السؤال : هل هناك كلام حول عقيدة الإمام أبي حنيفة؟ لأني سمعت بعض الناس يقدحون في عقيدته، فأرجو التوضيح.
الجواب :
الحمد لله
الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي إمام من أئمة المسلمين بلا مدافعة ، اتفق أهل العلم على إمامته وجلالة قدره .
قال علي بن عاصم : لو وزن علم أبي حنيفة بعلم أهل زمانه ، لرجح عليهم .
وقال ابن المبارك : أبو حنيفة أفقه الناس .
وقال الشافعي : الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة .
وقال الخريبي : ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل .
قال الذهبي رحمه الله : " الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام ، وهذا أمر لا شك فيه.
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين ، رضي الله عنه ، ورحمه . توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومئة " انتهى .
راجع : "سير أعلام النبلاء" (6 /390-403)
واعتقاد الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد وفي إثبات الصفات والرد على الجهمية وفي القدر واعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم وسائر مسائل الإيمان الكبرى موافق لمنهج السلف ولمنهج إخوانه أئمة المذاهب ، سوى أحرف يسيرة مخالفة نقلت عنه ، كقوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه ، وقوله في مسمى الإيمان أنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان ، وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان .
وقد ذكر ابن عبد البر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن ذلك .
راجع : "التمهيد" (9/247) , "شرح العقيدة الطحاوية" (ص395)
وراجع كتاب "اعتقاد الأئمة الأربعة" (ص3- للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ويقولون إن الله يرى في الآخرة ، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم ، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق ... " انتهى من "منهاج السنة النبوية" (2 /54)
وتعتبر العقيدة الطحاوية التي ألفها أبو جعفر الطحاوي الحنفي رحمه الله ، على منهج أهل السنة والجماعة , سوى أحرف يسيرة منها ، ولذلك كان لها شيوع كبير بين علماء المسلمين وطلابهم ، حتى أصبحت تدرس في كثير من الجامعات والمساجد ودور العلم .
قال الطحاوي في مقدمتها (ص 1) :
" هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة : أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين " انتهى .
ولما كان كثير من أتباع أبي حنيفة على مذهب الأشاعرة والماتريدية دخل المذهب كثير مما يخالف اعتقاد السلف ، بل ويخالف اعتقاد الإمام نفسه ، ولذلك فإن كثيرا مما ينسب إلى أبي حنيفة من ذلك لا يثبت عنه ، وإنما هو من كلام بعض اتباعه ممن ينتسب إلى مذهبه .
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :
" وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذه الْمُعَارَضَاتِ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ أبي حنيفة رحمه الله ، وَإِنَّمَا هي مِنَ الْأَصْحَابِ ، فَإِنَّ غَالِبَهَا سَاقِطٌ لَا يَرْتَضِيه أَبُو حنيفة " انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" (ص 226)
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" الرسالة التي كتبت عن الإمام أبي حنيفة ، يمكن أنه أملى بعضها ، وأخذها بعض تلامذته وتسمى ( الفقه الأكبر ) ، نقل منها شيخ الإسلام بعض النقول في الحموية ، وكذلك ابن أبي العز في شرح الطحاوية .
ولكن يظهر أنه قد دخلها التغيير من بعض المتأخرين الذين انحرفوا في بعض الاعتقاد ؛ فأدخلوا فيها كثيراً من التأويلات ، وشرحها كثير ممن هو على مذهب الأشاعرة أو مذهب منكري الصفات ، وأنكروا ما كان عليه السلف رحمهم الله ، ولا شك أن سبب ذلك كثرة ما تلقوه عن مشايخهم الذين كانوا على هذا المذهب الذي هو تأويل وتحريف الصفات وما أشبهها " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (63 /14)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" أبو حنيفة ، والأئمة الأربعة ، هم على الخط السلفي ، إلا أنه لا بد كل واحد له زلة ، لكن الأتباع في واد ، والأئمة أنفسهم في واد " انتهى .
والواجب الكف عن الكلام في أئمة المسلمين المتفق على عدالتهم وجلالتهم وإمامتهم في الدين بما يوجب القدح فيهم ؛ فإن لحوم العلماء مسمومة ، وما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويكفي المسلم معرفة العقيدة الصحيحة فيتبعها وينبذ ما يخالفها دون أن يعرج على ما عساه أن يكون غمزا أو طعنا في أحد من فضلاء الأمة وصلحائها وعلمائها .
ولما ترجم الذهبي وابن كثير وغيرهما من مؤرخي أهل السنة للإمام أبي حنيفة رحمه الله لم يعرجوا على شيء مما يوجب القدح فيه ، وهذا من تمام العلم والورع ، وهو الواجب علينا تجاه علمائنا رحمهم الله تعالى ، وهو أقل ما يبذل رعايةً لحقهم وحرمتهم .
وأما ما روي في بعض كتب التاريخ مما يخالف ذلك ، من روايات متعارضة تتعلق بمشكلة خلق القرآن ، فقد ذهب الإمام أحمد وغيره إلى أن ذلك لم يثبت عن أبي حنيفة رحمه الله ، ثم طويت هذه الصفحة ، واستقر الأمر على تقديم الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، واشتهاره بالإمامة في الدين .
قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في شأن من يثير مثل ذلك :
" وكان مقتضى الحكمة اتباع ما مضى عليه أهل العلم منذ سبعمائة سنة تقريباً من سدل الستار على تلك الأحوال وتقارض الثناء " انتهى من "التنكيل" (1/101) .
وعلى ذلك : فلا يجوز لأحد أن يقدح في عقيدة إمام من أئمة المسلمين المشهود لهم بالعلم والفضل كالإمام أبي حنيفة رحمه الله ، ومن فعل ذلك فقد استوجب العقوبة التي تردعه وأمثاله عن هذا الفعل المشين .
وينظر بتوسع كتاب : "أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة" ، للدكتور الخميس حفظه الله .
وراجع لمعرفة المزيد عن مذهب الإمام أبي حنيفة جواب السؤال رقم : (46992)
والله تعالى أعلم .
الجواب :
الحمد لله
الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي إمام من أئمة المسلمين بلا مدافعة ، اتفق أهل العلم على إمامته وجلالة قدره .
قال علي بن عاصم : لو وزن علم أبي حنيفة بعلم أهل زمانه ، لرجح عليهم .
وقال ابن المبارك : أبو حنيفة أفقه الناس .
وقال الشافعي : الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة .
وقال الخريبي : ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل .
قال الذهبي رحمه الله : " الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام ، وهذا أمر لا شك فيه.
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين ، رضي الله عنه ، ورحمه . توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومئة " انتهى .
راجع : "سير أعلام النبلاء" (6 /390-403)
واعتقاد الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد وفي إثبات الصفات والرد على الجهمية وفي القدر واعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم وسائر مسائل الإيمان الكبرى موافق لمنهج السلف ولمنهج إخوانه أئمة المذاهب ، سوى أحرف يسيرة مخالفة نقلت عنه ، كقوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه ، وقوله في مسمى الإيمان أنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان ، وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان .
وقد ذكر ابن عبد البر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن ذلك .
راجع : "التمهيد" (9/247) , "شرح العقيدة الطحاوية" (ص395)
وراجع كتاب "اعتقاد الأئمة الأربعة" (ص3- للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ويقولون إن الله يرى في الآخرة ، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم ، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق ... " انتهى من "منهاج السنة النبوية" (2 /54)
وتعتبر العقيدة الطحاوية التي ألفها أبو جعفر الطحاوي الحنفي رحمه الله ، على منهج أهل السنة والجماعة , سوى أحرف يسيرة منها ، ولذلك كان لها شيوع كبير بين علماء المسلمين وطلابهم ، حتى أصبحت تدرس في كثير من الجامعات والمساجد ودور العلم .
قال الطحاوي في مقدمتها (ص 1) :
" هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة : أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين " انتهى .
ولما كان كثير من أتباع أبي حنيفة على مذهب الأشاعرة والماتريدية دخل المذهب كثير مما يخالف اعتقاد السلف ، بل ويخالف اعتقاد الإمام نفسه ، ولذلك فإن كثيرا مما ينسب إلى أبي حنيفة من ذلك لا يثبت عنه ، وإنما هو من كلام بعض اتباعه ممن ينتسب إلى مذهبه .
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :
" وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذه الْمُعَارَضَاتِ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ أبي حنيفة رحمه الله ، وَإِنَّمَا هي مِنَ الْأَصْحَابِ ، فَإِنَّ غَالِبَهَا سَاقِطٌ لَا يَرْتَضِيه أَبُو حنيفة " انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" (ص 226)
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" الرسالة التي كتبت عن الإمام أبي حنيفة ، يمكن أنه أملى بعضها ، وأخذها بعض تلامذته وتسمى ( الفقه الأكبر ) ، نقل منها شيخ الإسلام بعض النقول في الحموية ، وكذلك ابن أبي العز في شرح الطحاوية .
ولكن يظهر أنه قد دخلها التغيير من بعض المتأخرين الذين انحرفوا في بعض الاعتقاد ؛ فأدخلوا فيها كثيراً من التأويلات ، وشرحها كثير ممن هو على مذهب الأشاعرة أو مذهب منكري الصفات ، وأنكروا ما كان عليه السلف رحمهم الله ، ولا شك أن سبب ذلك كثرة ما تلقوه عن مشايخهم الذين كانوا على هذا المذهب الذي هو تأويل وتحريف الصفات وما أشبهها " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (63 /14)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" أبو حنيفة ، والأئمة الأربعة ، هم على الخط السلفي ، إلا أنه لا بد كل واحد له زلة ، لكن الأتباع في واد ، والأئمة أنفسهم في واد " انتهى .
والواجب الكف عن الكلام في أئمة المسلمين المتفق على عدالتهم وجلالتهم وإمامتهم في الدين بما يوجب القدح فيهم ؛ فإن لحوم العلماء مسمومة ، وما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويكفي المسلم معرفة العقيدة الصحيحة فيتبعها وينبذ ما يخالفها دون أن يعرج على ما عساه أن يكون غمزا أو طعنا في أحد من فضلاء الأمة وصلحائها وعلمائها .
ولما ترجم الذهبي وابن كثير وغيرهما من مؤرخي أهل السنة للإمام أبي حنيفة رحمه الله لم يعرجوا على شيء مما يوجب القدح فيه ، وهذا من تمام العلم والورع ، وهو الواجب علينا تجاه علمائنا رحمهم الله تعالى ، وهو أقل ما يبذل رعايةً لحقهم وحرمتهم .
وأما ما روي في بعض كتب التاريخ مما يخالف ذلك ، من روايات متعارضة تتعلق بمشكلة خلق القرآن ، فقد ذهب الإمام أحمد وغيره إلى أن ذلك لم يثبت عن أبي حنيفة رحمه الله ، ثم طويت هذه الصفحة ، واستقر الأمر على تقديم الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، واشتهاره بالإمامة في الدين .
قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في شأن من يثير مثل ذلك :
" وكان مقتضى الحكمة اتباع ما مضى عليه أهل العلم منذ سبعمائة سنة تقريباً من سدل الستار على تلك الأحوال وتقارض الثناء " انتهى من "التنكيل" (1/101) .
وعلى ذلك : فلا يجوز لأحد أن يقدح في عقيدة إمام من أئمة المسلمين المشهود لهم بالعلم والفضل كالإمام أبي حنيفة رحمه الله ، ومن فعل ذلك فقد استوجب العقوبة التي تردعه وأمثاله عن هذا الفعل المشين .
وينظر بتوسع كتاب : "أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة" ، للدكتور الخميس حفظه الله .
وراجع لمعرفة المزيد عن مذهب الإمام أبي حنيفة جواب السؤال رقم : (46992)
والله تعالى أعلم .