<H1 align=center>الانتحار خيانة للأمانة فكيف يكون وسيلة تعبير عن الظلم ؟!
حفلت الأيام القليلة الماضية بتعليقات وترقبات وتحليلات لما آلت إليه الأمور في القطر العربي الشقيق تونس الخضراء ومن بعده مصر وتحديدا عقب أن أضرم أحد أبناء تونس الخضراء النار في نفسه تعبيرا عن فداحة الظلم الذي مورس تجاهه من سلطة بلاده .
وما يحز في النفس ويبكي العين هو أن يُذكر هذا الذنب العظيم وهو الانتحار على أنه بطولة مطلقة ، وهذا على خلاف الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، كونه خيانة للأمانة التي ائتمن الله الناس عليها.
فمثلا وصف المنتحرون في بعض وسائل الإعلام بـ "بطل قومي" – " ويستمر مسلسل الحرائق على طريقة البطل " - " مات شهيدا " وغيرها كثير .
الانتحار.. من كبائر الذنوب ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به ، فهو بالتالي ليس جديرا بالمديح والثناء بل هو أهل للقدح واللوم حتى وإن كان صنيعه تعبيرا عن ظلم السلطان واستبداده ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم .
والثابت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم – الذي لا ينطق عن الهوى – كثير في هذا الجانب ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" : مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة " رواه البخاري.
ووفق ما تقدم فإني ألوم بعض وسائل الإعلام التي غابت عنها المسئولية وعبثت بأمانة الكلمة خلال تلك الأحداث ، ونقلت كل التحليلات التي تمجد هذا الفعل الشنيع وأصحابه أو أغفلته رغم خطورته ، واستغل بعض الساسة والمتهورون بأن المنتحر كان له الحق فيما فعل ، في حين غابت أصوات العقلاء الذي جرموا هذا الفعل الشنيع إلا مارحم الله من الأصوات التي ظهرت خافتة على الرغم من نطقها للحق .
بل وإني أحملهم مسئولية انتقال جريمة الانتحار لباقي الأقطار العربية على يد متهورين تلقفوا خيانة الأمانة وهي حرق النفس وكأنها بطولة ، فآلت الأمور إلى أن أصبح الانتحار فرصة للشهرة وتعبيرا عن الظلم لدى أولئك المنتحرين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن هذا والله مما يذكر فلا يُشكر ولا يُمجد ، بل يذم وينكر ، لأنهم خالفوا وانحرفوا عن الجادة بذكرهم ذلك الصنيع السيء وكأنه بطولة محضة .
وفي هذا المقام الكريم أهيب بوسائل الإعلام وبأبناء الأمة أن يلتزموا بثوابت الأمة وأن يبقوا على المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك .
ولا يفوتني أن أشكر وسائل الإعلام التي جرمت هذا الفعل الشنيع وتصدت لهذا الفعل إنكارا بكل شجاعة .
الله العلي القدير أدعو أن يحفظ الأمة وأبناءها من كل شر وأن يديم عليها نعمه ظاهرة وباطنة وأن يحفظها من الفتن ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله الموفق