قوة
هذا الرقيـق تـراه عـند الـروع في قـلب الأسـود
متـبـسماً والـدهـر غضبـان يـزمجـر بـالوعيـد
فـإذا رمـاه بالخـطـوب رمـاه بالعــزم الجـليـد
وإذا دعتـه الواجـبـات... فحـمـلتـه بـما يـئـود
وجـدتـه صلب المنـكبـيـن فـلا يـخر ولا يـميـد
هو كالشعـاع المستـقيـم فـلا يـضـل ولا يـحيـد
هو نـاصـع، لا يـختـفي خلف الستـائـر والسدود
فيه ثبـات أخي العقيـدة لا اضطراب أولي الجـحـود
للنــاس أربــاب ولكــن ربـــه رب وحـيـد
لا يـنـحنـي إلا لــه، عند الـركـوع أو السجـود
صلـد الـرجولـة، لا يـرائـي لا يمالـئ لا يـكيـد
لا ينـثنـي عند الـوعود ولا يـليـن لدى الـوعيـد
لا يـلتـوي كالأفـعـوان ولا يـطـأطـىء كالعبـيـد
وإذا أريــد عـلى الدنـيـة قـال: إنـي لا أريــد
هـو مطمئـن لا يبـيـت من المخـاوف في سـهـود
وهو الـعزيـز وإن يـكن بـيـن السلاسل والقيـود
وهو الـغنـي وإن يبـت صفر اليـديـن من الـنقود
أيـديـن للفـقـر امـرؤ أخـلاقـه نـعم الرصيـد؟
أفيـشتـكي عـقم الـزمـان وقلبـه خـصب ولـود؟
آمـالـه تـنـمو على الأحـداث كالـروض الـمجود
ويـمـدها إيـمانـه الـدفـاق كـالـدم في الـوريـد
تـجلو له الغد كالـعروس بـدت تـهادى بين غـيـد
وتـسيـغ في فمـه الجـهاد كمنـهل عـذب الـورود
فيـقوم مـن سـاح اللقـاء إلى لقـاء مـن جـديـد
ويـذوق في كأس العذاب... عذوبـة الصبـر الحميـد
ويـشيـم في وجـه البـلاء مخايـل النـصر الأكيـد
والنـصر مثـل الغيـث يعرف بالصواعق و الرعـود
هـذا لعمـري شـأن ذي الإيـمان أو شـأن السعيـد
لا حـزن لا نـدم عـلى أمــس فأمــس لا يـعود
لا خـوف من غـده فخـوف غـد ظنـون لا تـفيـد
لا حـرص لا طـمع فـداء الحرص كم يـفري الكبود
فلئـن يـعش لهو السعيـد وإن يـمت فهو الشـهيـد
قـل للذي نـشد السـعادة: دونـك النـبـع الفـريـد
إن السعـادة منـك، لا تأتـيـك من خـلف الـحـدود
هي بنـت قلبـك بنـت عقلك ليـس تـشرى بالنـقود
فاسـعد بـذاتـك أو فـدع أمـر السـعادة للسـعيـد