مع الإشارةِ لحُكْمِ استعمالِ هذا المصطلحِ بهذا المفهومِ ، فَنَقُولُ :

1 ـ الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ : بمعنَى الدولةِ المتحضرةِ التي تُنتشرُ فيها مظاهرُ الحضارةِ العمرانيَّةِ والثقافيَّةِ في مقابلِ : «القريةِ ، أو الباديةِ ، أو الدُّولِ المتخلفةِ حضاريًّا» .
واستعمالُ هذا المصطلحِ بهذا المعنَى ، والمطالبةُ بدولَةٍ مدنيَّةٍ بهذا المرادِ لَا شيءَ فيهِ ، وليسَ ممنوعًا ، وإنَّمَا يُنظرُ بعدَ ذلكَ لبعضِ المفاهيمِ التي قَدْ يعدُّهَا البعضُ من الحضارةِ والتَّمَدُّنِ ، والواقعُ أنَّهَا ليستْ كذلكَ ، مثلُ : «تبرُّجِ النِّساءِ» ([4]) .
والإسلامُ بهذا الاعتبارِ إنَّمَا يدعُو لإقامةِ الدَّولةِ على أسسٍ مِنَ الْـمدنيَّةِ والتحضُّرِ والعمرانِ ، وترتيبُ نُظُمِ تدابيرِ الْـمُلْكِ والحُكْمِ ، وتاريخُ الخلافةِ الإسلاميَّةِ عامرٌ بالنُّظُمِ الحضاريَّةِ ، والمظاهرِ العمرانيَّةِ ، والنشاطاتِ الثقافيَّةِ بصورةٍ لا يُنْكِرُهَا إلا مكابرٌ ، وقد كانتِ الثَّورةُ الحضاريَّةُ التي حرَّكَهَا الإسلامُ هي الْـمُؤثرُ الرئيسُ في النهضةِ الحضاريَّةِ الأوروبيَّةِ .

2 ـ الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ : بمعنَى الدولةِ غيرِ العسكريَّةِ ، والتي يتولَى الحُكْمَ فيهَا رجلٌ مدنيٌّ بنُظُمٍ مدنيَّةٍ ؛ لتوليَةِ الحُكْمِ ، وليسَ عن طريقِ الِانْقلاباتِ العسكريَّةِ والاستيلاءِ على الحكمِ بقوَّةِ السِّلَاحِ ونحوِ ذلك.
واستعمالُ هذا المصطلحِ بهذا المعنَى ، والمطالبةُ بدولَةٍ مدنيَّةٍ بهذا الْـمُرادِ لَا شيءَ فيهِ ، وليسَ ممنوعًا ، والإسلامُ يدعُو لأنْ يتولَّى أمورَ المسلمينَ مَنْ يرضَوْنَهُ هُمْ ، ويمنعُ اغتصابَ السُّلطةِ والقفزِ عليهَا علَى غيرِ إرادةٍ من الشعبِ ؛ ولذلكَ كانت البيعةُ شرطًا لازمًا لصحةِ تولِّي الحكمِ ، والخلافُ بينَ الإسلامِ وبينَ غيرِهِ إنَّمَا هو في طبيعةِ وصورِ آليةِ اختيارِ النَّاسِ لِـمَنْ يتولَّى أمرَهُمْ ، أمَّا أصلُ أن يتولَّى أمرَ النَّاسِ مَنْ يرضونَهُ بطريقةٍ مدنيةٍ ؛ فهذا أصلٌ عظيمٌ من أصولِ السياسةِ في الإسلامِ .


ثَالِثًا : الْـمَفْهُومُ مَحَلُّ الْبَحْثِ:

وإذنْ ؛ فالمفهومُ محلُّ البحثِ لمصطلحِ «الدولةِ المدنيَّةِ» هُوَ : الدولَةُ المدنيَّةُ بالمعنَى المقابلِ للدولةِ الدينيَّةِ .
إذا تقرَّرَ ذلكَ ؛ فليسَ لمصطلحِ «الدولَةِ المدنيَّةِ» كمقابِلٍ لـ«لدولةِ الدينيَّةِ» مفهومٌ واحدٌ ، بَلْ تعدَّدَتْ مفاهيمُهُ بحسبِ مستعمليهِ ، وبحسبِ نوعِ الدَّولةِ الدِّينيَّةِ التي استعملُوا المصطلحَ في مقابلِهَا ؛ لذَا فسأسلكُ سبيلًا مختلفًا لتحريرِ مفهومِ هذا المصطلحِ يتلخَّصُ في بحثِ مفهومِ الدولةِ الدينيَّةِ ، والصورِ التي تتحققُ بها في الخارجِ ، مُبيِّنًا موقفَ الإسلامِ مِنْ كلِّ صورةٍ مِنْ صُورِ الدولةِ الدينيَّةِ ، ثُمَّ أقومُ بعدَ ذلكَ بتحليلِ مفهومِ الدولةِ المدنيَّةِ عندَ مَنِ اسْتعملُوهُ كمقابلٍ للدولةِ الدينيَّةِ مُعَيِّنًا مُرادُهُمْ بـ«الدولةِ الدينيَّةِ» التي يرفضونَهَا ، وهَلِ اقْتصرُوا علَى رفضِ دولةٍ دينيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ معهودةٍ فقطْ ، أَمْ هُمْ تعدَّوا ذلك إلى رفضِ مطلقِ الدولةِ الدينيَّةِ .

____________________

هوامش:


([1]) راجع الإشكالات حول تاريخ وتطور ترجمة هذا المصطلح في : «الحضارة ـ الثقافة ـ المدنية .. دراسة لسيرة المصطلح والمفهوم» لنصر محمد عارف ، نشر المعهد العالمي للفكر الإسلامي (ص/33-55).

([2]) انظر : «الموسوعة الفلسفية العربية» (1/736).

([3]) انظر : «القضايا الاجتماعية الكبرى في العالم العربي» لعبد الرحمن شهبندر ، بواسطة نصر محمد عارف «الحضارة...».

( [4]) انظر : «تحرير المرأة» لقاسم أمين (ص/4).

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
يسلمووو ويعطيك العافية على الطرح وما تقصر ~ ين

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
شكر ااا على الموضوع الرائع حلو مرة ::shokranarab::

مع التحيه

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
بـــآرك الله فيك وفي طرحك الـرآفــي

وجعله الله في ميزان حسنــــآتــــك

وجعلك الله من المــتقـــــين

Miss pinK

 الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Xn4vm8

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
شكرا على المرور احبائي

منورين الموضوع

بمروركم
gg444g

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
بارك الله فيكـ/ـي على الموضوع الرائع لا تحرمنا من جديدك Shocked

description الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( Emptyرد: الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏(

more_horiz
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك شكرا لك على الموضوع المميز
تقبل تحياتي mArwaNe02
 الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ ‏( 886773



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي