[center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء السابقين أنهم { ثُلَّةٌ } أي: جماعة { مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } . وقد اختلفوا في المراد بقوله: { الأوَّلِينَ }،و{ الآخِرِينَ }. فقيل: المراد بالأولين: الأمم الماضية، والآخرين: هذه الأمة. هذا رواية عن مجاهد، والحسن البصري، رواها عنهما ابن أبي حاتم. وهو اختيار ابن جرير، واستأنس بقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة". ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد...
. وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا، فيه نظر، بل هو قول ضعيف؛ لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة. والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم، والله أعلم. فالقول الثاني في هذا المقام، هو الراجح، وهو أن يكون المراد بقوله: { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } أي: من صدر هذه الأمة، { وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } أي: من هذه الأمة... فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة. ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها؛ ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها، من غير وجه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" الحديث بتمامه. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زياد أبو عمر، عن الحسن، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره" ، فهذا الحديث، بعد الحكم بصحة إسناده، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها، والفضل للمتقدم. وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني، ولكن العمدة الكبرى على الأول، واحتياج الزرع إليه آكد، فإنه لولاه ما نبت في الأرض، ولا تعلق أساسه فيها؛ ولهذا قال، عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، إلى قيام الساعة". وفي لفظ: "حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة؛ لشرف دينها وعظم نبيها. ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. وفي لفظ: "مع كل ألف سبعون ألفا". وفي آخر مع كل واحد سبعون ألفا". (الواقعة:13-14)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء السابقين أنهم { ثُلَّةٌ } أي: جماعة { مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } . وقد اختلفوا في المراد بقوله: { الأوَّلِينَ }،و{ الآخِرِينَ }. فقيل: المراد بالأولين: الأمم الماضية، والآخرين: هذه الأمة. هذا رواية عن مجاهد، والحسن البصري، رواها عنهما ابن أبي حاتم. وهو اختيار ابن جرير، واستأنس بقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة". ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد...
. وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا، فيه نظر، بل هو قول ضعيف؛ لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة. والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم، والله أعلم. فالقول الثاني في هذا المقام، هو الراجح، وهو أن يكون المراد بقوله: { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } أي: من صدر هذه الأمة، { وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } أي: من هذه الأمة... فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة. ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها؛ ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها، من غير وجه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" الحديث بتمامه. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زياد أبو عمر، عن الحسن، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره" ، فهذا الحديث، بعد الحكم بصحة إسناده، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها، والفضل للمتقدم. وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني، ولكن العمدة الكبرى على الأول، واحتياج الزرع إليه آكد، فإنه لولاه ما نبت في الأرض، ولا تعلق أساسه فيها؛ ولهذا قال، عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، إلى قيام الساعة". وفي لفظ: "حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة؛ لشرف دينها وعظم نبيها. ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. وفي لفظ: "مع كل ألف سبعون ألفا". وفي آخر مع كل واحد سبعون ألفا". (الواقعة:13-14)