تفسير سورة الفاتحة
بسم الله الرّحمان الرّحيم
بين يدى السورة الكريمة :
هذه السورة الكريمة مكية ، وآياتها سبع بالإجماع ، وتسمى " الفاتحة "
لافتتاح الكتاب العزيز بها ، حيث إنها أول القرآن فى (الترتيب) لا فى
(النزول) ، وهى - على قصرها ووجازتها - قد حوت معانى القرآن العظيم ،
واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال ، فهى تتناول أصول الدين وفروعه ،
تتناول العقيدة ، والعباد ، والتشريع ، والاعتقاد باليوم الآخر ، والإيمان
بصفات الله الحسنى ، وإفراده بالعبادة ، والاستعانة والدعاء ، والتوجه إليه
جل وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق ، والصراط المستقيم ، والتضرع إليه
بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم
والضالين ، وفيها الأخبار عن قصص الأمم السابقين ، والاطلاع على معارج
السعداء ومنازل الأشقياء ، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه ، إلى غير
ما هنالك من مقاصد وأغراض وأهداف ، فهي كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة ،
ولهذا تسمى " أم الكتاب " لأنها جمعت مقاصده الأساسية.
فضلها :
فى صحيح البخارى أن النبى (ص) قال لأبى سعيد بن المعلى : " لأعلمنك سورة هى
أعظم السور فى القرآن : الحمد لله رب العالمين ، هى السبع المثاني ،
والقرآن العظيم الذى أوتيته " .
التسمية :
تسمى " الفاتحة ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، والشافية ، والوافية ،
والكافية ، والأساس ، والحمد " وقد عددها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه
السورة الكريمة اثنى عشر اسماً.
اللغة :
[ الحمد ] الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل ، مقروناً بالمحبة ،
وهو نقيض الذم وأعم من الشكر ، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد
[ الله ] اسم علم للذات المقدسة لا يشاركه فيه غيره ، قال القرطبي : هذا
الاسم [ الله ] أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها ، وهو اسم للموجود الحق ،
الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي
لا إله إلا هو سبحانه
[ رب ] الرب : مشتق من التربية وهى إصلاح شؤون الغير ورعاية أمره ، قال
الهروي : " يقال لمن قام بإصلاح شئ وإتمامه : " قد ربه ، ومنه الربانيون
لقيامهم بالكتب " (تفسير القرطبى 1/133) والرب يطلق على عدة معان وهى "
المالك ، والمصلح ، والمعبود ، والسيد المطاع "
[ العالمين ] العالم : اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط ، وهو يشمل :
الإنس والجن والملائكة والشياطين كذا قال الفراء ، وهو مشتق من العلامة لأن
" العالم " علامة على وجود الخالق جل وعلا
[ الرحمن الرحيم ] صفتان مشتقتان من الرحمة ، وقد روعى في كل من[ الرحمن ]
و[ الرحيم ] معنى لم يراع فى الآخر ، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة لأن "
فعلان " صيغة مبالغة فى كثرة الشيء وعظمته ، والرحيم بمعنى دائم الرحمة لأن
صيغة " فعيل " تستعمل فى الصفات الدائمة ، ككريم وظريف فكأنه قيل : العظيم
الرحمة ، الدائم الإحسان.
قال الخطابي : الرحمن ذو الرحمة الشاملة التى وسعت الخلق فى أرزاقهم
ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والرحيم خاص بالمؤمن كما قال تعالى :
[ وكان بالمؤمنين رحيما ] ،
[ الدين ] الجزاء ومنه الحديث " كما تدين تدان " أى كما تفعل تجزى.
[ نعبد ] قال الزمخشري : العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل ، ولذلك لم
تستعمل إلا فى الخضوع لله تعالى ، لأنه مولي أعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى
الخضوع
[ الصراط ] الطريق وأصله بالسين من الاستراط بمعنى الابتلاع ، كأن الطريق يبتلع السالك ، قال الشاعر :
شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط
[ المستقيم ] الذي لا عوج فيه ولا انحراف " آمين " أى استجب دعاءنا ، وهي
ليست من القرآن الكريم إجماعاً ، ولهذا لم تكتب فيه ، وإنما هى من تعليم
رسول الله وهديه.
التفسير :
علمنا البارى جل وعلا كيف ينبغى أن نحمده تعالى ونقدسه ، ونثني عليه بما هو أهله فقال
[ الحمد لله رب العالمين ] أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد
لله ، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم ، فأنا الله ذو العظمة والمجد
والسؤدد ، المتفرد بالخلق والإيجاد ، رب الإنس والجن والملائكة ، ورب
السموات والأرضين ، فالثناء والشكر لله رب العالمين ، دون ما يعبد من دونه
[ الرحمن الرحيم ] أي الذي وسعت رحمته كل شئ وعم فضله جميع الأنام ، بما
أنعم على عباده من الخلق ، والرزق ، والهداية إلى سعادة الدارين ، فهو الرب
الجليل عظيم الرحمة دائم الإحسان
[ مالك يوم الدين ] أي هو سبحانه المالك للجزاء والحساب ، المتصرف فى يوم الدين تصرف المالك في ملكه
[ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ]
[ إياك نعبد وإياك نستعين ] أي نخصك يا الله بالعبادة ، ونخصك بطلب الإعانة
، فلا نعبد أحدا سواك ، لك وحدك ربنا نذل ونخضع ، ونستكين ونخشع ، وإياك
ربنا نستعين على طاعتك ومرضاتك ، فإنك المستحق لكل إجلال وتعظيم ، ولا يملك
القدرة على عوننا أحد سواك
[ إهدنا الصراط المستقيم ] أي دلنا وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق ، ودينك
المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك ، وأرسلت به خاتم
المرسلين ، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين
[ صراط الذين أنعمت عليهم ] أي طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا
[ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] أي لا تجعلنا يا الله من زمرة أعدائك
الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير المنهج القويم ، من اليهود
المغضوب عليهم ، أو النصارى الضالين ، الذين ضلوا عن شريعتك القدسية ،
فاستحقوا الغضب واللعنة الأبدية. اللهم آمين.
بسم الله الرّحمان الرّحيم
بين يدى السورة الكريمة :
هذه السورة الكريمة مكية ، وآياتها سبع بالإجماع ، وتسمى " الفاتحة "
لافتتاح الكتاب العزيز بها ، حيث إنها أول القرآن فى (الترتيب) لا فى
(النزول) ، وهى - على قصرها ووجازتها - قد حوت معانى القرآن العظيم ،
واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال ، فهى تتناول أصول الدين وفروعه ،
تتناول العقيدة ، والعباد ، والتشريع ، والاعتقاد باليوم الآخر ، والإيمان
بصفات الله الحسنى ، وإفراده بالعبادة ، والاستعانة والدعاء ، والتوجه إليه
جل وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق ، والصراط المستقيم ، والتضرع إليه
بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم
والضالين ، وفيها الأخبار عن قصص الأمم السابقين ، والاطلاع على معارج
السعداء ومنازل الأشقياء ، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه ، إلى غير
ما هنالك من مقاصد وأغراض وأهداف ، فهي كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة ،
ولهذا تسمى " أم الكتاب " لأنها جمعت مقاصده الأساسية.
فضلها :
فى صحيح البخارى أن النبى (ص) قال لأبى سعيد بن المعلى : " لأعلمنك سورة هى
أعظم السور فى القرآن : الحمد لله رب العالمين ، هى السبع المثاني ،
والقرآن العظيم الذى أوتيته " .
التسمية :
تسمى " الفاتحة ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، والشافية ، والوافية ،
والكافية ، والأساس ، والحمد " وقد عددها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه
السورة الكريمة اثنى عشر اسماً.
اللغة :
[ الحمد ] الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل ، مقروناً بالمحبة ،
وهو نقيض الذم وأعم من الشكر ، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد
[ الله ] اسم علم للذات المقدسة لا يشاركه فيه غيره ، قال القرطبي : هذا
الاسم [ الله ] أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها ، وهو اسم للموجود الحق ،
الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي
لا إله إلا هو سبحانه
[ رب ] الرب : مشتق من التربية وهى إصلاح شؤون الغير ورعاية أمره ، قال
الهروي : " يقال لمن قام بإصلاح شئ وإتمامه : " قد ربه ، ومنه الربانيون
لقيامهم بالكتب " (تفسير القرطبى 1/133) والرب يطلق على عدة معان وهى "
المالك ، والمصلح ، والمعبود ، والسيد المطاع "
[ العالمين ] العالم : اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط ، وهو يشمل :
الإنس والجن والملائكة والشياطين كذا قال الفراء ، وهو مشتق من العلامة لأن
" العالم " علامة على وجود الخالق جل وعلا
[ الرحمن الرحيم ] صفتان مشتقتان من الرحمة ، وقد روعى في كل من[ الرحمن ]
و[ الرحيم ] معنى لم يراع فى الآخر ، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة لأن "
فعلان " صيغة مبالغة فى كثرة الشيء وعظمته ، والرحيم بمعنى دائم الرحمة لأن
صيغة " فعيل " تستعمل فى الصفات الدائمة ، ككريم وظريف فكأنه قيل : العظيم
الرحمة ، الدائم الإحسان.
قال الخطابي : الرحمن ذو الرحمة الشاملة التى وسعت الخلق فى أرزاقهم
ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والرحيم خاص بالمؤمن كما قال تعالى :
[ وكان بالمؤمنين رحيما ] ،
[ الدين ] الجزاء ومنه الحديث " كما تدين تدان " أى كما تفعل تجزى.
[ نعبد ] قال الزمخشري : العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل ، ولذلك لم
تستعمل إلا فى الخضوع لله تعالى ، لأنه مولي أعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى
الخضوع
[ الصراط ] الطريق وأصله بالسين من الاستراط بمعنى الابتلاع ، كأن الطريق يبتلع السالك ، قال الشاعر :
شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط
[ المستقيم ] الذي لا عوج فيه ولا انحراف " آمين " أى استجب دعاءنا ، وهي
ليست من القرآن الكريم إجماعاً ، ولهذا لم تكتب فيه ، وإنما هى من تعليم
رسول الله وهديه.
التفسير :
علمنا البارى جل وعلا كيف ينبغى أن نحمده تعالى ونقدسه ، ونثني عليه بما هو أهله فقال
[ الحمد لله رب العالمين ] أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد
لله ، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم ، فأنا الله ذو العظمة والمجد
والسؤدد ، المتفرد بالخلق والإيجاد ، رب الإنس والجن والملائكة ، ورب
السموات والأرضين ، فالثناء والشكر لله رب العالمين ، دون ما يعبد من دونه
[ الرحمن الرحيم ] أي الذي وسعت رحمته كل شئ وعم فضله جميع الأنام ، بما
أنعم على عباده من الخلق ، والرزق ، والهداية إلى سعادة الدارين ، فهو الرب
الجليل عظيم الرحمة دائم الإحسان
[ مالك يوم الدين ] أي هو سبحانه المالك للجزاء والحساب ، المتصرف فى يوم الدين تصرف المالك في ملكه
[ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ]
[ إياك نعبد وإياك نستعين ] أي نخصك يا الله بالعبادة ، ونخصك بطلب الإعانة
، فلا نعبد أحدا سواك ، لك وحدك ربنا نذل ونخضع ، ونستكين ونخشع ، وإياك
ربنا نستعين على طاعتك ومرضاتك ، فإنك المستحق لكل إجلال وتعظيم ، ولا يملك
القدرة على عوننا أحد سواك
[ إهدنا الصراط المستقيم ] أي دلنا وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق ، ودينك
المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك ، وأرسلت به خاتم
المرسلين ، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين
[ صراط الذين أنعمت عليهم ] أي طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا
[ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] أي لا تجعلنا يا الله من زمرة أعدائك
الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير المنهج القويم ، من اليهود
المغضوب عليهم ، أو النصارى الضالين ، الذين ضلوا عن شريعتك القدسية ،
فاستحقوا الغضب واللعنة الأبدية. اللهم آمين.