بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
لا
شك أن المرأة مكلفة بطلب العلم الشرعي ، وعلى مر التأريخ وجد من النساء من
قامت بذلك حق قيامه ، ومن التراجم التي تذكر في نحو هذه البابة ما قاله
ابن كثير في ترجمة عمته .
قال ابن كثير في البداية والنهاية 18/421 طبعة التركي عند وفيات ( 741 ):
(( وفي
أول شهر جمادى الأولى توفيت الشيخة العابدة الصالحة العالمة قارئة القرآن
أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم بن صديق زوجة شيخنا الحافظ جمال الدين المزي
عشية يوم الثلاثاء مستهل هذا الشهر ، وصلي عليها بالجامع صبيحة يوم
الأربعاء ، ودفنت بمقابر الصوفية غربي قبر الشيخ تقي الدين ابن تيمية -
رحمهم الله - كانت عديمة النظير في نساء زمانها ؛ لكثرة عبادتها وتلاوتها
وإقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح يعجز كثير من الرجال عن
تجويده وختّمَتْ نساء كثيراً ، وقرأ عليها من النساء خلقٌ ، وانتفعن بها
وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا ، وتقللها منها مع طول العمر بلغت
ثمانين سنة أنفقتها في طاعة ربها صلاةً وتلاوةً ، وكان الشيخ محسناً إليها
مطيعاً ، لا يكاد يخالفها لحبه لها طبعاً وشرعاً فرحمها الله وقدس روحها
ونور مضجعها بالرحمة آمين )) .
أقول :
وللدكتور محمد بن عزوز كتاب لطيف اسم "صفحات مشرقة من عناية المرآة بصحيح البخاري رواية وتدرسياً " طبع في دار ابن حزام عام 1423هـ ويقع في 387 صفحة .
وقد ساق في هذا الكتاب مهمات جمة في عناية المرأة بعلم الحديث عموماً ، والعناية بصحيح البخاري خصوصاً .
وكان مما انتهى إليه مؤلف الكتاب ضرورة الاهتمام بذكر دور المرأة في علم الحديث ليقتدي بذلك بناتنا .
-
وأن المرأة لم تستأخر باهتمامها عن الرجل بعلم الحديث عموماً ، ورواية
صحيح البخاري خصوصاً في المجالس العلمية التي يعقدها كبار المسندين أمثال
: الكشميهني ، وابن الزبيدي ، والحجار .
- كان للمرأة دور بارز في
رواية وتدريس صحيح الإمام البخاري ، وكان ذلك منذ القرن الخامس الهجري مع
المحدثة الكبيرة كريمة المروزية أستاذة الأئمة في تدريس صحيح البخاري .
ولم يخل بعد ذلك عصر من العصور من وجود الراويات والمسندات والمدرسات للصحيح .
- اعتناء الآباء بأبنائهم ذكوراً وإناثاً منذ الصغر ؛ إذ كانوا يحرصون على إحضار الصغار .
- حصول كثير من الرجال على الإجازة لصحيح البخاري من النساء .
- سماع الرجال على النساء صحيح البخاري ؛ إذ إن جهود المرأة لم تقتصر على إسماع أو تعليم بنات جنسها فقط .
- انتساب كثير من المحدثات إلى بيوتات علمية عريقة مرموقة يدل على شدة عناية العلماء بتعليم أبنائهم وبناتهم على حد سواء .
- لكن مما لوحظ ندرة اشتغال المحدثات بالتأليف والتصنيف .
قال الدكتور محمد بن عزوز في كتابه الآنف الذكر 329-330 :
(( ورأينا
المكانة الرفيعة التي بلغتها المرأة في رواية وتدريس صحيح البخاري ،
واستدعاء الأمراء لها من أماكن متعددة لتحدثهم بالصحيح كما هو الشأن مع ست
الوزاء التي استدعاها أمير مصر للتحديث بالصحيح في بلد يغص بكبار أئمة
الحديث ؛ وذلك لعلو سندها في روايته )) .
قال ماهر: ولما حققت كتاب شرح التبصرة والتذكرة المطبوع في دار الكتب العلمية عام 1423
أردت
أن أبين في تعليقين مكانة المرأة في هذا العلم فقد ساق العراقي في شرح
التبصرة والتذكرة 2/65بإسناده : (( ........ وعَفِيفةُ بنتُ أحمدَ
الفَارفانيةُ ، واللَّفظُ لها، قالاَ : أخبَرَتْنَا فاطمةُ بنتُ عبدِ
اللهِ الْجُوْزدانيِّةُ ، قالَتْ: ..... )) .
فقلت مبيناً لمكانة عفيفة
الفارفانية : ((في ن و س و ع و ف والشذا الفياح 2 / 426 ، وشذرات الذهب 5
/ 19 : (( الفارقانية )) ، وما أثبتناه من ق و ص ، وهو الصواب .
وهي
منسوبة إلى فارفان – قرية من قرى أصبهان – بفتح الفاء وسكون الألف والراء
وفتح الفاء الثانية وسكون الألف الثانية وفي آخرها نون ، كما قيّدها في
الأنساب 4 / 308 ، واللباب 2 / 404 ، وذكر الذهبي في السِّيَر 21 / 482 في
ترجمتها : أنها بفاءين ، وكذا ذكر الزكي المنذري في التكملة لوفيات النقلة
2 / 1132 ، ولكن قيّدها ياقوت في معجم البلدان 4 / 228 بكسر الراء المهملة
، ومثله في مراصد الاطلاع 3 / 1013 .
وهي الشيخة الجليلة مسندة أصبهان
أم هانئ الأصبهانية : عفيفة بنت أبي أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن حسن بن مهران ، انتهى إليها علوُّ الإسناد ، وقد أجاز لها طائفة ،
وحدَّث عنها جماعة ، توفِّيت سنة ( 606 هـ ) ، وانظر : السِّيَر 21 / 482
، وشذرات الذهب 5 / 19 – 20 .
وقلت في ترجمة فاطمة : (( في ن و س و
ف و ع : (( الجوزذانية )) ، وما أثبتناه من ق و ص ، ومثله في السِّيَر 19
/ 504 ، وشذرات الذهب 4 / 69 ، وضبط السمعاني هذه النِّسْبة – بضم الجيم
وسكون الواو والزاي وبعدها الدال المهملة وفي آخرها النون ، هذه النسبة
إلى جوزدان ، ويقال لها : كوزدان ، وهي قرية على باب أصبهان كبيرة ، وكذا
في اللباب 1 / 308 ، ومراصد الاطلاع 1 / 357 .
وهي مُسْنِدَةُ الوقت
أمُّ إبراهيم فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الأصبهانية ،
حدَّث عنها جماعة ، توفيت سنة (524 هـ). انظر : السِّيَر 19/504 ، وشذرات
الذهب 4 / 69 – 70. )) .
أسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
لا
شك أن المرأة مكلفة بطلب العلم الشرعي ، وعلى مر التأريخ وجد من النساء من
قامت بذلك حق قيامه ، ومن التراجم التي تذكر في نحو هذه البابة ما قاله
ابن كثير في ترجمة عمته .
قال ابن كثير في البداية والنهاية 18/421 طبعة التركي عند وفيات ( 741 ):
(( وفي
أول شهر جمادى الأولى توفيت الشيخة العابدة الصالحة العالمة قارئة القرآن
أم فاطمة عائشة بنت إبراهيم بن صديق زوجة شيخنا الحافظ جمال الدين المزي
عشية يوم الثلاثاء مستهل هذا الشهر ، وصلي عليها بالجامع صبيحة يوم
الأربعاء ، ودفنت بمقابر الصوفية غربي قبر الشيخ تقي الدين ابن تيمية -
رحمهم الله - كانت عديمة النظير في نساء زمانها ؛ لكثرة عبادتها وتلاوتها
وإقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح يعجز كثير من الرجال عن
تجويده وختّمَتْ نساء كثيراً ، وقرأ عليها من النساء خلقٌ ، وانتفعن بها
وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا ، وتقللها منها مع طول العمر بلغت
ثمانين سنة أنفقتها في طاعة ربها صلاةً وتلاوةً ، وكان الشيخ محسناً إليها
مطيعاً ، لا يكاد يخالفها لحبه لها طبعاً وشرعاً فرحمها الله وقدس روحها
ونور مضجعها بالرحمة آمين )) .
أقول :
وللدكتور محمد بن عزوز كتاب لطيف اسم "صفحات مشرقة من عناية المرآة بصحيح البخاري رواية وتدرسياً " طبع في دار ابن حزام عام 1423هـ ويقع في 387 صفحة .
وقد ساق في هذا الكتاب مهمات جمة في عناية المرأة بعلم الحديث عموماً ، والعناية بصحيح البخاري خصوصاً .
وكان مما انتهى إليه مؤلف الكتاب ضرورة الاهتمام بذكر دور المرأة في علم الحديث ليقتدي بذلك بناتنا .
-
وأن المرأة لم تستأخر باهتمامها عن الرجل بعلم الحديث عموماً ، ورواية
صحيح البخاري خصوصاً في المجالس العلمية التي يعقدها كبار المسندين أمثال
: الكشميهني ، وابن الزبيدي ، والحجار .
- كان للمرأة دور بارز في
رواية وتدريس صحيح الإمام البخاري ، وكان ذلك منذ القرن الخامس الهجري مع
المحدثة الكبيرة كريمة المروزية أستاذة الأئمة في تدريس صحيح البخاري .
ولم يخل بعد ذلك عصر من العصور من وجود الراويات والمسندات والمدرسات للصحيح .
- اعتناء الآباء بأبنائهم ذكوراً وإناثاً منذ الصغر ؛ إذ كانوا يحرصون على إحضار الصغار .
- حصول كثير من الرجال على الإجازة لصحيح البخاري من النساء .
- سماع الرجال على النساء صحيح البخاري ؛ إذ إن جهود المرأة لم تقتصر على إسماع أو تعليم بنات جنسها فقط .
- انتساب كثير من المحدثات إلى بيوتات علمية عريقة مرموقة يدل على شدة عناية العلماء بتعليم أبنائهم وبناتهم على حد سواء .
- لكن مما لوحظ ندرة اشتغال المحدثات بالتأليف والتصنيف .
قال الدكتور محمد بن عزوز في كتابه الآنف الذكر 329-330 :
(( ورأينا
المكانة الرفيعة التي بلغتها المرأة في رواية وتدريس صحيح البخاري ،
واستدعاء الأمراء لها من أماكن متعددة لتحدثهم بالصحيح كما هو الشأن مع ست
الوزاء التي استدعاها أمير مصر للتحديث بالصحيح في بلد يغص بكبار أئمة
الحديث ؛ وذلك لعلو سندها في روايته )) .
قال ماهر: ولما حققت كتاب شرح التبصرة والتذكرة المطبوع في دار الكتب العلمية عام 1423
أردت
أن أبين في تعليقين مكانة المرأة في هذا العلم فقد ساق العراقي في شرح
التبصرة والتذكرة 2/65بإسناده : (( ........ وعَفِيفةُ بنتُ أحمدَ
الفَارفانيةُ ، واللَّفظُ لها، قالاَ : أخبَرَتْنَا فاطمةُ بنتُ عبدِ
اللهِ الْجُوْزدانيِّةُ ، قالَتْ: ..... )) .
فقلت مبيناً لمكانة عفيفة
الفارفانية : ((في ن و س و ع و ف والشذا الفياح 2 / 426 ، وشذرات الذهب 5
/ 19 : (( الفارقانية )) ، وما أثبتناه من ق و ص ، وهو الصواب .
وهي
منسوبة إلى فارفان – قرية من قرى أصبهان – بفتح الفاء وسكون الألف والراء
وفتح الفاء الثانية وسكون الألف الثانية وفي آخرها نون ، كما قيّدها في
الأنساب 4 / 308 ، واللباب 2 / 404 ، وذكر الذهبي في السِّيَر 21 / 482 في
ترجمتها : أنها بفاءين ، وكذا ذكر الزكي المنذري في التكملة لوفيات النقلة
2 / 1132 ، ولكن قيّدها ياقوت في معجم البلدان 4 / 228 بكسر الراء المهملة
، ومثله في مراصد الاطلاع 3 / 1013 .
وهي الشيخة الجليلة مسندة أصبهان
أم هانئ الأصبهانية : عفيفة بنت أبي أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن حسن بن مهران ، انتهى إليها علوُّ الإسناد ، وقد أجاز لها طائفة ،
وحدَّث عنها جماعة ، توفِّيت سنة ( 606 هـ ) ، وانظر : السِّيَر 21 / 482
، وشذرات الذهب 5 / 19 – 20 .
وقلت في ترجمة فاطمة : (( في ن و س و
ف و ع : (( الجوزذانية )) ، وما أثبتناه من ق و ص ، ومثله في السِّيَر 19
/ 504 ، وشذرات الذهب 4 / 69 ، وضبط السمعاني هذه النِّسْبة – بضم الجيم
وسكون الواو والزاي وبعدها الدال المهملة وفي آخرها النون ، هذه النسبة
إلى جوزدان ، ويقال لها : كوزدان ، وهي قرية على باب أصبهان كبيرة ، وكذا
في اللباب 1 / 308 ، ومراصد الاطلاع 1 / 357 .
وهي مُسْنِدَةُ الوقت
أمُّ إبراهيم فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الأصبهانية ،
حدَّث عنها جماعة ، توفيت سنة (524 هـ). انظر : السِّيَر 19/504 ، وشذرات
الذهب 4 / 69 – 70. )) .
أسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.