الحرمان من النوم.. يؤدي إلى مشاكل صحية وسلوكية
«لماذا ننام؟» سؤال مهم حيّر العلماء على مدى قرون طويلة وحتى يومنا هذا، وتعددت النظريات التي حاولت الإجابة عنه.
وعلميا،
لا يوجد تفسير دقيق يجيب عنه، إلا أن العلماء باتوا يعلمون كثيرا عن أهمية
النوم السليم للصحة البدنية والنفسية السليمة، إضافة إلى وصف طبيعة النوم،
وما يصاحبه من تغيرات حيوية وعضوية.
توجهت «صحتك» بنفس السؤال إلى أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال، الدكتور
أيمن بدر كريّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم المشرف على مركز
تشخيص وعلاج اضطرابات النّوم - مدينة الملك عبد العزيز الطبية - الشؤون
الصحية بالحرس الوطني بجدة، فأفاد بأن كثيرا من الدراسات الأولية التي
أجريت منذ أكثر من عقدين على الحيوانات وتم فيها دراسة أثر الحرمان الحاد
والمزمن من النّوم، قد أظهرت أكبر الأدلة على أهمية النّوم السليم بعدد
ساعات كافية، وما ينتج من تبعات خطيرة جراء الحرمان منه.
في
دراسة للدكتور إيفيرسون، أجريت على الفئران ونشرت عام 1989 في مجلة
«النّوم» الطبية، كانت النتيجة موت جميع الفئران التي حرمت عمدا من النوم
تماما وبشكل حاد، بعد عدة أيام وذلك بسبب مضاعفات خطيرة ظهرت على شكل هزال
شديد، وتقرّحات في الجلد، واختلال في عملية التمثيل الغذائي، تطورت إلى
تسمم بكتيري بالدم، نتيجة انهيار نظام المناعة.
أما
بالنسبة للدراسات الطبية التي أجراها العلماء على الإنسان، فقد استمر
الحرمان القهري من النوم لمعدل 5 إلى 10 أيام فقط، نظرا لنوبات النوم
القهري التي انتابت الأشخاص تحت التجربة، بعد أعراض الهلوسة، واضطراب
الأعصاب، وسوء التركيز.
وظائف النوم المهمة
*
ويحتاج جسم الإنسان البالغ إلى معدل 7 - 8 ساعات من النوم في اليوم
والليلة، حتى يستطيع القيام بجميع وظائفه الحيوية على أكمل وجه. ويزيد هذا
العدد إلى 16 ساعة بالنسبة للأطفال الرضع، ويقل إلى نحو 5 - 6 ساعات
بالنسبة لكبار السن (فوق 65 عاما).
ومن أهم الوظائف إعادة شحن الطاقة، المساعدة على النمو الجسدي والعقلي، وصيانة أعضاء الجسم لضمان قوة التركيز والنشاط أثناء النهار.
وضمن
هذا السياق لا بد من الحديث عن أهمية نوعية النوم واستقراره أثناء الليل
الذي لا يقل أهمية عن عدد ساعات النوم الكافية. فالمريض الذي يعاني من
رداءة طبيعة النوم أثناء الليل - وإن كان طويلا من حيث الوقت - قد يعاني من
نفس المشكلات التي يعاني منها المحروم من ساعات النوم الكافية.
الحرمان من النوم
*
يقول الدكتور أيمن كريّم إن الحرمان من النوم ينقسم إلى قسمين رئيسيين،
الأول هو الحرمان الكُلّي (الحاد) من النوم (Acute Total Sleep Loss)
والثاني الحرمان الجزئي والمزمن من النوم (Chronic Partial Sleep
Deprivation).
ولا يحتاج الإنسان إلى عدد ساعات نوم
كافية فقط، ولكن يحتاج أيضا إلى أن يمر بمراحل النوم المختلفة، كالنوم
العميق والنوم الحالم، بنسب معينة وصحيّة أثناء نومه.
يُعد
الحرمان المزمن من النوم واحدا من أهم الاضطرابات السلوكية الاجتماعية في
المجتمعات الحديثة، وأكثرها انتشارا، حيث يعاني نحو 37 في المائة من سكان
الولايات المتحدة الأميركية من الحرمان «الإرادي» المزمن من النوم، فلا
ينامون إلا نحو 6 ساعات ونصف فقط في الليلة الواحدة.
ويلاحظ
انتشار هذه المشكلة الاجتماعية في المجتمعات العربية، نتيجة تأخر أوقات
النوم وثقافة السهر، والارتباطات الاجتماعية المختلفة التي تبدأ عادة في
ساعة متأخرة من الليل، وانتشار القنوات الفضائية، والإنترنت، وأسواق التبضع
على مدى 24 ساعة، وعدم انتظام ساعات النوم والاستيقاظ حتى عند صغار السن،
الذين يحتاجون إلى ساعات نوم أطول لاكتمال النمو البدني والنفسي.
القيلولة
*
ينصح بالقيلولة أثناء النهار (Power Nap) للتخفيف من آثار الحرمان من
النوم أثناء الليل لبعض الأشخاص، ولكن لا ينصح أن تزيد على 30 دقيقة. أما
بالنسبة لمن يعانون من الأرق أثناء الليل فلا ينصح لهم بالنوم أثناء
النهار، تجنبا لزيادة الأرق أثناء الليل، فمن تمام العافية أن يأخذ الإنسان
كل ما يحتاجه من الراحة البدنية بالنوم أثناء ساعات الليل، فالنوم بالنهار
ليس أبدا بجودة النوم أثناء الليل، حيث جعل الله الليل للسبات والنّهار
للمعاش وكسب الرزق، وهو ما تُمليه الفطرة السليمة.
أوضح الدكتور أيمن كريّم أن أهم مضاعفات الحرمان المزمن مضاعفات الحرمان من النوم
*
من النوم السليم، تعكّر المزاج، وقلة التركيز، وسوء الذاكرة قصيرة الأمد،
وصعوبة إعطاء الآراء السديدة، إضافة إلى زيادة النّعاس والنوم القهري أثناء
النهار.
ومن أخطر مضاعفات الحرمان من النوم - بقسميه
الحاد والمزمن - زيادة نسبة حوادث السيارات. فقد بينت كثير من الدراسات
زيادة معدل حوادث السير إلى ما يقرب من 5 أضعاف عند الأشخاص المحرومين من
النوم لمدة تزيد على 20 ساعة متواصلة، وكذلك عند الأشخاص الذين ناموا لما
يقرب من 4 ساعات فقط في الليلة السابقة للحادث، مقارنة بغيرهم من أصحاب
النوم الكافي.
وخلصت تلك الدراسة إلى أن العمل في
أكثر من وظيفة صباحية ومسائية، والعمل بنظام المناوبات، والقيادة بعد أكثر
من 15 ساعة متواصلة من دون نوم، وخاصة خلال ساعات الليل المتأخرة، تعد من
أهم العوامل الرئيسية لحوادث السير.
مسح علمي
*
وأثبت مسح حديث في المجتمع الأميركي تنامي ظاهرة النعاس أثناء القيادة
للعاملين في مجال النقل، بما فيهم الطيارون، جراء ساعات العمل الممتدة،
واضطرارهم للقيادة خلال أوقات غير ملائمة من الليل والنهار، فنتيجة الإرهاق
والنعاس، اعترف نحو 20 في المائة من الطيارين، بارتكابهم أخطاء خطيرة
أثناء الطيران تبعا لاختلال أوقات النوم والاستيقاظ وحرمان 50 في المائة
منهم من النوم السليم، واختلال عمل الساعة الحيوية التي تتحكم في تنظيم
ساعات النوم والاستيقاظ.
دراسة سعودية حديثة
*
في دراسة حديثة طُبقت على عينة من الأطباء السعوديين (81 طبيبا) المنخرطين
في برامج زمالة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بكلّية الطب في جامعة
الملك عبد العزيز بجدة، تم جمع معلومات بواسطة المقابلات الشخصية، وتعبئة
استبيان مفصّل عن نمط نومهم خلال الليلة التي سبقت يوم نوباتهم الطويلة،
وأثناء ساعات المناوبة التي تستمر 24 ساعة، ومباشرة بعد الانتهاء من
مسؤولياتهم المهنية في نهاية المناوبة.
وأظهرت النتائج
معاناة 87 في المائة من أفراد العينة من الحرمان الحاد من النوم، حيث
ناموا أقل من 5 ساعات خلال ساعات مناوباتهم (24 ساعة)، في حين نام 25 في
المائة منهم أقل من ساعتين فقط خلال يوم مناوبتهم، كما أفاد 85 في المائة
من الأطباء بمعاناتهم من التململ أثناء النوم وكثرة الاستيقاظ، في إشارة
إلى رداءة طبيعة نومهم بشكل مزعج، مما سبب اضطرابا في المزاج وتوترا ملحوظا
لدى 33 في المائة منهم.
ومن ضمن النتائج الخطيرة لهذه
الدراسة، ارتباط الإعياء الشديد والحرمان من النوم خلال فترة المناوبة،
بتعرض 10 في المائة من الأطباء إلى حوادث سيارات خلال صباح اليوم التالي
أثناء قيادتهم بعد انتهاء المناوبة الليلية. وقد دل مقياس «ستانفورد» على
أن 60 في المائة من الأطباء الذين تورطوا في حوادث سيارات، كانوا في حالة
نعاس شديد، لكن الأخطر، أن معظمهم لم يشعروا بحقيقة أنهم في حالة نعاس
مفرط، ولم يتوقفوا لأخذ غفوة قصيرة، ولم يعترفوا بإصابتهم بالنعاس حين تم
سؤالهم بشكل مباشر.
وعلق الدكتور أيمن كريّم على هذه
الدراسة، بأن هناك تباينا بين البحوث في هذا المجال حول أثر المناوبات
الليلية الطويلة على الأخطاء الطبية، فأشار عدد منها بوضوح، إلى تأثر نسبة
20 في المائة من أطباء الجراحة العامة وأطباء التخدير - على سبيل المثال -
بارتفاع نسبة الأخطاء التقنية لدى المحرومين من النوم منهم، مقارنة
بزملائهم الذين أخذوا قسطا وفيرا من النوم خلال الليل، كما تسبب فرط
الإرهاق والنعاس في 41 في المائة من الأخطاء الطبية في دراسة أميركية، أدت
إلى وفاة المرضى في ثلث هذه الأخطاء الخطيرة.
وفي
السياق نفسه، أفاد الدكتور كريّم بأن 50 في المائة من الأطباء في دراسة
أميركية، اعترفوا بوقوعهم في النوم القهري أثناء قيادة سياراتهم وهم في
طريقهم إلى بيوتهم بعد نهاية مناوباتهم، مما حدا بأحد الباحثين الأميركيين
(عام 2005) بالتحذير من أن امتداد ساعات المناوبات الطبية، يمثل عامل خطر
للإصابة في حوادث سيارات.
نقص النوم والأمراض
*
ارتفاع ضغط الدم، برزت على السطح حديثا نتائج دراسة أميركية حديثة نُشرت
نتائجها في مجلة أرشيف الأمراض الباطنية (Archives of Internal Medicine)،
أظهرت ارتباط الحرمان المزمن من النوم بالإصابة بارتفاع ضغط الدم. فخلال
خمس سنوات من متابعة نمط النوم لدى 587 من الأفراد البالغين، أصبح جليا
إصابة أفراد العينة الذين قل نومهم عن 7 - 8 ساعات يوميا بارتفاع ضغط الدم
بنسبة أكبر من غيرهم.
وبعد خمس سنوات، تبين أن نقص
ساعة واحدة من معدل ساعات النوم المطلوبة (8 ساعات يوميا)، تزيد من خطر
الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 37 في المائة، بغض النظر عن وجود عوامل
الخطر الأخرى التي تساعد على الإصابة بارتفاع ضغط الدم، كفرط الوزن والشخير
أو انقطاع التنفس أثناء النوم. واللافت للنظر أن معدل عدد ساعات النوم ضمن
أفراد العينة لم يتجاوز الست ساعات، في إشارة إلى حرمان معظمهم من النوم
السليم.
* الإصابة بالخرف، هناك دلائل جديدة تشير إلى
ارتفاع خطر الإصابة بمرض الخرف نتيجة حدوث مرض ألزهايمر. فقد أظهر بحث
أجرته جامعة واشنطن في ولاية ميسوري الأميركية ارتباط الحرمان المزمن من
النوم السليم بتراكم مادة «الأمايلويد» في أنسجة المخ. ومعروف أن ألزهايمر
يعد أحد الأمراض العصبية الذهنية المزمنة، التي تصيب كبار العمر نتيجة ضمور
المخ، وتراكم طبقات بروتين الأمايلويد بصورة غير طبيعية، مما يحد من قدرة
المخ على القيام بوظائفه الذهنية الضرورية للحياة.
وقد
وجد الباحثون دليلا على تراكم هذه الرقائق البروتينية السامة بصورة أكبر
وأسرع، لدى تعرض فئران التجارب إلى السهر القسري والحرمان من النوم السليم.
كما ظهرت النتيجة نفسها لدى قياس الأمايلويد لدى الأشخاص المحرومين من
النوم لأي سبب كان، حيث يرتفع مستوى هذا البروتين أثناء الاستيقاظ الطويل،
وينخفض عند الخلود للنوم بصورة طبيعية. وقد يكون هذا أحد التفسيرات لاضطراب
طبيعة النوم بشكل ملحوظ لدى المصابين بخرف الشيخوخة، ومعاناتهم من اختلال
أوقات النوم والاستيقاظ بشكل مزعج.
نقص النوم وزيادة الوزن
*
أشارت عدة دراسات إلى ارتباط الحرمان من النوم بفرط الوزن لدى الأطفال
والكبار، ففي دراسة حديثة أجراها فريق طبي من جامعة واريك البريطانية ونشرت
في مجلة «النوم» الطبية، تم تحليل نتائج 45 دراسة علمية أجريت ما بين عام
1996 وعام 2007 على الأطفال والبالغين، بغرض تحديد العلاقة ما بين قلة عدد
ساعات النوم وزيادة الوزن. ووصل عدد الأفراد المشمولين بالدراسة إلى أكثر
من 600 ألف ما بين نساء ورجال تتراوح أعمارهم ما بين 2 و102 سنة. وخلصت هذه
الدراسة التحليلية إلى أن نسبة الإصابة بالبدانة عند الأطفال في سن النمو
والذين ينامون أقل من 10 ساعات في الليلة قد تصل إلى 89 في المائة مقارنة
بمن ينامون أكثر من 10 ساعات في اليوم، وأن البالغين الذين ينامون 5 ساعات
أو أقل في الليلة يزيد احتمال إصابتهم بالبدانة إلى 55 في المائة مقارنة
بالبالغين الذين ينامون أكثر من 5 ساعات في اليوم.
ومن
الملاحظات المؤدية إلى هذه النتيجة، اختلال عمل هرمونات الشبع والجوع،
وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائي، وحقيقة أن المحروم من النوم
لساعات طويلة، يجد وقتا أكثر وشهية أكبر لتناول مزيد من السعرات الحرارية
وتخزينها على هيئة شحوم.
اضطرابات النوم والطعام
*
يتأثر النوم بالكثير من العوامل الصحية والسلوكية، ويعد الطعام الذي
نتناوله في اليوم والليلة، أحد تلك العوامل التي تؤثر في طبيعة النوم سلبا
وإيجابا. ومن الأطعمة التي تساعد على التمتع بنوم هادئ، الحليب ومشتقاته من
الأجبان لما تحتوي عليه هذه الأطعمة وغيرها، كالموز والدواجن والقمح
والعسل، من مادة التريبتوفان المحفزة على النوم والطاردة للأرق.
ويمكن
للأطعمة المحتوية على النشويات أن تعزز عمل مادة التريبتوفان في الحصول
على نوم هادئ. وكمثال على ما يمكن تناوله قبل الخلود للنوم، وجبة الحليب مع
رقائق الذرة، أو اللبن مع قطع البسكويت، أو ساندويتش (شطيرة) الجبن، فهي
من الوجبات المثلى التي ينصح بها. وفي السياق نفسه، ينصح لمن يعاني من أرق
منتصف الليل أن يتناول القليل من الطعام الخفيف، حيث إن امتلاء المعدة
قليلا يمكن أن يحفز على النعاس.
ومن العادات
الغذائية والسلوكية الخاطئة التي يمكن أن تحرم الإنسان من التمتع بنوم
جميل، الإفراط في تناول المواد البروتينية والدهنية خاصة أثناء ساعات
الليل. فإضافة إلى صعوبة هضم هذه الأطعمة، يُعد الحمض الأميني، التايروسين،
أحد محفزات المخ والجهاز العصبي مما يمكن أن يسبب طرد النعاس وصعوبة
النوم.
وتؤدي مثل تلك الأطعمة وغيرها من الأطعمة
المبهرة والمتبلة، إلى الارتجاع المَعِدي المريئي والإحساس المزعج بحرقة
الصدر، وأرق بداية ومنتصف النوم.
ولا يمكن تجاهل
المواد التي تسبب التأرق وكثرة التململ أثناء النوم، نظرا لإثارتها الجهاز
العصبي كمادة ال*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-*وتين التي يتشبع بها الجسم عند التدخين، وكتلك التي
تحتوي على مادة الكافين كالقهوة والشاي ومشروبات الطاقة، وغيرها من الأدوية
والعلاجات كبعض مضادات الألم واحتقان الأنف، وحتى مضادات الهستامين، التي
اعتاد كثير من الناس على تناولها قريبا من وقت النوم.
نقص النوم والزكام
*
أشارت دراسات علمية كثيرة إلى اضطراب جهاز المناعة نتيجة المعاناة من
الحرمان المزمن من النوم، ففي دراسة حديثة، تمت دراسة نمط النوم لدى 153
فردا من متوسطي الأعمار من الجنسين خلال 14 يوما، واختبار قابليتهم للإصابة
بأعراض الزكام بعد تعرضهم جميعا لفيروس «Rhinovirus» المسبب له.
وكانت
النتيجة، إصابة الأشخاص الذين بلغ معدل نومهم أقل من 7 ساعات يوميا بأعراض
الرشح بنسبة أكبر (3 أضعاف)، مقارنة بالأفراد الذين ينامون 8 ساعات أو
أكثر خلال الليل.
كما استطاع الأشخاص الذين بلغت جودة
نومهم 98 في المائة، أن يقاوموا بشكل أفضل، خطر الإصابة بفيروس الزكام،
مقارنة بغيرهم من أصحاب النوم الرديء بجودة أقل من 92 في المائة، الذين
أصيب معظمهم بأعراض الرشح.
وتضاعفت فرصة الإصابة
بأعراض فيروس الزكام إلى خمسة أضعاف لدى من قل نومهم عن «7 ساعات» في
الليلة، واشتكوا من رداءة النوم في نفس الوقت، حيث تبين أن كثرة التململ
أثناء النوم من أهم أسباب ضعف مقاومة الجسم لهذا الفيروس.
وتُضيف
هذه الدراسة المزيد إلى رصيد الأدلة المتواترة على الأثر السلبي للحرمان
من النوم الجيد على نظام المناعة، وضعف السيطرة على العدوى الفيروسية، نظرا
لاحتمال الإصابة بخلل في وظيفة خلايا الدم البيضاء، وعمل الأجسام المضادة
والمواد المقاومة للالتهاب.
فمن الملاحظ علميا إصابة
عدد كبير من أصحاب النوم الرديء - كموظفي المناوبات الدورية - بالنزلات
المعوية المتكررة، والتهابات الجهاز التنفسي أكثر من غيرهم، وأن الاكتفاء
من النوم بعدد ساعات مناسبة ومستقرة أثناء الليل، سبب للتمتع بصحة بدنية
ونفسية أفضل.
الأرق والوفاة من خلال دراسة قام بها
الباحثون في جامعة «وسكونسن» الأميركية، على عينة من 2242 شخصا، تم تحليل
بياناتهم المتعلقة بأعراض الأرق المزمن، تبين أن احتمال وفاة الأشخاص الذين
عانوا من أرق بداية النوم، وكثرة التململ أثناءه، أو صعوبة العودة إلى
النوم بعد الاستيقاظ، إضافة إلى الاستيقاظ في وقت مبكر غير اعتيادي، قد
ارتفع بمعدل 3 أضعاف مقارنة بغيرهم من الأشخاص غير المصابين بهذه الأعراض
المزعجة. وقد عُرضت نتائج هذه الدراسة خلال فعاليات مؤتمر «النوم 2010».
ومن
الملاحظ أن ارتباط الأرق المزمن بالوفاة المبكرة، لم يتأثر بعدد من
العوامل الأخرى المرتبطة باحتمال الوفاة مثل أمراض شرايين القلب التاجية،
والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين
الحرمان من النوم الجيد الناتج عن الأرق المزمن، وخطر الموت.
الوقاية والعلاج
*
يؤكد الدكتور أيمن بدر كريّم أنه لا يمكن التخلص من الآثار الخطيرة
للحرمان الحاد أو المزمن من النوم، إلا بالنّوم السليم وأخذ القسط الكافي
من راحة البدن أثناء ساعات الليل. فتجنب التدخين، والتقليل من تناول
المنبهات ومشروبات الطاقة، وتجنب أسباب السهر والتوتر بالليل، كتجنب
الانشغال بالهاتف الجوال، وشبكات التواصل الاجتماعي، وانتظام ساعات النوم
والاستيقاظ حتى أثناء الإجازات، واعتبار النوم واحدا من أهم الأولويات في
خضم حياتنا الاجتماعية، يجب احترام مواعيده بصفة يومية، يعد من أهم أسباب
النوم الصحي والسليم.
ومن الضروري الاهتمام باضطرابات
النوم المتعلقة بعمال المناوبات، وأخذ جميع الاحتياطات السلوكية المساعدة
على نيلهم قسطهم من النوم أثناء أوقات راحتهم في ساعات النهار، كتجنبهم
التعرض لضوء الشمس المباشر، وعدم تناول المنبهات قبل نهاية نوباتهم
الليلية، وخلودهم للنوم في جو بعيد عن الضوضاء، إضافة إلى أخذهم قسطا من
النوم أثناء مناوبتهم الليلية.
أما من يعاني من الأرق
المزمن أو عدم القدرة على ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ، أو من أعراض الشخير
وغيرها من اضطرابات التنفس أو الحركة أثناء النوم، أو من زيادة الخمول
والنعاس المفرط أثناء النهار، فمن الضروري له زيارة طبيب اضطرابات النوم،
في أقرب فرصة لعرض المشكلة وطلب النصيحة والعلاج المناسبين.
«لماذا ننام؟» سؤال مهم حيّر العلماء على مدى قرون طويلة وحتى يومنا هذا، وتعددت النظريات التي حاولت الإجابة عنه.
وعلميا،
لا يوجد تفسير دقيق يجيب عنه، إلا أن العلماء باتوا يعلمون كثيرا عن أهمية
النوم السليم للصحة البدنية والنفسية السليمة، إضافة إلى وصف طبيعة النوم،
وما يصاحبه من تغيرات حيوية وعضوية.
توجهت «صحتك» بنفس السؤال إلى أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال، الدكتور
أيمن بدر كريّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم المشرف على مركز
تشخيص وعلاج اضطرابات النّوم - مدينة الملك عبد العزيز الطبية - الشؤون
الصحية بالحرس الوطني بجدة، فأفاد بأن كثيرا من الدراسات الأولية التي
أجريت منذ أكثر من عقدين على الحيوانات وتم فيها دراسة أثر الحرمان الحاد
والمزمن من النّوم، قد أظهرت أكبر الأدلة على أهمية النّوم السليم بعدد
ساعات كافية، وما ينتج من تبعات خطيرة جراء الحرمان منه.
في
دراسة للدكتور إيفيرسون، أجريت على الفئران ونشرت عام 1989 في مجلة
«النّوم» الطبية، كانت النتيجة موت جميع الفئران التي حرمت عمدا من النوم
تماما وبشكل حاد، بعد عدة أيام وذلك بسبب مضاعفات خطيرة ظهرت على شكل هزال
شديد، وتقرّحات في الجلد، واختلال في عملية التمثيل الغذائي، تطورت إلى
تسمم بكتيري بالدم، نتيجة انهيار نظام المناعة.
أما
بالنسبة للدراسات الطبية التي أجراها العلماء على الإنسان، فقد استمر
الحرمان القهري من النوم لمعدل 5 إلى 10 أيام فقط، نظرا لنوبات النوم
القهري التي انتابت الأشخاص تحت التجربة، بعد أعراض الهلوسة، واضطراب
الأعصاب، وسوء التركيز.
وظائف النوم المهمة
*
ويحتاج جسم الإنسان البالغ إلى معدل 7 - 8 ساعات من النوم في اليوم
والليلة، حتى يستطيع القيام بجميع وظائفه الحيوية على أكمل وجه. ويزيد هذا
العدد إلى 16 ساعة بالنسبة للأطفال الرضع، ويقل إلى نحو 5 - 6 ساعات
بالنسبة لكبار السن (فوق 65 عاما).
ومن أهم الوظائف إعادة شحن الطاقة، المساعدة على النمو الجسدي والعقلي، وصيانة أعضاء الجسم لضمان قوة التركيز والنشاط أثناء النهار.
وضمن
هذا السياق لا بد من الحديث عن أهمية نوعية النوم واستقراره أثناء الليل
الذي لا يقل أهمية عن عدد ساعات النوم الكافية. فالمريض الذي يعاني من
رداءة طبيعة النوم أثناء الليل - وإن كان طويلا من حيث الوقت - قد يعاني من
نفس المشكلات التي يعاني منها المحروم من ساعات النوم الكافية.
الحرمان من النوم
*
يقول الدكتور أيمن كريّم إن الحرمان من النوم ينقسم إلى قسمين رئيسيين،
الأول هو الحرمان الكُلّي (الحاد) من النوم (Acute Total Sleep Loss)
والثاني الحرمان الجزئي والمزمن من النوم (Chronic Partial Sleep
Deprivation).
ولا يحتاج الإنسان إلى عدد ساعات نوم
كافية فقط، ولكن يحتاج أيضا إلى أن يمر بمراحل النوم المختلفة، كالنوم
العميق والنوم الحالم، بنسب معينة وصحيّة أثناء نومه.
يُعد
الحرمان المزمن من النوم واحدا من أهم الاضطرابات السلوكية الاجتماعية في
المجتمعات الحديثة، وأكثرها انتشارا، حيث يعاني نحو 37 في المائة من سكان
الولايات المتحدة الأميركية من الحرمان «الإرادي» المزمن من النوم، فلا
ينامون إلا نحو 6 ساعات ونصف فقط في الليلة الواحدة.
ويلاحظ
انتشار هذه المشكلة الاجتماعية في المجتمعات العربية، نتيجة تأخر أوقات
النوم وثقافة السهر، والارتباطات الاجتماعية المختلفة التي تبدأ عادة في
ساعة متأخرة من الليل، وانتشار القنوات الفضائية، والإنترنت، وأسواق التبضع
على مدى 24 ساعة، وعدم انتظام ساعات النوم والاستيقاظ حتى عند صغار السن،
الذين يحتاجون إلى ساعات نوم أطول لاكتمال النمو البدني والنفسي.
القيلولة
*
ينصح بالقيلولة أثناء النهار (Power Nap) للتخفيف من آثار الحرمان من
النوم أثناء الليل لبعض الأشخاص، ولكن لا ينصح أن تزيد على 30 دقيقة. أما
بالنسبة لمن يعانون من الأرق أثناء الليل فلا ينصح لهم بالنوم أثناء
النهار، تجنبا لزيادة الأرق أثناء الليل، فمن تمام العافية أن يأخذ الإنسان
كل ما يحتاجه من الراحة البدنية بالنوم أثناء ساعات الليل، فالنوم بالنهار
ليس أبدا بجودة النوم أثناء الليل، حيث جعل الله الليل للسبات والنّهار
للمعاش وكسب الرزق، وهو ما تُمليه الفطرة السليمة.
أوضح الدكتور أيمن كريّم أن أهم مضاعفات الحرمان المزمن مضاعفات الحرمان من النوم
*
من النوم السليم، تعكّر المزاج، وقلة التركيز، وسوء الذاكرة قصيرة الأمد،
وصعوبة إعطاء الآراء السديدة، إضافة إلى زيادة النّعاس والنوم القهري أثناء
النهار.
ومن أخطر مضاعفات الحرمان من النوم - بقسميه
الحاد والمزمن - زيادة نسبة حوادث السيارات. فقد بينت كثير من الدراسات
زيادة معدل حوادث السير إلى ما يقرب من 5 أضعاف عند الأشخاص المحرومين من
النوم لمدة تزيد على 20 ساعة متواصلة، وكذلك عند الأشخاص الذين ناموا لما
يقرب من 4 ساعات فقط في الليلة السابقة للحادث، مقارنة بغيرهم من أصحاب
النوم الكافي.
وخلصت تلك الدراسة إلى أن العمل في
أكثر من وظيفة صباحية ومسائية، والعمل بنظام المناوبات، والقيادة بعد أكثر
من 15 ساعة متواصلة من دون نوم، وخاصة خلال ساعات الليل المتأخرة، تعد من
أهم العوامل الرئيسية لحوادث السير.
مسح علمي
*
وأثبت مسح حديث في المجتمع الأميركي تنامي ظاهرة النعاس أثناء القيادة
للعاملين في مجال النقل، بما فيهم الطيارون، جراء ساعات العمل الممتدة،
واضطرارهم للقيادة خلال أوقات غير ملائمة من الليل والنهار، فنتيجة الإرهاق
والنعاس، اعترف نحو 20 في المائة من الطيارين، بارتكابهم أخطاء خطيرة
أثناء الطيران تبعا لاختلال أوقات النوم والاستيقاظ وحرمان 50 في المائة
منهم من النوم السليم، واختلال عمل الساعة الحيوية التي تتحكم في تنظيم
ساعات النوم والاستيقاظ.
دراسة سعودية حديثة
*
في دراسة حديثة طُبقت على عينة من الأطباء السعوديين (81 طبيبا) المنخرطين
في برامج زمالة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بكلّية الطب في جامعة
الملك عبد العزيز بجدة، تم جمع معلومات بواسطة المقابلات الشخصية، وتعبئة
استبيان مفصّل عن نمط نومهم خلال الليلة التي سبقت يوم نوباتهم الطويلة،
وأثناء ساعات المناوبة التي تستمر 24 ساعة، ومباشرة بعد الانتهاء من
مسؤولياتهم المهنية في نهاية المناوبة.
وأظهرت النتائج
معاناة 87 في المائة من أفراد العينة من الحرمان الحاد من النوم، حيث
ناموا أقل من 5 ساعات خلال ساعات مناوباتهم (24 ساعة)، في حين نام 25 في
المائة منهم أقل من ساعتين فقط خلال يوم مناوبتهم، كما أفاد 85 في المائة
من الأطباء بمعاناتهم من التململ أثناء النوم وكثرة الاستيقاظ، في إشارة
إلى رداءة طبيعة نومهم بشكل مزعج، مما سبب اضطرابا في المزاج وتوترا ملحوظا
لدى 33 في المائة منهم.
ومن ضمن النتائج الخطيرة لهذه
الدراسة، ارتباط الإعياء الشديد والحرمان من النوم خلال فترة المناوبة،
بتعرض 10 في المائة من الأطباء إلى حوادث سيارات خلال صباح اليوم التالي
أثناء قيادتهم بعد انتهاء المناوبة الليلية. وقد دل مقياس «ستانفورد» على
أن 60 في المائة من الأطباء الذين تورطوا في حوادث سيارات، كانوا في حالة
نعاس شديد، لكن الأخطر، أن معظمهم لم يشعروا بحقيقة أنهم في حالة نعاس
مفرط، ولم يتوقفوا لأخذ غفوة قصيرة، ولم يعترفوا بإصابتهم بالنعاس حين تم
سؤالهم بشكل مباشر.
وعلق الدكتور أيمن كريّم على هذه
الدراسة، بأن هناك تباينا بين البحوث في هذا المجال حول أثر المناوبات
الليلية الطويلة على الأخطاء الطبية، فأشار عدد منها بوضوح، إلى تأثر نسبة
20 في المائة من أطباء الجراحة العامة وأطباء التخدير - على سبيل المثال -
بارتفاع نسبة الأخطاء التقنية لدى المحرومين من النوم منهم، مقارنة
بزملائهم الذين أخذوا قسطا وفيرا من النوم خلال الليل، كما تسبب فرط
الإرهاق والنعاس في 41 في المائة من الأخطاء الطبية في دراسة أميركية، أدت
إلى وفاة المرضى في ثلث هذه الأخطاء الخطيرة.
وفي
السياق نفسه، أفاد الدكتور كريّم بأن 50 في المائة من الأطباء في دراسة
أميركية، اعترفوا بوقوعهم في النوم القهري أثناء قيادة سياراتهم وهم في
طريقهم إلى بيوتهم بعد نهاية مناوباتهم، مما حدا بأحد الباحثين الأميركيين
(عام 2005) بالتحذير من أن امتداد ساعات المناوبات الطبية، يمثل عامل خطر
للإصابة في حوادث سيارات.
نقص النوم والأمراض
*
ارتفاع ضغط الدم، برزت على السطح حديثا نتائج دراسة أميركية حديثة نُشرت
نتائجها في مجلة أرشيف الأمراض الباطنية (Archives of Internal Medicine)،
أظهرت ارتباط الحرمان المزمن من النوم بالإصابة بارتفاع ضغط الدم. فخلال
خمس سنوات من متابعة نمط النوم لدى 587 من الأفراد البالغين، أصبح جليا
إصابة أفراد العينة الذين قل نومهم عن 7 - 8 ساعات يوميا بارتفاع ضغط الدم
بنسبة أكبر من غيرهم.
وبعد خمس سنوات، تبين أن نقص
ساعة واحدة من معدل ساعات النوم المطلوبة (8 ساعات يوميا)، تزيد من خطر
الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 37 في المائة، بغض النظر عن وجود عوامل
الخطر الأخرى التي تساعد على الإصابة بارتفاع ضغط الدم، كفرط الوزن والشخير
أو انقطاع التنفس أثناء النوم. واللافت للنظر أن معدل عدد ساعات النوم ضمن
أفراد العينة لم يتجاوز الست ساعات، في إشارة إلى حرمان معظمهم من النوم
السليم.
* الإصابة بالخرف، هناك دلائل جديدة تشير إلى
ارتفاع خطر الإصابة بمرض الخرف نتيجة حدوث مرض ألزهايمر. فقد أظهر بحث
أجرته جامعة واشنطن في ولاية ميسوري الأميركية ارتباط الحرمان المزمن من
النوم السليم بتراكم مادة «الأمايلويد» في أنسجة المخ. ومعروف أن ألزهايمر
يعد أحد الأمراض العصبية الذهنية المزمنة، التي تصيب كبار العمر نتيجة ضمور
المخ، وتراكم طبقات بروتين الأمايلويد بصورة غير طبيعية، مما يحد من قدرة
المخ على القيام بوظائفه الذهنية الضرورية للحياة.
وقد
وجد الباحثون دليلا على تراكم هذه الرقائق البروتينية السامة بصورة أكبر
وأسرع، لدى تعرض فئران التجارب إلى السهر القسري والحرمان من النوم السليم.
كما ظهرت النتيجة نفسها لدى قياس الأمايلويد لدى الأشخاص المحرومين من
النوم لأي سبب كان، حيث يرتفع مستوى هذا البروتين أثناء الاستيقاظ الطويل،
وينخفض عند الخلود للنوم بصورة طبيعية. وقد يكون هذا أحد التفسيرات لاضطراب
طبيعة النوم بشكل ملحوظ لدى المصابين بخرف الشيخوخة، ومعاناتهم من اختلال
أوقات النوم والاستيقاظ بشكل مزعج.
نقص النوم وزيادة الوزن
*
أشارت عدة دراسات إلى ارتباط الحرمان من النوم بفرط الوزن لدى الأطفال
والكبار، ففي دراسة حديثة أجراها فريق طبي من جامعة واريك البريطانية ونشرت
في مجلة «النوم» الطبية، تم تحليل نتائج 45 دراسة علمية أجريت ما بين عام
1996 وعام 2007 على الأطفال والبالغين، بغرض تحديد العلاقة ما بين قلة عدد
ساعات النوم وزيادة الوزن. ووصل عدد الأفراد المشمولين بالدراسة إلى أكثر
من 600 ألف ما بين نساء ورجال تتراوح أعمارهم ما بين 2 و102 سنة. وخلصت هذه
الدراسة التحليلية إلى أن نسبة الإصابة بالبدانة عند الأطفال في سن النمو
والذين ينامون أقل من 10 ساعات في الليلة قد تصل إلى 89 في المائة مقارنة
بمن ينامون أكثر من 10 ساعات في اليوم، وأن البالغين الذين ينامون 5 ساعات
أو أقل في الليلة يزيد احتمال إصابتهم بالبدانة إلى 55 في المائة مقارنة
بالبالغين الذين ينامون أكثر من 5 ساعات في اليوم.
ومن
الملاحظات المؤدية إلى هذه النتيجة، اختلال عمل هرمونات الشبع والجوع،
وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائي، وحقيقة أن المحروم من النوم
لساعات طويلة، يجد وقتا أكثر وشهية أكبر لتناول مزيد من السعرات الحرارية
وتخزينها على هيئة شحوم.
اضطرابات النوم والطعام
*
يتأثر النوم بالكثير من العوامل الصحية والسلوكية، ويعد الطعام الذي
نتناوله في اليوم والليلة، أحد تلك العوامل التي تؤثر في طبيعة النوم سلبا
وإيجابا. ومن الأطعمة التي تساعد على التمتع بنوم هادئ، الحليب ومشتقاته من
الأجبان لما تحتوي عليه هذه الأطعمة وغيرها، كالموز والدواجن والقمح
والعسل، من مادة التريبتوفان المحفزة على النوم والطاردة للأرق.
ويمكن
للأطعمة المحتوية على النشويات أن تعزز عمل مادة التريبتوفان في الحصول
على نوم هادئ. وكمثال على ما يمكن تناوله قبل الخلود للنوم، وجبة الحليب مع
رقائق الذرة، أو اللبن مع قطع البسكويت، أو ساندويتش (شطيرة) الجبن، فهي
من الوجبات المثلى التي ينصح بها. وفي السياق نفسه، ينصح لمن يعاني من أرق
منتصف الليل أن يتناول القليل من الطعام الخفيف، حيث إن امتلاء المعدة
قليلا يمكن أن يحفز على النعاس.
ومن العادات
الغذائية والسلوكية الخاطئة التي يمكن أن تحرم الإنسان من التمتع بنوم
جميل، الإفراط في تناول المواد البروتينية والدهنية خاصة أثناء ساعات
الليل. فإضافة إلى صعوبة هضم هذه الأطعمة، يُعد الحمض الأميني، التايروسين،
أحد محفزات المخ والجهاز العصبي مما يمكن أن يسبب طرد النعاس وصعوبة
النوم.
وتؤدي مثل تلك الأطعمة وغيرها من الأطعمة
المبهرة والمتبلة، إلى الارتجاع المَعِدي المريئي والإحساس المزعج بحرقة
الصدر، وأرق بداية ومنتصف النوم.
ولا يمكن تجاهل
المواد التي تسبب التأرق وكثرة التململ أثناء النوم، نظرا لإثارتها الجهاز
العصبي كمادة ال*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-*وتين التي يتشبع بها الجسم عند التدخين، وكتلك التي
تحتوي على مادة الكافين كالقهوة والشاي ومشروبات الطاقة، وغيرها من الأدوية
والعلاجات كبعض مضادات الألم واحتقان الأنف، وحتى مضادات الهستامين، التي
اعتاد كثير من الناس على تناولها قريبا من وقت النوم.
نقص النوم والزكام
*
أشارت دراسات علمية كثيرة إلى اضطراب جهاز المناعة نتيجة المعاناة من
الحرمان المزمن من النوم، ففي دراسة حديثة، تمت دراسة نمط النوم لدى 153
فردا من متوسطي الأعمار من الجنسين خلال 14 يوما، واختبار قابليتهم للإصابة
بأعراض الزكام بعد تعرضهم جميعا لفيروس «Rhinovirus» المسبب له.
وكانت
النتيجة، إصابة الأشخاص الذين بلغ معدل نومهم أقل من 7 ساعات يوميا بأعراض
الرشح بنسبة أكبر (3 أضعاف)، مقارنة بالأفراد الذين ينامون 8 ساعات أو
أكثر خلال الليل.
كما استطاع الأشخاص الذين بلغت جودة
نومهم 98 في المائة، أن يقاوموا بشكل أفضل، خطر الإصابة بفيروس الزكام،
مقارنة بغيرهم من أصحاب النوم الرديء بجودة أقل من 92 في المائة، الذين
أصيب معظمهم بأعراض الرشح.
وتضاعفت فرصة الإصابة
بأعراض فيروس الزكام إلى خمسة أضعاف لدى من قل نومهم عن «7 ساعات» في
الليلة، واشتكوا من رداءة النوم في نفس الوقت، حيث تبين أن كثرة التململ
أثناء النوم من أهم أسباب ضعف مقاومة الجسم لهذا الفيروس.
وتُضيف
هذه الدراسة المزيد إلى رصيد الأدلة المتواترة على الأثر السلبي للحرمان
من النوم الجيد على نظام المناعة، وضعف السيطرة على العدوى الفيروسية، نظرا
لاحتمال الإصابة بخلل في وظيفة خلايا الدم البيضاء، وعمل الأجسام المضادة
والمواد المقاومة للالتهاب.
فمن الملاحظ علميا إصابة
عدد كبير من أصحاب النوم الرديء - كموظفي المناوبات الدورية - بالنزلات
المعوية المتكررة، والتهابات الجهاز التنفسي أكثر من غيرهم، وأن الاكتفاء
من النوم بعدد ساعات مناسبة ومستقرة أثناء الليل، سبب للتمتع بصحة بدنية
ونفسية أفضل.
الأرق والوفاة من خلال دراسة قام بها
الباحثون في جامعة «وسكونسن» الأميركية، على عينة من 2242 شخصا، تم تحليل
بياناتهم المتعلقة بأعراض الأرق المزمن، تبين أن احتمال وفاة الأشخاص الذين
عانوا من أرق بداية النوم، وكثرة التململ أثناءه، أو صعوبة العودة إلى
النوم بعد الاستيقاظ، إضافة إلى الاستيقاظ في وقت مبكر غير اعتيادي، قد
ارتفع بمعدل 3 أضعاف مقارنة بغيرهم من الأشخاص غير المصابين بهذه الأعراض
المزعجة. وقد عُرضت نتائج هذه الدراسة خلال فعاليات مؤتمر «النوم 2010».
ومن
الملاحظ أن ارتباط الأرق المزمن بالوفاة المبكرة، لم يتأثر بعدد من
العوامل الأخرى المرتبطة باحتمال الوفاة مثل أمراض شرايين القلب التاجية،
والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين
الحرمان من النوم الجيد الناتج عن الأرق المزمن، وخطر الموت.
الوقاية والعلاج
*
يؤكد الدكتور أيمن بدر كريّم أنه لا يمكن التخلص من الآثار الخطيرة
للحرمان الحاد أو المزمن من النوم، إلا بالنّوم السليم وأخذ القسط الكافي
من راحة البدن أثناء ساعات الليل. فتجنب التدخين، والتقليل من تناول
المنبهات ومشروبات الطاقة، وتجنب أسباب السهر والتوتر بالليل، كتجنب
الانشغال بالهاتف الجوال، وشبكات التواصل الاجتماعي، وانتظام ساعات النوم
والاستيقاظ حتى أثناء الإجازات، واعتبار النوم واحدا من أهم الأولويات في
خضم حياتنا الاجتماعية، يجب احترام مواعيده بصفة يومية، يعد من أهم أسباب
النوم الصحي والسليم.
ومن الضروري الاهتمام باضطرابات
النوم المتعلقة بعمال المناوبات، وأخذ جميع الاحتياطات السلوكية المساعدة
على نيلهم قسطهم من النوم أثناء أوقات راحتهم في ساعات النهار، كتجنبهم
التعرض لضوء الشمس المباشر، وعدم تناول المنبهات قبل نهاية نوباتهم
الليلية، وخلودهم للنوم في جو بعيد عن الضوضاء، إضافة إلى أخذهم قسطا من
النوم أثناء مناوبتهم الليلية.
أما من يعاني من الأرق
المزمن أو عدم القدرة على ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ، أو من أعراض الشخير
وغيرها من اضطرابات التنفس أو الحركة أثناء النوم، أو من زيادة الخمول
والنعاس المفرط أثناء النهار، فمن الضروري له زيارة طبيب اضطرابات النوم،
في أقرب فرصة لعرض المشكلة وطلب النصيحة والعلاج المناسبين.