أسد بن الفرات
في (حرَّان) من ديار بكر، ولد أبو عبد الله الحراني، أسد بن الفرات
سنة
144هـ/ 761م، ثم قدم القيروان وهو ابن سنتين مع أبيه الذي كان من أعيان
الجند في جيش (محمد بن الأشعث الخزاعي) والي إفريقية من قبل الخليفة
أبي جعفر المنصور.
تلقى
(أسد) دراسته الأولى بالقيروان، ثم رحل مع أبيه إلى تونس فأقام بها تسع
سنين لزم خلالها الفقيه المعروف (علي بن زياد) وتعلم منه وتفقَّه عليه، ولم
يكتفِ
بذلك، بل أراد أن يستزيد من العلم فقرر الرحيل إلى المدينة المنورة
سنة 172هـ/ 788م، لينهل من علم الإمام مالك عدة سنين تعلم فيها
الكثير، وبعدها قرر الرحيل إلى العراق، فدخل على الإمام مالك مودعًا
وشاكرًا، وسأله أن يوصيه، فقال له: (أوصيك بتقوى الله، والقرآن، والنصيحة للناس).
ورحل (أسد) إلى العراق حيث الإمام محمد بن الحسن صاحب الإمام
أبي
حنيفة، فلزمه، فكان يحضر دروسه العامة، ثم أحب أن يكون له درس خاص يغرف
فيه ما استطاع من علم الإمام محمد ليحمله إلى بلاده، فأخذه الإمام محمد إلى
بيته، وأعطاه غرفة كان يسهر معه فيها الليل كله، ويضع أمام التلميذ قدح
ماء، فإذا نعس نضح وجهه ليصحو، فكان (أسد) أول من جمع بين مذهب الإمام مالك
ومذهب أبي حنيفة، ولم يكتفِ أسد بن الفرات بذلك العلم، بل رحل إلى مصر حيث
يوجد بها عالمان من تلاميذ الإمام مالك هما (أشهب بن عبد العزيز)
و(ابن القاسم) وهناك جمع ما أخذه من ابن القاسم من مسائل، وأفاض عليها من ذهنه وجعلها في رسالة مدونة سُميت بـ (الأَسَدِيَّة).
ثم
قدم ابن الفرات إلى (القيروان) عاصمة المغرب سنة 181هـ بعد غيبة امتدت نحو
عشرين سنة صام نهارها وأحيا ليلها بالعلم والدرس فيها، ولم ينفق لحظة في
راحة
ولا لعب، ولم يصحب فيها إلا الأئمة والعلماء، حتى قارب الخمسين،
فجلس للتدريس والإفتاء، وكان من تلاميذه (سحنون بن سعيد) و(معمر بن منصور)
و(سليمان بن عمر) ثم تقلد القضاء مع (أبي محرز) فكان أبو محرز فيه لينًا،
وأما أسد فكان شديدًا في الحق، ومتمكنًا من علمي الحديث والفقه.
وكان مع
توسعه في علمه فارسًا شجاعًا مقدامًا، فقد طلب أسد بن الفرات أن يكون مع
المجاهدين في الحرب ضد الروم في جزيرة صقلية فأبى الأمير خوفًا عليه، فألح
أسد في طلبه وقال: (وجدتم من يسير لكم المراكب من النوتية (الملاحين) وما
أحوجكم إلى من يسيرها لكم بالكتاب والسنة).
وكان يريد أن يكون جنديًّا متطوعًا لا يريد الإمارة، فلما أعطيها تألم وقال
للأمير:
أَبَعْدَ القضاء والنظر في الحلال والحرام تعزلني وتوليني الإمارة؟! فقال:
ما عزلتك عن القضاء، ولكن أضفت إليك الإمارة فأنت قاضٍ وأمير، وكان أول من
جمع له المنصبان، واجتمع الناس لوداع الجيش والأمير أسد بن الفرات، فقال
أسد
للناس في وداعهم: (والله يا معشر الناس ما ولي لي أب ولا جد ولاية قط، وما
رأى أحد من أسلافي مثل هذا قط، وما بلغته إلا بالعلم، فعليكم بالعلم،
أتعبوا فيه أذهانكم، وكدوا به أجسادكم تبلغوا به الدنيا والآخرة).
وزحف
الجيش إلى جزيرة صقلية سنة 212هـ/827م، وخرج لهم صاحب صقلية في مائة ألف
وخمسين ألفًا، قال رجل: رأيت أسدًا وبيده اللواء يقرأ سورة (يس) ثم حمل
بالجيش حملة عنيفة على صاحب صقلية، حتى سقط أسد بن الفرات شهيدًا
سنة 213هـ/ 828م، وهو يحمل راية النصر ولم يعْرَفْ له قبر.
في (حرَّان) من ديار بكر، ولد أبو عبد الله الحراني، أسد بن الفرات
سنة
144هـ/ 761م، ثم قدم القيروان وهو ابن سنتين مع أبيه الذي كان من أعيان
الجند في جيش (محمد بن الأشعث الخزاعي) والي إفريقية من قبل الخليفة
أبي جعفر المنصور.
تلقى
(أسد) دراسته الأولى بالقيروان، ثم رحل مع أبيه إلى تونس فأقام بها تسع
سنين لزم خلالها الفقيه المعروف (علي بن زياد) وتعلم منه وتفقَّه عليه، ولم
يكتفِ
بذلك، بل أراد أن يستزيد من العلم فقرر الرحيل إلى المدينة المنورة
سنة 172هـ/ 788م، لينهل من علم الإمام مالك عدة سنين تعلم فيها
الكثير، وبعدها قرر الرحيل إلى العراق، فدخل على الإمام مالك مودعًا
وشاكرًا، وسأله أن يوصيه، فقال له: (أوصيك بتقوى الله، والقرآن، والنصيحة للناس).
ورحل (أسد) إلى العراق حيث الإمام محمد بن الحسن صاحب الإمام
أبي
حنيفة، فلزمه، فكان يحضر دروسه العامة، ثم أحب أن يكون له درس خاص يغرف
فيه ما استطاع من علم الإمام محمد ليحمله إلى بلاده، فأخذه الإمام محمد إلى
بيته، وأعطاه غرفة كان يسهر معه فيها الليل كله، ويضع أمام التلميذ قدح
ماء، فإذا نعس نضح وجهه ليصحو، فكان (أسد) أول من جمع بين مذهب الإمام مالك
ومذهب أبي حنيفة، ولم يكتفِ أسد بن الفرات بذلك العلم، بل رحل إلى مصر حيث
يوجد بها عالمان من تلاميذ الإمام مالك هما (أشهب بن عبد العزيز)
و(ابن القاسم) وهناك جمع ما أخذه من ابن القاسم من مسائل، وأفاض عليها من ذهنه وجعلها في رسالة مدونة سُميت بـ (الأَسَدِيَّة).
ثم
قدم ابن الفرات إلى (القيروان) عاصمة المغرب سنة 181هـ بعد غيبة امتدت نحو
عشرين سنة صام نهارها وأحيا ليلها بالعلم والدرس فيها، ولم ينفق لحظة في
راحة
ولا لعب، ولم يصحب فيها إلا الأئمة والعلماء، حتى قارب الخمسين،
فجلس للتدريس والإفتاء، وكان من تلاميذه (سحنون بن سعيد) و(معمر بن منصور)
و(سليمان بن عمر) ثم تقلد القضاء مع (أبي محرز) فكان أبو محرز فيه لينًا،
وأما أسد فكان شديدًا في الحق، ومتمكنًا من علمي الحديث والفقه.
وكان مع
توسعه في علمه فارسًا شجاعًا مقدامًا، فقد طلب أسد بن الفرات أن يكون مع
المجاهدين في الحرب ضد الروم في جزيرة صقلية فأبى الأمير خوفًا عليه، فألح
أسد في طلبه وقال: (وجدتم من يسير لكم المراكب من النوتية (الملاحين) وما
أحوجكم إلى من يسيرها لكم بالكتاب والسنة).
وكان يريد أن يكون جنديًّا متطوعًا لا يريد الإمارة، فلما أعطيها تألم وقال
للأمير:
أَبَعْدَ القضاء والنظر في الحلال والحرام تعزلني وتوليني الإمارة؟! فقال:
ما عزلتك عن القضاء، ولكن أضفت إليك الإمارة فأنت قاضٍ وأمير، وكان أول من
جمع له المنصبان، واجتمع الناس لوداع الجيش والأمير أسد بن الفرات، فقال
أسد
للناس في وداعهم: (والله يا معشر الناس ما ولي لي أب ولا جد ولاية قط، وما
رأى أحد من أسلافي مثل هذا قط، وما بلغته إلا بالعلم، فعليكم بالعلم،
أتعبوا فيه أذهانكم، وكدوا به أجسادكم تبلغوا به الدنيا والآخرة).
وزحف
الجيش إلى جزيرة صقلية سنة 212هـ/827م، وخرج لهم صاحب صقلية في مائة ألف
وخمسين ألفًا، قال رجل: رأيت أسدًا وبيده اللواء يقرأ سورة (يس) ثم حمل
بالجيش حملة عنيفة على صاحب صقلية، حتى سقط أسد بن الفرات شهيدًا
سنة 213هـ/ 828م، وهو يحمل راية النصر ولم يعْرَفْ له قبر.