غالبا
ما يشعر المدمن باليأس من امكان تخليه عما ادمنه، سواء كان مادة مخدرة او
مادة دوائية عقاقيرية او حتى سلوك مسيطر عليه. لكن الشفاء والتخلص من
الادمان ممكن إن اتّبع القنوات السليمة في العلاج والتزم بالتعليمات التي
يصدرها له الأطباء المتخصصون. وأول خطوة هي المبادرة بدخول المدمن طوعا الى
مركز علاج واعادة تأهيل الادمان.
تشير الدراسات الى ارتفاع نسبة
الشفاء والتغلب على الادمان مع انخفاض نسبة الانتكاسة عند من لديهم الإرادة
والرغبة الصادقة، بينما ترتفع نسبة الفشل فيمن غصبوا على دخول المصحات.
لذا، يعتبر توافر الدافع والرغبة الحقيقية من قبل المدمن امرا مهمًّا
للتغلب على ادمانه.
يعرف المدمن بأنه من يشعر برغبة غير مسيطر عليها
وملحة بتعاطي مادة معينة، فلا يستطيع الابتعاد عنها لمدة طويلة. واعرب
الدكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية الطب في جامعة
القاهرة والحاصل على الزمالة الاميركية لطب الادمان وعلاجه، عن أن شعور
الشخص باعتماده على المادة عضويا هو الطريق الى إدمانها جسديا. واشار الى
خطأ الاعتقاد ان توافر القدرة على الابتعاد عن هذه المادة يومين ثم تعاطيها
في اليوم الثالث هو دليل على عدم الادمان. واضاف قائلا:
- ما دام هناك
احتياج جسدي يجبره على تعاطي المادة المخدرة فهو ادمنها عضويا. وللشفاء
والتخلص من الادمان يجب قصد مركز علاج متخصص لتنفيذ خطوات العلاج بحزم
وجدية. ويعتمد نجاح علاج المدمن على العديد من العوامل، من أهمها نوعية
المواد المخدرة ومدة تعاطيها ومدى الرغبة في التخلص من الادمان وطبيعة
شخصية المدمن وقدرته على الضبط الذاتي والصبر.
إدمان المنشطات
تؤثر
المنشطات على الجهاز العصبي فتجعله فائق التنبه والنشاط، وهو ما يشعر
متعاطيها بفرط في الطاقة والقدرة البدنية والذهنية وبالقوة ايضا. بيد ان
هذا الشعور لا يستمر طويلا نتيجة تكيف الجسم عليها بمرور الوقت، مما يضطر
المتعاطي الى زيادة الجرعة للحصول على التأثير المرغوب. ومع الوقت يصل عدد
مرات تعاطي المنشطات وكميتها الى جرعات كبيرة، وغالبا ما يسبب ذلك ظهور
اعراض مثل التشنج والإغماء والصدمة العصبية المميتة.
خطر الكوكايين
لمادة
الكوكايين تأثير سلبي ومباشر على القلب، فهي تزيد بشكل ملحوظ من سرعة
دقاته وتعرضه للإجهاد والنوبة القلبية المميتة. كما يدمر الكوكايين خلايا
الدماغ العصبية، مما يفسر ظهور اعراض على متعاطيه، مثل: عدم القدرة على
اتخاذ القرار وفقدان سريع للذاكرة والارق وصعوبة النوم والتشتت. وعلى اثر
ذلك، يشعر المدمن بزيادة الحاجة الى تعاطي جرعات كبيرة من المنومات او
الهيرويين حتى يتغلب على اعراضه.
وتابع د. عبدالمقصود موضحا:
-
رغم معرفة الجميع بخطر الكوكايين، الا ان البعض يقدم عليه من منطلق تجربة
اثره في الرغبة الجنسية. فهو يشعل الرغبة الجنسية في البداية، لكنه يقرن مع
مشكلة سرعة القذف، مما يوجه الرجل الى تناول الهيرويين لحل المشكلة
والاستمتاع لأطول مدة ممكنة. بيد ان للهيرويين تأثير سلبي يضعف الانتصاب
وقد يمنعه، وهنا يتوجه المتعاطي الى الفياغرا ومشتقاتها. وتكون الحصيلة، هي
انتصاب من دون قذف نتيجة الفياغرا والهيرويين مع عدم الشعور بالتعب أو
الشبع نتيجة الكوكايين.
وهذا امر مخالف تماما لطبيعة الجسم الذي له طاقة
محدودة تتضاءل مع تقدم السن حتى تتماشى مع قدرة القلب وباقي الأجهزة، لذلك
تكون النتيجة الطبيعية لتناول هذا الخليط توقف القلب والوفاة أثناء
الممارسة الجنسية.
أعراض الإدمان
من أهم أعراض الإدمان التغير
في السلوك والميل الى العزلة والسهر طوال الليل والنوم طوال النهار وعدم
الذهاب إلى العمل وتدهور التحصيل الدراسي بالنسبة للطلبة، مع التدخين
بشراهة وقلة الشهية، وبالتالي انخفاض الوزن. وغالبا ما يلحظ حرق الشخص
لملابسه بالسجائر من دون شعور ووجود أشياء غير عادية في سيارته أو غرفة
نومه مثل ليمونة أو فنجان قهوة أو حقن لأنها أدوات تستخدم في التعاطي.
كيف تكتشف المخدرات؟
بعد
التعاطي، يمكن اكتشاف المخدرات في الدم لفترة تتراوح من 6 إلى 8 ساعات،
بينما تكتشف في فحص البول حتى فترة ثلاثة أسابيع. وبما ان الشعر ينمو بمعدل
1 سم كل شهر، فإذا حصلنا على شعرة طولها 10 سم، يمكن كشف تاريخ تعاطي
المخدرات خلال مدة عشرة أشهر السابقة.
هل يعتبر الحشيش إدمانا؟
يؤكد
د. عبدالمقصود على ان الحشيش هو البوابة الملكية التي تؤدي إلى تعاطي
المخدرات الأخرى مثل الهيرويين والأفيون. لذا شدد على اهمية ابتعاد الشباب
عن تجربة أي مادة مخدرة وتناولها ومنها الحشيش وعدم الانجراف مع رفقة
السوء، لتفادي الوقوع في دائرة الإدمان.
العلاج قسمان
• هل يضمن العلاج العضوي عدم الانتكاسة؟
-
ينقسم علاج الإدمان إلى قسمين: جانب عضوي وجانب نفسي. والعلاج العضوي
للإدمان ليس إلا الخطوة الأولى ويتبقى على المريض المتابعة مع الطب النفسي
والاختصاصيين الاجتماعيين للعمل على تأهيله نفسياً واجتماعياً حتى يستطيع
مسايرة المجتمع بوجهه الجديد وتقليل فرص الانتكاسة.
وليس هناك ضمان لعدم
حدوث الانتكاسة وارتداد الادمان. فالانتكاسة تعتمد على طريقة العلاج
النفسي والاجتماعي بعد علاجه من الناحية العضوية وعلى إرادة المريض في
البقاء نظيفا وبعيدا عن المخدرات. ولا بد من ان يبتعد المدمن عن المتعاطين،
فتعاطي المواد المخدرة أمامه سوف ينبه مراكز دماغه لاسترجاع الذاكرة
الخاصة بتعاطيه للمخدرات.
ضمان السرية التامة
اكد د. عبدالمقصود ضمان السرية التامة للعلاج وقال:
-
يكفل للمريض حق العلاج في أمان وسرية تامة، مادام ليس عليه أي شبهة
جنائية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إبلاغ أي شخص او جهة حكومية عن أي
مريض تم علاجه، كما ليس لهم حق التدخل في العلاج أو السؤال عن اسماء
المرضى.
سبب موت المدمن
عادة ما يبدأ المريض بجرعات صغيرة، ثم يقوم
بمضاعفتها بشكل تدريجي مع مرور الوقت للحصول على الاثر المرغوب فيه ولتجنب
آلام الاعراض الانسحابية. وغالبا ما يكون سبب موت المدمن هو الاعتياد على
التعاطي (Tolerance)، بمعنى أن الجسم يصبح في حاجة متزايدة لزيادة جرعة
المواد المخدرة حتى يتجنب آلام الأعراض الانسحابية التي تحدث عند نقص نسبة
المخدر في الدم. ومع تزايد كمية التعاطي يأتي وقت تصل فيه الى درجة تؤدي
إلى توقف القلب والرئة وبالتالي وفاة المدمن. وشدد الدكتور على ان المدمن
لم يقصد الانتحار ولكنه كان يقصد زيادة الجرعة للتخلص من الآلام المبرحة.
نصيحة
في النهاية وجه د. عبد المقصود نصيحة الى الشباب، قائلا:
-
إلى الشباب الذين لا يتعاطون المخدرات، لا تنجرفوا وتصدقوا رفقاء السوء
عندما يقولون لكم ان استخدام المواد المخدرة يمكن التخلص منه في أي وقت
ترغبون فيه، فهو كلام خاطىء وغير علمي تماما. فلا يمكن الدخول في دائرة
تعاطي المخدرات إلا بالانتهاء با لإدمان وعدم القدرة على الابتعاد عنه. وهي
دائرة ليس لها نهاية إلا الموت من جرعة زائدة.
العقم والهيرويين
توجد
علاقة وطيدة ومثبتة علميا ما بين تعاطي المخدرات وانخفاض الخصوبة وعدم
القدرة على الإنجاب. فتعاطي المخدرات والهيرويين يؤدي إلى الحد من نشاط
الحيوانات المنوية ويضعفها ويقلل من عددها كثيرا. والنتيجة هي عدم قدرة
الرجل المدمن على تخصيب البويضة، وحتى ان حصل التخصيب لا يكون سليما، وعادة
ما يجهض الجنين غير الطبيعي فور تكونه.
احذروا الترامادول
ينتمي
عقار «ترامادول» Tramadol إلى أملاح المورفين المخدر. ويستخدم هذا العقار
لعلاج الآلام المتوسطة والآلام الشديدة كما يحدث في أمراض السرطانات. بيد
ان البعض يتناوله من دون وصفة او الانتباه الى كونه مخصصا لحالات خاصة
وأنواع معينة من الآلام التي تتطلب مسكنات قوية. ولهذا العقار تأثير يسبب
تغييرا كبيرا في ضغط الدم ورتم القلب بشكل عام. وعادة ما يسبب انخفاضا في
ضغط الدم، لكنه قد يسبب احيانا الارتفاع ايضا.
وبما أنه من مشتقات أملاح
المورفين فهو يسبب الغثيان، وضعف التركيز، وفي حالات كثيرة يؤدي إلى آلام
في المعدة والإسهال وخدراً وتنميلاً في الأطراف.
بالاضافة الى ذلك، قد
يؤثر في الكبد إذا تم تناوله لمدة طويلة وبجرعات كبيرة، وأهم أثر جانبي
لهذا العقار هو أنه يسبب التعود والإدمان، لذا يجب أن يكون هنالك حذر في
تناوله، بحيث يتم تحت الإشراف الطبي وبجرعة محددة.
الصيني خطر
لوحظ
في الآونة الأخيرة انتشار الترامادول الصيني المهرب في الأسواق، وتركيزه
225 مجم وأحد أسمائه «تراماجاك». ومن أخطاره إحداث بؤر صرعية تسبب حدوث
تشنجات عند مستخدميه. وحذر د. عبدالمقصود المرضى المتعاطين من ضرورة التأكد
من مصدر العقار قبل استخدامه. كما على الاطباء تمرير المعلومة لمرضاهم عند
وصف العقار كمسكن قوي للمريض.
كيفية طرد المخدر
الهدف
المبدئي من العلاج، هو مساعدة الجسم على التخلص سريعا من المادة المدمنة
مثل الهيرويين والأفيون والكودايين والترامادول ومشتقاته.
وعادة ما
يتخلص الجسم من هذه المواد خلال عشرة أيام بدون أي تدخل طبي ويرافقها
الكثير من الأعراض الانسحابية. منها على سبيل المثال: مغص وقيء وإسهال وألم
في أسفل الظهر والمفاصل والعضلات. ويساهم العلاج الطبي في زيادة سرعة تخلص
الجسم من هذه المواد (أدوية طاردة للمواد المخدرة) ولكن من دون ان يشعر
المريض بمعظم آلام الطرد. حيث تتم هذه العملية أثناء نوم المدمن تحت تأثير
المهدئات العامة، مما يجنبه المعاناة من آلام الأعراض الانسحابية. فيقيم
المريض ثلاثة أيام داخل المستشفى، ليخرج بعد ان تم طرد المخدرات من جسمه
تماما. وقصر المدة مهم جدا لمن لا يستطيعون الغياب لفترة طويلة عن العمل او
عن المحيطين بهم خشية انكشاف امرهم.
ونبه د. عبدالمقصود الى خطأ
الاعتقاد أن العلاج يقتضي تغيير دم المريض أو إخراجه من جسمه، فليس لتغيير
دم المريض دور في علاج السموم المخدرة. وما يتم فعلا هو تنشيط وتسريع عملية
طرد المخدر من الجسم فقط.