أنا والشعر
نظم الشاعر هذه القصيدة عام 1950م… وبين فيها نظرته إلى الشعر ورأيه فيه…وتم نشرها في مجلة المباحث القضائية بالقاهرة بتاريخ 27/6/1950م
وتبلغ أبيات القصيدة تسعة وعشرين بيتاً
أريـد لـه هجـرا فيغـلبـني حـبي
وأنـوي ولـكـن لا يـطاوعـني قـلـبي
وكيـف أطيـق الصـبر عنـه وإنمـا
أرى الشـعر للوجـدان كالماء للعشب
فكـم شـد من عـزم وبصـر من عـمى
وأيقـظ من نـوم، وذلـل من صعـب
لقـد بغضت لي الشعـر في مصر شلة
يبيعـونـه بالمـال للبـغـي والـنـهب
فكـم سـافـح قد لقـبـوه بـفـاتـح
وكم مسرف سمـوه ذا الكـرم الـرحب
وكـم فاجـر بـاغ مشـوا فـي ركابه
وسـمـوه ليثـاً وهـو أدنـأ مـن كلب
وكـم ولـغت في حرمـة النـاس كفـه
فغـطوا عليهـا كالخضـاب على الشيب
إذا كان هذا ديـدن الشعـر في الـورى
فما هو إلا الـسـم في المشرب العـذب
وثـلة سـوء ظنت الـشـعـر معـدنـاً
يصـاغ بجهـد كـالنحـاس وكـالصلب
فجـاءوا به وزنـاَ أجـف من الـصفـا
وأثقـل مـن هجـر على مهجـة الصب
لئـن نحـتـوه كالتـماثـيـل هيـئـة
فمن لهمو بالـروح، والـروح مـن ربي
وشرذمـة أخـرى سبـى اليـأس قلبهم
ولليـأس جنـد كـم يميت وكـم يسبى!
إذا عرضـوا للشـعـب قال قنـوطـهم
عليـل قـد استعصى على نطس الـطب
نسـوا ما بـه مـن مكـرمـات كوامن
كمون اللظى في الفحم والتبر في الترب
لـك الله شعـبـاً سامـه جمـع قـلـة
فيالـك مـن جمع ويـالـك من شعـب
يريـق دمــاه المـترفـون لينعمــوا
بها خمرة تحلو علـى الـلهـو والـلعب
يسـيـغـونـه لحمـاً فإذا ماتمـتـعوا
رمـوه عظامـاً كـاد يقضـي لها نحبي
يســاق إلـى مايـشـتـهـون كأنـه
قـطيـع، وويـل للقـطيـع من الـذئب
وطـائفـة أخـرى أطـاعـوا هواهمـو
فجـازوا إلى الـلذات دربــاً إلى درب
يقـولـون: ليـس المــرء إلا فـؤاده
وكيف يعيش المـرء جسـماً بلا قلـب؟!
فغـاصـوا به في الغيد والحب والهوى
كأن لم يكن في القلب معنى سوى الحب!
إذا لم يكـن فـي الـقـلب ديـن وهمة
وبـغض لطغـيـان فما هو بالـقـلـب
عجبـت لهم قالـوا: تماديـت في المنى
وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعـب
فـأقصــر ولا تجهـد يـراعـك إنما
ستبـذر حبـا في ثرى ليس بالخصـب
فقـلت لهم: مهـلاً فمـا اليـأس شيمتي
سأبـذر حبـي، والـثـمار مـن الرب
إذا أنـا أبـلغت الـرسـالـة جـاهـداً
ولم أجـد الـسمـع المجيب فما ذنبي؟!
وقفتـك ياشعـري على الحـق وحـده
فإن لـم أنـل إلاه قلت لهم: حسـبـي!
وإن قال غـر: ثروتـي، قلت دعـوتي
وإن قال لي: حزبي، أقـول له: ربـي!
فعش كوكبـاً ياشعـر يهدي إلـى العـلا
ويـنقض رجمـاً للشيـاطين كالشهـب