الصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مقدمة
أحباءنا الشباب.. السلام عليكم..
آملين
أن يساهم حديثنا إليكم في النهوض بأحوالنا وتجاوز المصاعب التي نواجهها في
حياتنا بإيمان قوي وخلق طيب، فإننا نؤمن أنه لا صلاح للأمة إلا بصلاح
شبابها، ولا صلاح لشبابها بغير قدوة.
فهيا بنا معا نضع أيدينا في يديه ملتمسين في طريق النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، وأسباب الحياة الطيبة.
*--*--*--*--*--*--*--*--*--*--*
أخوتي :
هذه الدنيا دار فناء ، وغدا كلنا سائرون الى دار البقاء ، فإما نعيم في الجنة ، وإما في النار هو الشقاء
كلنا ميتون ، عن الدنيا ذاهبون ، ولن يبقى معنا إلا أعمالنا إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر
{ كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . الرحمن / 26 - 27
لاتظن بأن يوم القيامة بأهواله مجرد أحاديث لن تحصل ! أو أن حصولها بعييييييد الأمد
فقد { اقتربت الساعة وانشق القمر } . القمر / 1
يوم الفصل آت لامحاله ، وستبعث من قبرك ، وتشهد أهواله ،
ومن أصدق من الله حديثاً ، فقد قال جل وعلا { إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون } . الدخان / 40 - 41
وإن أول ما يحاسب عليه العبد
الصــــلاة
كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله) أخرجه الطبراني في المعجم .
ومادام الأمر كذلك ، إذا لنبدأ من البداية
][ .. الوضوء .. ][
جميعنا نعلم أنه لا صلاة من غير وضوء فهي شرط لصحتها .
ونعلم أن الشرط / ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته
وإليكم بعض الأمور المهمة في هذا الشأن :
1 / ذكر اسم الله تعالى قبل اوضوء .
عن أبي هريرة أن رسول الله قال: { لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى } رواه أبو داود.
2 / إسباغ الوضوء واتقانه .
فعن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعه قدر الدرهم
لم يصبها الماء فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن يعيد الوضوء ". رواه احمد وأبو داود وزاد " والصلاه "
3 / الدعاء عند الإنتهاء من الوضوء ، بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( ما
منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول حين يفرغ من وضوئه : أشهد أن لا
اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من
التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من
أيّها شاء ) رواه الترمذي.
][ .. الصلاة على أول وقتها .. ][
قال تعالى : { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا } النساء / 103
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام { أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها ، ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد في سبيل الله } متفق عليه .
لنتأمل جميعا حالنا مع الصلاة
هل نحن إذا نادى المؤذن ( حي على الصلاة حي على الفلاح ) تركنا مباشرة ماكان بأيدينا ، وذهبنا بشوق ولهفة لمناجاة خالقنا وبارئنا !
هل نحن كذلك ؟
هل الصلاة أحب إلينا من أمور الدنيا كلها ؟
لحظة ! أولست تتمنى دائما أن تقبض روحك وأنت ساجد ؟
إذا راجع نفسك ، ما أحب الأشياء إلى نفسك ، هل السجود أحب إليك ملاهي الدنيا وزينتها ؟
هل فعلا تشتاق وتتوق الى الصلاة ومناجاة ربك والسجود له
هل حدث مرة وأنت في طريق العودة الى المنزل قلت في نفسك : متى أصل الى البيت لأصلي لله .. اشتقت للصلاة .. إلى المناجاة ؟
الله المستعان
كم من صلاة تأخرنا عنها لنكمل موضوعا نقرأه أو ردا نكتبه في مكسات وغيره ؟ - تحصل معنا جميعا - أليس كذلك !
أو أخرناها لأي أمر آخر من أمور الدنيا .. أحاديثا كانت أو غيرها !
كم من صلاة جمعناها بأختها لأننا آثرنا النوم والراحة عليها ؟
والقلوب ساكنة لاتتحرك ، لاتخاف ، لاتوجل !
والله يقول : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا } مريم / 59
أضاعوها فأخروها عن وقتها كسلاً وسهوا ونوماً
وأما غي / فهو واد في جهنم .
الله المستعان
إنها الصلاة عمود الدين .
فصلاح ديننا وأعمالنا يكون برعايتنا وعنايتنا لعامودها .
وعقوبة التفريط بها والنوم عنها عظيمة
فقد
روى البخاري في صحيحه من حديث سمرة بن جندب قال : كان النبي - صلى الله
عليه وسلم - مما يكثر أن يقول لأصحابه : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا ؟
فيقص عليه من شاء الله أن يقص ، وأنه قال لنا ذات غداة : إنه
أتاني الليلة آتيان ، وإنهما انبعثا لي ، وإنهما قالا لي : انطلق وإني
انطلقت معهما ، وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا
هو يهوي بالصخرة لرأسه ، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيقع الحجر ،
فيأخذه ، فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل
ما فعل في المرة الأولى ، قال : قلت لهما : سبحان الله ما هذان ؟ قالا لي :
انطلق انطلق ........ . الحديث
إلى آن قال : { قلت
لهما : فإني رأيت منذ الليلة عجبا ، فما هذا الذي رأيت ؟ قال : قالا لي :
أما إنا سنخبرك ، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر ، فإنه
الرجل يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلاة المكتوبة }
فما هو حالك مع الصلاة بعد علمك بهذه العواقب الوخيمة للمتهاون والمفرط بها ؟؟؟؟؟
][ .. الخشوع .. ][
قال عز وجل : { قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون } . المؤمنون / 1 - 2
نصلي ؟ نعم نصلي .. لكن قف لحظة !
مالذي يصلي فينا ؟ أهي :
1 / جوارحنا فقط . تسجد وتركع بلا إستشعار .
أم
2 / جوارحنا ، بحضور القلب وخشوعه .
خذ دقيقة قبل أن تكمل ، وتأمل حال صلاتك .. هل أنت من الصنف الأول ، أم من الصنف الثاني .
تأملت
جميل ، إذا كنت من الصنف الثاني فهنيئا لك . وأسأل الله لكَ الثبات .
وإن كنت من الصنف الأول ، فقل لي بربك .. لماذا تتعب نفسك وتصلي ؟
إن كانت صلاة ليس للقلب حضور فيها ، ولافيها خشوع .. فلمَ تقوم لها أصلا ؟
يقول ابن الجوزي :
رأت الفأرة جملاً فأعجبها , فأخذت بخطامه حتى وصل إلى بيتها , فلما رآه قال لها بلسان الحال:
" إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك و إما أن تتخذي محبوباً يليق بدارك "
و في هذا إشارة إلى : (( إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك , و إما أن تتخذ معبوداً يليق بصلاتك )) ... !!
والله الذي لا إله إلا هو .. إذا صلينا بخشوع ، واستشعرنا حقيقة أننا بين يدي العزيز الرحيم وناجيناه ،
سنستشعر لذة وراحة لم نشعر بها من قبل
إذا ركعت سبحه لعظمته واستشعر هذه العظمة ،
وإذا سجدت ناجه ياااااااااااالله ، فقد قال عز وجل { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } . البقرة / 186
واأقرب مايكون العبد لربه وهو ساجد ، فياحسرة من ضيع هذه اللحظة بانشغال الذهن .
ياحسرة المفرطين !
..
تأمل أخي .. هل صلاتك التي تؤديها تنهاك عن الفحشاء والمنكر !
إن كانت كذلك فأنت بإذن الله تؤديها كما أمرنا الله .
وإن كنت تصلي ، وفور انتهائك تستمع الى الأغنية الفلانية ، أو تكمل الفلم أو المسلسل الفلاني
أو تشتم هذا وتغتاب هذا
فراجع نفسك أخي قبل أن يداهمك أجلك
راجع نفسك ، وأحسن في صلاتك ، واسأل الله العون أولا وأخيرا
حتى تفوز وتفلح ، وتنجو يوم لاينفع مال ولابنون .
][ .. هل أنت سارق ؟ .. ][
أخي ، أختي في الله من أركان الصلاة الطمأنينة ، فتأمل صلاتك جيداً .. هل هي كذلك .. أم تنقرها نقراً ؟؟
قال صلى الله عليه وسلم: ( أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته) قالوا : يارسول الله ، وكيف يسرق من صلاته ؟، قال : ( لايتم ركوعها ولاسجودها ) رواه الإمام أحمد .
فجاهد نفسك قبل فوات الأوان ، جاهد نفسك على إتمام ركوعها وسجودها وآدائها كما يجب .
واسأل الله العون أولا وأخيرا
][ .. النوافل .. ][
بعد أن أديت الفرائض حق آدائها ، بخشوع وطمأنينة وحضور قلب .
تزود من النوافل وإليكَ بعضا منها .
1 / قيام الليل :
سنة مؤدكدة ، حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : { عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال : { من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } رواه أبو داود وصححه الألباني.
- والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر -
ومن أراد إتباع هديه عليه الصلاة وسلم في قيام الليل : فقد سُئلت عائشة رضي الله عنها ، فقالت : { ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة .................. } أخرجه الشيخان .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: { كان
النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول
الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟
} متفق عليه.
قال ابن الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي عليه الصلاة والسلام : { أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } متفق عليه.
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين. وفي صحيح مسلم أن النبي قال: { إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
فحاسب نفسك الليلة ، وتأمل ، هل أنت واحد من هذه الطبقات السبع ؟
2 / السنن الرواتب :
اثنا عشر ركعة
الفجر / ركعتين قبلها
الظهر / أربع ركعات قبلها ، وركعتين بعدها
المغرب / ركعتين بعدها .
العشاء / ركعتين بعدها .
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة بني الله له بيتا في الجنة }
3 / صلاة الضحى
هي سنة مؤكدة عند أكثر الجمهور .
وقتها : أدائها يبدأ من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال.
فضلها : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال : { يصبح
على كل سلامى من أحدكم صدقة ؛ فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل
تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة
، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى } . أخرجه مسلم.
..
- وغير ذلك من النوافل ،
وكما هو معلوم أنه من المشروع الصلاة والتقرب الى الله في أي وقت إلا أوقات النهي .
][ .. كل ابن آدم خطاء .. ][
كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابين
فإن حدث وأن فاتتك صلاة أو أخرتها عن وقتها ، بنوم أو غيره !
بادر بالتوبة فورا والرجوع الى الله ، قم وتوضأ ، وأحس في الوضوء ، وصل ركعتي توتبة لله ، وأكثر من الإستغفار
واسأله المعونة في كل سجود
وكن من الذين قال فيهم جل وعلا : { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }
واستشعر بأن الله شديد العقاب ، وأنه غفور رحيم ، فدع قلبك في حال رجاء وخوف دائمين .
وتذكر بأن الحسنات يذهبن السيئات ،
عاقب نفسك !
أجل عاقبها
احرمها من شيء تحبه مثلا حتى ترتدع ، ولاتعود لتأخير الصلاة عن وقتها مرة أخرى
أو على سبيل المثال / ألزم نفسك بصوم الإثنين والخميس من ذلك الإسبوع .
وأكثر من الطاعات ، فالحسنة تقول : أختي أختي ، والسيئة تقول : أختي أختي .
وعاهد نفسك ألا تعود لذلك ،
وأكثر من ذكر الموت هادم اللذات فإنه محرك للقلوب ودافع للخشوع ورادع عن الذنوب
هذا والله أعلم
فإن كان صوابا فمن الله وتوفيقه
وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
- أخيكم في الله -