الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من
لا نبي بعده، وبعد:
فلقد
حرم الله ورسولهصلى
الله عليه و سلم الزنا وبيّنا قبحه وفساده وحذرا العباد من الوقوع فيه،
ولشناعته فإن اللهتعالى
لم ينهى عن الوقوع فيه فحسب، بل نهى عن القرب منه فقال عز من قائل: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء
سَبِيلاً[الإسراء:32].
والزنا
يعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل، وهو رجس وفاحشة مهلكة، وجريمةموبقة، تنفر منها الطبائع السليمة، وهو
فساد لا تقف جرائمه عند حد ولا تنتهي آثارهونتائجه إلى غاية، وهو ضلال في الدين
وفساد في الأخلاق، وانتهاك للحرمات والأعراضواستهتار بالشرف والمروءة، وداعية
للبغضاء والعداوة.
قال
أحد العارفين:
الزنا
عاره يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية، ويسوّد الوجوه البيض،ويخرس الألسنة البليغة، ويهوي بأطول
الناس أعناقاً وأسماهم مقاماً وأعرقهم عزاً إلىهاوية من الذل والازدراء والحقارة ليس
لها من قرار.
وهو
أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع، وهو لطخة سوداء، إذا لحقتأسرة غمرت كل صحائفها البيض وتركت
العيون لا ترى منها إلا سواداً حالكاً، وهو العارالذي يطول عمره طويلاً، فقاتله الله من
ذنب وقاتل فاعليه.
وقال
آخر:
إن
الزاني يحط نفسه من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة، ويصبح بمكان من غضب
اللهومقته، ويكون
عند الخلق ممقوتاً، وفي دنياه مهين الجانب عديم الشرف منحط الكرامةساقط العدالة، تبعد عنه الخاصة من ذوي
المروءة والكرامة والشرف؛ مخافة أن يعديهمويلوثهم بجربه، و لا تقبل روايتهولا
تسمع شهادته، ولا يرغب في مجاورته ولا مصادقته.
فساده للزانية فهي تفسد بهذا العملحياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها وتسيء إلى سمعتها وسمعة
أهلها، وتفسد فراش زوجها إنكانت ذات زوج وربما أدخلت عليه أولاداً من الزنا فتغش بهم
زوجها وينفق عليهم طوالحياته ويرثونه من بعد موته وينتسبون إليه وهم ليسوا بأولاده
إلى غير ذلك مما تفسدهالمرأة بسبب وقوعها بهذه الفاحشة، وإن كانت المرأة الزانية
غير متزوجة فبالإضافةإلى أنها تفسد بهذا العمل حياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها
وتسيء إلى سمعتها وسمعةأهلها فإنها بهذا العمل المشين قد صرفت أنظار راغبي الزواج
عنها، ولا يتقدم لخطبتهاأحد يعرف حالتها حتى ولو كان مجرماً قد عبث بها وأهدر شرفها
وكرامتها، لأنه يحتقرهاولا يرضاها زوجة له لما يعرفه عنها من الخيانة، فتعيش المرأة
بعد جريمة الزنا عيشةذل وهوان، لا زوج يحصنها ولا عائل يعولها، فتصبح محتقرة
ذليلة بين أهلها وذويهاإضافة أيضاً إلى الجناية على سمعة أخواتها مما يقضي على
مستقبلهن ويبعد عنهن راغبيالزواج بسبب جنايتها. وأما فساده للزاني فإنه بالزنا ينكب
ويتولع منه ويصبح كالكلبالمسعور في تعلقه بالنساء وقد يكون سبباً في ابتلاء إحدى
محارمه بالوقوع بمثل هذهالفاحشة عقوبة من الله فيُهتك عرضه كما هتك هو أعراض الناس
ويفتضح أمره ويسقط منأعين الناس ويقل احترام الناس له.
1 -
ضياع النسل
والجناية عليه، فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب علىجريمتهما التي تنقضي على الفور، لو
أدركا ما يترتب عليها من الآثام والزور وغضباللهلهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا
يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء.
2 -
يتسبب الزنا في
اختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق ويفضي إلى فناء الأمة ويدعوإلى الشقاق والفساد ويسبب انتشار
الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل كماورد ذلك عن النبيصلى الله عليه و سلم في قوله:
{لم تظهر الفاحشة في قوم حتىيعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون
والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجة]، وصدق رسول اللهصلى الله عليه و سلم فقد انتشر في هذا
الزمنبسبب كثرة
الزنا الأمراض الكثيرة الخطيرة، عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
3 -
الزنا يعمي القلب
ويطمس نوره، ويحقر النفس ويقمعها و يسقط كرامة الإنسان عندالله وعند خلقه، ويمحق بركة العمر،
ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةًوَسَاء سَبِيلاً[الإسراء:32].
وقال
تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهاًآخَرَ
وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّوَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ
يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُالْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً[الفرقان:69،68].
وقالصلى الله عليه و سلم: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
} [متفق عليه].
وقالصلى الله عليه و سلم: {لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا
الله وأنيرسول الله
إلا بإحدى ثلاث - وذكر منها - الثيب الزاني } [متفق عليه].
وقال
عليه الصلاة و السلام: {ما من ذنب بعد الشركأعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم من لا يحل له
}.
على الزناة فقط بل يتعدى إلى غيرهم،فينزل غضب الله على قوم كثر فيهم الزنا، ويكثر فيهم الموت
أيضاَ، فعن ابن عباس رضيالله عنهما أن رسول اللهصلى الله عليه و سلم قال: {إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقدأحلوا بأنفسهم عذاب الله } [رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد].
لذا
يجب على جميع المسلمين محاربة الزنا والابتعاد عن أسبابه كالتبرج والسفوروالاختلاط والغناء والمجلات الماجنة
والأفلام والمسلسلات الهابطة الداعية إلى كلفحش ورذيلة.
عقوبة
فردية: وهي إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين، وذلك بقتلهمارجماً بالحجارة حتى يموتا لكي يجدا
الألم في جميع أجزاء الجسم كما تلذذا بجسديهماقالصلى الله عليه و سلم: {الولد للفراش وللعاهر الحجر }، وإن كانا غيرمحصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع
الجلد ردعاً لهما عن المعاودة للاستمتاعبالحرام، إضافة إلى فضحهما بين الناس والتشهير بهما.
وإذا
أفلت الزناة من عقوبة الدنيا ولم يتوبوا فلهم في الآخرة عذاب أليم فقد روىالبخاري أن رسول اللهصلى الله عليه و سلم قال:
{أتاني الليلة آتيان وإنهما
ابتعثانيوإنهما قالا
لي: انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقدتحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا
يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجالونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة
والزواني }،وجاء في الحديث أيضا: {أن من زنى بإمرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب الأمة
}.
وهذا
فقط عذاب القبر أما في الآخرة فإن عذابهم شديد فهم يعذبون بوادي أثاما وهوواد من أودية جهنم الكبرى نعوذ بالله
منه.قال تعالى: وَالَّذِينَ
لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَالَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا
بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَيَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ
الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْفِيهِ مُهَاناً[الفرقان:69،68].
فالزاني
يشارك المشرك و القاتل في نفس العذاب والعياذ بالله ! فهل يليق بعاقلبعد ذلك أن يعرض نفسه لمثل هذا العذاب
من أجل شهوة عابرة تذهب لذتها سريعاً ويبقىعذابها طويلاً؟!
فيا
من خان الأعراض وتعدى عليها، وابتغى الفساد في الأرض، إن الغيرة من شيمالرجال، ومن أخلاق النبلاء، ومن شعب
الإيمان، ومن مقتضيات إياك نعبد وإياك نستعين،فأين الغيرة ممن يتعدى على أعراض الناس،
كم أفسدت بين امرأة وزوجها، وكم جعلت بنتاًحبيسة الجدران في بيتها، بعد أن ذبحت
عفتها، وضيعت شرفها وشرف أهلها، وأسائت إلىسمعتها وسمعة أهلها، أين أنت من الغيرة
على محارم الله وأنت تنتهكها؟ وأين أنت منالغيرة على محارمك فالذي يتعدى على
محارم الناس لا يغار على محارمه، لأنهن قديبتلين بمن يتعدى عليهن عقوبة له، وكما
قيل: ( كما تدين تدان ).
ثم
إني أسألك بالله، هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أن يتحدث معها أحد ويداعب
مشاعرها؟فإن كنت لا
ترضاه لأمك فإن الناس لا يرضونه لأمهاتهم، وإن كنت لا ترضاه لأختك أوابنتك أو عمتك أو خالتك فالناس كذلك لا
يرضونه لأخواتهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم؛فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس
حلال لك؟! أما ترحم أمك وأخواتك أن يصبن بمثلما أصبت من محارم الناس، أما ترحم ابنتك
وزوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببناتالناس.
وأنتِ
أيتها المرأة، يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا، ومرغته في الوحل،ونزلت به إلى الحضيض، وأفسدت حياتك
وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوةعابرة، أو عرض زائل من الدنيا، أما
تخافين الله كيف طاوعتك نفسك على فعل هذهالفاحشة النكراء !
أين
ذهب حياؤك؟
أين
ذهب عقلك؟
هل
فكرت بعذاب الله؟
هل
فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا و الآخرة؟
هل
فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟
هل
فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس لو انكشف أمرك؟
هل
فكرت بالعار الذي سيلحق بهم، هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك؟
وكيف
سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه؟
إن
موتك أو قتلك أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة، فاتقي الله
وتوبيإليه وابتعدي
عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك، أو أن تموتي وأنت مصرة علىهذه الفاحشة القبيحة.
من ابتليتم بالزنا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوهأهون الناظرين إليكم وأحقر المطلعين
عليكم، وتجعلون هذه الشهوة الحيوانية وهذهاللذة الفانية تنسيكم عظمة مولاكم
واطلاعه عليكم، إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذهالفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو
كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديدترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض، فأين
تعظيم الله في قلوبكم؟ أينصدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ أما استشعرتم عظمة
الجبار؟ أما تخافون غضبالقهار؟
وهل
نسيتم الموت وسكرته، والقبر وظلمته، والصراط وزلته، والحساب وشدته، هل
نسيتمالنار، وما
فيها من العذاب، إن أمامكم أهوالاً عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله، لاطاقة لكم فيها ولن تتحملوها، فلا
تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوالالتي أمامكم، وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم
مصيركم ومآلكم، ووالله إنكم لأضعف من أنتتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته، ووالله
إن شهوات الدنيا كلها لاتساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب، ولا خير
والله في شهوة بعدهاالنار
والدمار، فتوبوا إلى الله قبل أن لا تستطيعوا أن تتوبوا وقبل أن تندموا فيوقت لا ينفع فيه الندم.
وفقنا
الله وإياكم لما يحب ويرضى وجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعونأحسنه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
لا نبي بعده، وبعد:
فلقد
حرم الله ورسولهصلى
الله عليه و سلم الزنا وبيّنا قبحه وفساده وحذرا العباد من الوقوع فيه،
ولشناعته فإن اللهتعالى
لم ينهى عن الوقوع فيه فحسب، بل نهى عن القرب منه فقال عز من قائل: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء
سَبِيلاً[الإسراء:32].
والزنا
يعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل، وهو رجس وفاحشة مهلكة، وجريمةموبقة، تنفر منها الطبائع السليمة، وهو
فساد لا تقف جرائمه عند حد ولا تنتهي آثارهونتائجه إلى غاية، وهو ضلال في الدين
وفساد في الأخلاق، وانتهاك للحرمات والأعراضواستهتار بالشرف والمروءة، وداعية
للبغضاء والعداوة.
قال
أحد العارفين:
الزنا
عاره يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية، ويسوّد الوجوه البيض،ويخرس الألسنة البليغة، ويهوي بأطول
الناس أعناقاً وأسماهم مقاماً وأعرقهم عزاً إلىهاوية من الذل والازدراء والحقارة ليس
لها من قرار.
وهو
أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع، وهو لطخة سوداء، إذا لحقتأسرة غمرت كل صحائفها البيض وتركت
العيون لا ترى منها إلا سواداً حالكاً، وهو العارالذي يطول عمره طويلاً، فقاتله الله من
ذنب وقاتل فاعليه.
وقال
آخر:
إن
الزاني يحط نفسه من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة، ويصبح بمكان من غضب
اللهومقته، ويكون
عند الخلق ممقوتاً، وفي دنياه مهين الجانب عديم الشرف منحط الكرامةساقط العدالة، تبعد عنه الخاصة من ذوي
المروءة والكرامة والشرف؛ مخافة أن يعديهمويلوثهم بجربه، و لا تقبل روايتهولا
تسمع شهادته، ولا يرغب في مجاورته ولا مصادقته.
مفسدة
الزنا
إن في الزنا فساد للزاني والزانية، أما الزنا
فساده للزانية فهي تفسد بهذا العملحياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها وتسيء إلى سمعتها وسمعة
أهلها، وتفسد فراش زوجها إنكانت ذات زوج وربما أدخلت عليه أولاداً من الزنا فتغش بهم
زوجها وينفق عليهم طوالحياته ويرثونه من بعد موته وينتسبون إليه وهم ليسوا بأولاده
إلى غير ذلك مما تفسدهالمرأة بسبب وقوعها بهذه الفاحشة، وإن كانت المرأة الزانية
غير متزوجة فبالإضافةإلى أنها تفسد بهذا العمل حياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها
وتسيء إلى سمعتها وسمعةأهلها فإنها بهذا العمل المشين قد صرفت أنظار راغبي الزواج
عنها، ولا يتقدم لخطبتهاأحد يعرف حالتها حتى ولو كان مجرماً قد عبث بها وأهدر شرفها
وكرامتها، لأنه يحتقرهاولا يرضاها زوجة له لما يعرفه عنها من الخيانة، فتعيش المرأة
بعد جريمة الزنا عيشةذل وهوان، لا زوج يحصنها ولا عائل يعولها، فتصبح محتقرة
ذليلة بين أهلها وذويهاإضافة أيضاً إلى الجناية على سمعة أخواتها مما يقضي على
مستقبلهن ويبعد عنهن راغبيالزواج بسبب جنايتها. وأما فساده للزاني فإنه بالزنا ينكب
ويتولع منه ويصبح كالكلبالمسعور في تعلقه بالنساء وقد يكون سبباً في ابتلاء إحدى
محارمه بالوقوع بمثل هذهالفاحشة عقوبة من الله فيُهتك عرضه كما هتك هو أعراض الناس
ويفتضح أمره ويسقط منأعين الناس ويقل احترام الناس له.
أضرار
الزنا
إن للزنا أضراراً كثيرة فمنها: الزنا
1 -
ضياع النسل
والجناية عليه، فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب علىجريمتهما التي تنقضي على الفور، لو
أدركا ما يترتب عليها من الآثام والزور وغضباللهلهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا
يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء.
2 -
يتسبب الزنا في
اختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق ويفضي إلى فناء الأمة ويدعوإلى الشقاق والفساد ويسبب انتشار
الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل كماورد ذلك عن النبيصلى الله عليه و سلم في قوله:
{لم تظهر الفاحشة في قوم حتىيعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون
والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجة]، وصدق رسول اللهصلى الله عليه و سلم فقد انتشر في هذا
الزمنبسبب كثرة
الزنا الأمراض الكثيرة الخطيرة، عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
3 -
الزنا يعمي القلب
ويطمس نوره، ويحقر النفس ويقمعها و يسقط كرامة الإنسان عندالله وعند خلقه، ويمحق بركة العمر،
ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
أدلة
تحريم الزنا
قال الله تعالى: وَلاَ تحريم الزنا
تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةًوَسَاء سَبِيلاً[الإسراء:32].
وقال
تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهاًآخَرَ
وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّوَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ
يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُالْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً[الفرقان:69،68].
وقالصلى الله عليه و سلم: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
} [متفق عليه].
وقالصلى الله عليه و سلم: {لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا
الله وأنيرسول الله
إلا بإحدى ثلاث - وذكر منها - الثيب الزاني } [متفق عليه].
وقال
عليه الصلاة و السلام: {ما من ذنب بعد الشركأعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم من لا يحل له
}.
عقوبة
الزنا
عقوبة جماعية: فإنه لا يقتصر ضرر الزنا الزنا
على الزناة فقط بل يتعدى إلى غيرهم،فينزل غضب الله على قوم كثر فيهم الزنا، ويكثر فيهم الموت
أيضاَ، فعن ابن عباس رضيالله عنهما أن رسول اللهصلى الله عليه و سلم قال: {إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقدأحلوا بأنفسهم عذاب الله } [رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد].
لذا
يجب على جميع المسلمين محاربة الزنا والابتعاد عن أسبابه كالتبرج والسفوروالاختلاط والغناء والمجلات الماجنة
والأفلام والمسلسلات الهابطة الداعية إلى كلفحش ورذيلة.
عقوبة
فردية: وهي إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين، وذلك بقتلهمارجماً بالحجارة حتى يموتا لكي يجدا
الألم في جميع أجزاء الجسم كما تلذذا بجسديهماقالصلى الله عليه و سلم: {الولد للفراش وللعاهر الحجر }، وإن كانا غيرمحصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع
الجلد ردعاً لهما عن المعاودة للاستمتاعبالحرام، إضافة إلى فضحهما بين الناس والتشهير بهما.
وإذا
أفلت الزناة من عقوبة الدنيا ولم يتوبوا فلهم في الآخرة عذاب أليم فقد روىالبخاري أن رسول اللهصلى الله عليه و سلم قال:
{أتاني الليلة آتيان وإنهما
ابتعثانيوإنهما قالا
لي: انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقدتحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا
يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجالونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة
والزواني }،وجاء في الحديث أيضا: {أن من زنى بإمرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب الأمة
}.
وهذا
فقط عذاب القبر أما في الآخرة فإن عذابهم شديد فهم يعذبون بوادي أثاما وهوواد من أودية جهنم الكبرى نعوذ بالله
منه.قال تعالى: وَالَّذِينَ
لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَالَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا
بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَيَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ
الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْفِيهِ مُهَاناً[الفرقان:69،68].
فالزاني
يشارك المشرك و القاتل في نفس العذاب والعياذ بالله ! فهل يليق بعاقلبعد ذلك أن يعرض نفسه لمثل هذا العذاب
من أجل شهوة عابرة تذهب لذتها سريعاً ويبقىعذابها طويلاً؟!
فيا
من خان الأعراض وتعدى عليها، وابتغى الفساد في الأرض، إن الغيرة من شيمالرجال، ومن أخلاق النبلاء، ومن شعب
الإيمان، ومن مقتضيات إياك نعبد وإياك نستعين،فأين الغيرة ممن يتعدى على أعراض الناس،
كم أفسدت بين امرأة وزوجها، وكم جعلت بنتاًحبيسة الجدران في بيتها، بعد أن ذبحت
عفتها، وضيعت شرفها وشرف أهلها، وأسائت إلىسمعتها وسمعة أهلها، أين أنت من الغيرة
على محارم الله وأنت تنتهكها؟ وأين أنت منالغيرة على محارمك فالذي يتعدى على
محارم الناس لا يغار على محارمه، لأنهن قديبتلين بمن يتعدى عليهن عقوبة له، وكما
قيل: ( كما تدين تدان ).
ثم
إني أسألك بالله، هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أن يتحدث معها أحد ويداعب
مشاعرها؟فإن كنت لا
ترضاه لأمك فإن الناس لا يرضونه لأمهاتهم، وإن كنت لا ترضاه لأختك أوابنتك أو عمتك أو خالتك فالناس كذلك لا
يرضونه لأخواتهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم؛فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس
حلال لك؟! أما ترحم أمك وأخواتك أن يصبن بمثلما أصبت من محارم الناس، أما ترحم ابنتك
وزوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببناتالناس.
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سبل
المودة عشت غير مكرم
من يزني في
قوم بالفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هاتكاً لحرمة مسلم
المودة عشت غير مكرم
من يزني في
قوم بالفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هاتكاً لحرمة مسلم
أيتها المرأة، يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا، ومرغته في الوحل،ونزلت به إلى الحضيض، وأفسدت حياتك
وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوةعابرة، أو عرض زائل من الدنيا، أما
تخافين الله كيف طاوعتك نفسك على فعل هذهالفاحشة النكراء !
أين
ذهب حياؤك؟
أين
ذهب عقلك؟
هل
فكرت بعذاب الله؟
هل
فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا و الآخرة؟
هل
فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟
هل
فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس لو انكشف أمرك؟
هل
فكرت بالعار الذي سيلحق بهم، هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك؟
وكيف
سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه؟
إن
موتك أو قتلك أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة، فاتقي الله
وتوبيإليه وابتعدي
عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك، أو أن تموتي وأنت مصرة علىهذه الفاحشة القبيحة.
وأخيراً...
اعلموا يا من ابتليتم بالزنا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوهأهون الناظرين إليكم وأحقر المطلعين
عليكم، وتجعلون هذه الشهوة الحيوانية وهذهاللذة الفانية تنسيكم عظمة مولاكم
واطلاعه عليكم، إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذهالفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو
كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديدترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض، فأين
تعظيم الله في قلوبكم؟ أينصدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ أما استشعرتم عظمة
الجبار؟ أما تخافون غضبالقهار؟
وهل
نسيتم الموت وسكرته، والقبر وظلمته، والصراط وزلته، والحساب وشدته، هل
نسيتمالنار، وما
فيها من العذاب، إن أمامكم أهوالاً عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله، لاطاقة لكم فيها ولن تتحملوها، فلا
تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوالالتي أمامكم، وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم
مصيركم ومآلكم، ووالله إنكم لأضعف من أنتتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته، ووالله
إن شهوات الدنيا كلها لاتساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب، ولا خير
والله في شهوة بعدهاالنار
والدمار، فتوبوا إلى الله قبل أن لا تستطيعوا أن تتوبوا وقبل أن تندموا فيوقت لا ينفع فيه الندم.
وفقنا
الله وإياكم لما يحب ويرضى وجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعونأحسنه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.