كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
تعتبر قضية موقف السلفيين من "السياسة" من أكثر الموضوعات إثارة للجدل والنقاش بين أبناء الدعوة السلفية وغيرهم من أبناء الحركات الإسلامية الأخرى، ذلك لأن السلفيين يتركون كثيراً من صور السياسة التي تتبناها تيارات إسلامية أخرى، منها ما عرف باسم تيار "الإسلام السياسي"، نظرًا لأنه يرى المشاركة في النظام السياسي المعاصر في بلاد المسلمين بل وفي بلاد الكفر أيضًا، وهذا الاصطلاح في حد ذاته هو أحد أسباب اللبس في هذه القضية، حيث يظن البعض أن له مفهوم مخالف، فيظن أن الآخرين هم أنصار "الإسلام غير السياسي"، وهذا مفهوم خاطئ تماماً؛ لأن الخلاف إنما هو في صلاحية المشاركة السياسية لأن تكون طريقاً لتطبيق دين الله -عز وجل- في الأرض.
وكثير من أبناء حركات "الإسلام السياسي" تدرك هذا الأمر جيداً، ولكنهم يعودون فيستدركون على السلفيين أنهم لا يتكلمون في أمور سياسية أخرى هامة كالسياسة الاقتصادية ومظاهر الانحراف فيها، والكسب غير المشروع، والاستيلاء على المال العام والرشوة والمحسوبية و.... إلى قائمة طويلة من الموضوعات التي تعتبر عند كل مشتغل بالسياسة من أبجديات "السياسة"، وفي واقع الأمر أن هذا النوع من القضايا السياسية فرع على اختيار المشاركة السياسية فمن اختار الدخول في هذه الحلبة، فلابد وأن يبدأ من مقاعد المعارضة التي تجمع كل هذه الانحرافات عن المثال النظري الوضعي، والذي قد يكون بدوره موافقاً للشرع أحياناً كما يكون في غاية البعد عن شرع الله أحياناً أخرى.
وأما من لم يختر هذا الطريق فليس من الحكمة تضييع وقته في تتبع هذه الجزئيات التي لا تنتهي.
والدعوة السلفية إذ ترى أهمية التركيز على إصلاح الأفراد وتربيتهم تربية إيمانية صحيحة مستمدة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة مع تصفيتها من شوائب الشرك والبدع القديمة منها كالعقلانية والحديثة كالعلمانية، مع الربط بين هؤلاء الأفراد للتعاون فيما بينهم للقيام بأي صورة ممكنة من صور أعمال الأمة وفروض الكفايات، ترى أن الخوض في جزئيات "السياسة" التي يعنيها هؤلاء هو نوع من تضييع الأعمار والأوقات وانصراف عن واجب الوقت من "التصفية والتربية" إلى أمور هي أشبه بأحاديث السمر، بيد أن أحاديث السمر يقطع بها الليل وهذه الأحاديث يقطع بها العمر.
ناهيك عن الأثر السيئ الذي تتركه في نفوس كثير من عوام المسلمين وهم يبحثون بدورهم عن "شماعة" يعلقون عليها تكاسلهم عن نصرة دين الله، وإلا فتدبر في تعاطف عوام المسلمين مع "غزة"، وكيف انقلب إلى سخط عام لما قيل لهم: "أهالي غزة يريدون احتلال سيناء"، وبلغ الحنق "الشعبي" على أهالي غزة مداه لما قيل لهم: "إنهم اشتروا البضائع بنقود مزورة".
وأقرب من هذا: ادخل مع أي واحد من عوام المسلمين في حوار عن دور "الفنانين والفنانات" في إفساد الشباب تجد نفسك أمام خطيب مفوه لا يبقي لك بعده مقالاً، فإذا حاولت على استحياء أن تدير دفة الحديث إلى أننا نحن عامة المسلمين الذين ندفع لهم، وأننا جمهورهم الذي لولاه لما استمر هؤلاء، تجده يقلب لك ظهر المجن، ويحدثك عن الوسطية والاعتدال، أوعلى الأقل أنه لا يستطيع أن يمنع نفسه فضلاً عن غيره من مشاهدة كل ما يلتقطه جهاز التلفاز، وأن التبعة في ذلك تقع على من سمح به، ويدير دفة الحديث إلى فاصل نقد سياسي آخر وهكذا.
إذن فالخطاب السلفي الدعوي موجه في المقام الأول إلى المدعو، وما يجب عليه هو علماً وعملاً، ولا يخفى على أحد أن جمهور الدعوة هم عوام الناس، ولا يعني هذا أن من ملك نصيحة لغيرهم أن يكتمها، بل يجب عليه توجيهها، وحينئذ سوف يراعى فيها أنها خطاب لهذا المسئول أو ذاك لا خطاب عنه، وبينهما من الفروق ما يدركه كل من له أدنى إلمام بلغة الخطاب الدعوي فضلاً عن السياسي.
وهذا لا يعني خلو الخطاب السلفي من السياسة، بل الخطاب السلفي يتناول السياسة الشرعية من جهة التأصيل العلمي العقدي الذي يعرف عند السياسيين بالأيدلوجيا، وهي أهم مما سواها من المنظور الشرعي والمنظور السياسي على حد سواء.
فقضية الحاكمية التي تحتل مساحة واضحة ضمن مسائل الاعتقاد السلفية، وقد اعتراها الكثير من الخلل من جراء ممارسات جماعات "الإسلام السياسي" وقبولها بمبادئ الديمقراطية، بل والعلمانية الصريحة أحياناً كما في تركيا، فضلاً عن قبولهم بمبادئ القانون الدولي.
وهذا بالإضافة إلى أن مفهوم الحاكمية قد تحول كنتيجة إلى التركيز على العمل السياسي إلى انتظار الناس إلى أن يطبق الشرع عليهم، والشرع الذي يتشوف الناس إليه هو محاكمة كبار السراق والمرتشين، وأما الشهوات التي يقعوا فيها، وهي ممنوعة شرعاً، فلم يوطنوا أنفسهم على تركها مثل الغناء والموسيقى والتبرج، فضلاً عن التزام الصلاة في وقتها وغيرها، بل أصبح أصحاب الإسلام السياسي يصرحون بأن هذه الأمور لن يزيدوا فيها حال وصولهم إلى الحكم عن الدعوة والترغيب دون الإلزام والعقاب.
وقضية الحاكمية أوسع من هذا بكثير وهي تشمل اعتقاد المسلم بلزوم أن يستمد كل اعتقاداته وتصوراته وعبادته ومعاملاته على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، كما قال -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65).
والدعوة السلفية في سبيل تقريرها لهذه العقيدة الأساسية يخوضون حرباً فكرية ضروساً مع هؤلاء العلمانيين الذين هم أولى الناس بالدخول في قوله -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(البقرة:11)، بينما ترى كثيراً من جماعات الإسلام السياسي أن أي معارض للفساد الواقع هو مصلح، مصلح وإن كان الذي يدعو إليه اشد فساداً وإفساداً.
وكذلك عقيدة الولاء والبراء والتي ترسم السياسة الإسلامية الداخلية والخارجية، والرابطة الجامعة التي يجب أن تنضوي الأمة تحت لواءها.
وبعد العقيدة يأتي دور الفقه في تقرير التفاصيل التشريعية التي ينبغي أن تطبق في باب العبادات والأخلاق وفي باب المعاملات والذي يرسم الخطوط العامة للسياسة الإسلامية الاقتصادية والاجتماعية والجنائية، وكل هذه الأمور مفصلة في كتب الفقه في أبواب البيوع والزواج والجهاد والحدود والجنايات والقضاء وغيرها.
وهذا لا يعني أن الخطاب السياسي السلفي نظري محض، بل كلما وجد في الواقع قضايا تحتاج إلى تجلية الميزان الشرعي الصحيح لها يكون البيان بفضل الله -تعالى- كما كان في حرب الخليج الأولى والثانية، وكما هو الحال في الموقف من حصار غزة، ومحاولة العلمانيين تقديس الحدود المصطنعة في رابطة الأخوة الإيمانية يكون البيان على قدر الممكن والمستطاع بفضل الله -تعالى-.
ومن هنا فقد جانب الصواب ذلك الشيخ السلفي الذي نقلت عنه جريدة "المصريون" الإلكترونية دون أن تصرح باسمه أنه لما سئل في مجلس خاص عن عدم سبب كلامه عن موضوع غزة، أجاب بأنه لا يتكلم في السياسة؛ لأن هذه المسألة لاسيما مع كثرة الشبهات فيها، لابد وأن تدخل في أولويات الدعوة إلى الله على منهج أهل السنة والجماعة.
وإن كان من عذر الرجل الذي ضنت علينا الجريدة باسمه، هو أنه نسب هنا اختيار شخصي له، ولعله يرى أن غيره قد كفاه وإن بقيت العبارة موهمة.
إلا أن الصواب أكثر مجانبة لمحرر الجريدة الذي سمح لنفسه بأحد خيارين أحلاهم مر: إما أن يكون قد اختلق الخبر، وإما أن يكون قد خان أمانة المجالس الخاصة -والمجالس بالأمانة كما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والأدهى من ذلك أن ينشر الخبر بصورة توحي أن هذا هو موقف "شيوخ السلفيين"، مما يخالف الحقيقة، ومن هنا يتضح أننا بحاجة أكبر إلى فهم أصول السياسة الشرعية قبل الخوض في أي عمل عام، ولو كان تحرير صفحة مقتطفات الأخبار في جريدة "إلكترونية".
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
تعتبر قضية موقف السلفيين من "السياسة" من أكثر الموضوعات إثارة للجدل والنقاش بين أبناء الدعوة السلفية وغيرهم من أبناء الحركات الإسلامية الأخرى، ذلك لأن السلفيين يتركون كثيراً من صور السياسة التي تتبناها تيارات إسلامية أخرى، منها ما عرف باسم تيار "الإسلام السياسي"، نظرًا لأنه يرى المشاركة في النظام السياسي المعاصر في بلاد المسلمين بل وفي بلاد الكفر أيضًا، وهذا الاصطلاح في حد ذاته هو أحد أسباب اللبس في هذه القضية، حيث يظن البعض أن له مفهوم مخالف، فيظن أن الآخرين هم أنصار "الإسلام غير السياسي"، وهذا مفهوم خاطئ تماماً؛ لأن الخلاف إنما هو في صلاحية المشاركة السياسية لأن تكون طريقاً لتطبيق دين الله -عز وجل- في الأرض.
وكثير من أبناء حركات "الإسلام السياسي" تدرك هذا الأمر جيداً، ولكنهم يعودون فيستدركون على السلفيين أنهم لا يتكلمون في أمور سياسية أخرى هامة كالسياسة الاقتصادية ومظاهر الانحراف فيها، والكسب غير المشروع، والاستيلاء على المال العام والرشوة والمحسوبية و.... إلى قائمة طويلة من الموضوعات التي تعتبر عند كل مشتغل بالسياسة من أبجديات "السياسة"، وفي واقع الأمر أن هذا النوع من القضايا السياسية فرع على اختيار المشاركة السياسية فمن اختار الدخول في هذه الحلبة، فلابد وأن يبدأ من مقاعد المعارضة التي تجمع كل هذه الانحرافات عن المثال النظري الوضعي، والذي قد يكون بدوره موافقاً للشرع أحياناً كما يكون في غاية البعد عن شرع الله أحياناً أخرى.
وأما من لم يختر هذا الطريق فليس من الحكمة تضييع وقته في تتبع هذه الجزئيات التي لا تنتهي.
والدعوة السلفية إذ ترى أهمية التركيز على إصلاح الأفراد وتربيتهم تربية إيمانية صحيحة مستمدة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة مع تصفيتها من شوائب الشرك والبدع القديمة منها كالعقلانية والحديثة كالعلمانية، مع الربط بين هؤلاء الأفراد للتعاون فيما بينهم للقيام بأي صورة ممكنة من صور أعمال الأمة وفروض الكفايات، ترى أن الخوض في جزئيات "السياسة" التي يعنيها هؤلاء هو نوع من تضييع الأعمار والأوقات وانصراف عن واجب الوقت من "التصفية والتربية" إلى أمور هي أشبه بأحاديث السمر، بيد أن أحاديث السمر يقطع بها الليل وهذه الأحاديث يقطع بها العمر.
ناهيك عن الأثر السيئ الذي تتركه في نفوس كثير من عوام المسلمين وهم يبحثون بدورهم عن "شماعة" يعلقون عليها تكاسلهم عن نصرة دين الله، وإلا فتدبر في تعاطف عوام المسلمين مع "غزة"، وكيف انقلب إلى سخط عام لما قيل لهم: "أهالي غزة يريدون احتلال سيناء"، وبلغ الحنق "الشعبي" على أهالي غزة مداه لما قيل لهم: "إنهم اشتروا البضائع بنقود مزورة".
وأقرب من هذا: ادخل مع أي واحد من عوام المسلمين في حوار عن دور "الفنانين والفنانات" في إفساد الشباب تجد نفسك أمام خطيب مفوه لا يبقي لك بعده مقالاً، فإذا حاولت على استحياء أن تدير دفة الحديث إلى أننا نحن عامة المسلمين الذين ندفع لهم، وأننا جمهورهم الذي لولاه لما استمر هؤلاء، تجده يقلب لك ظهر المجن، ويحدثك عن الوسطية والاعتدال، أوعلى الأقل أنه لا يستطيع أن يمنع نفسه فضلاً عن غيره من مشاهدة كل ما يلتقطه جهاز التلفاز، وأن التبعة في ذلك تقع على من سمح به، ويدير دفة الحديث إلى فاصل نقد سياسي آخر وهكذا.
إذن فالخطاب السلفي الدعوي موجه في المقام الأول إلى المدعو، وما يجب عليه هو علماً وعملاً، ولا يخفى على أحد أن جمهور الدعوة هم عوام الناس، ولا يعني هذا أن من ملك نصيحة لغيرهم أن يكتمها، بل يجب عليه توجيهها، وحينئذ سوف يراعى فيها أنها خطاب لهذا المسئول أو ذاك لا خطاب عنه، وبينهما من الفروق ما يدركه كل من له أدنى إلمام بلغة الخطاب الدعوي فضلاً عن السياسي.
وهذا لا يعني خلو الخطاب السلفي من السياسة، بل الخطاب السلفي يتناول السياسة الشرعية من جهة التأصيل العلمي العقدي الذي يعرف عند السياسيين بالأيدلوجيا، وهي أهم مما سواها من المنظور الشرعي والمنظور السياسي على حد سواء.
فقضية الحاكمية التي تحتل مساحة واضحة ضمن مسائل الاعتقاد السلفية، وقد اعتراها الكثير من الخلل من جراء ممارسات جماعات "الإسلام السياسي" وقبولها بمبادئ الديمقراطية، بل والعلمانية الصريحة أحياناً كما في تركيا، فضلاً عن قبولهم بمبادئ القانون الدولي.
وهذا بالإضافة إلى أن مفهوم الحاكمية قد تحول كنتيجة إلى التركيز على العمل السياسي إلى انتظار الناس إلى أن يطبق الشرع عليهم، والشرع الذي يتشوف الناس إليه هو محاكمة كبار السراق والمرتشين، وأما الشهوات التي يقعوا فيها، وهي ممنوعة شرعاً، فلم يوطنوا أنفسهم على تركها مثل الغناء والموسيقى والتبرج، فضلاً عن التزام الصلاة في وقتها وغيرها، بل أصبح أصحاب الإسلام السياسي يصرحون بأن هذه الأمور لن يزيدوا فيها حال وصولهم إلى الحكم عن الدعوة والترغيب دون الإلزام والعقاب.
وقضية الحاكمية أوسع من هذا بكثير وهي تشمل اعتقاد المسلم بلزوم أن يستمد كل اعتقاداته وتصوراته وعبادته ومعاملاته على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، كما قال -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65).
والدعوة السلفية في سبيل تقريرها لهذه العقيدة الأساسية يخوضون حرباً فكرية ضروساً مع هؤلاء العلمانيين الذين هم أولى الناس بالدخول في قوله -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(البقرة:11)، بينما ترى كثيراً من جماعات الإسلام السياسي أن أي معارض للفساد الواقع هو مصلح، مصلح وإن كان الذي يدعو إليه اشد فساداً وإفساداً.
وكذلك عقيدة الولاء والبراء والتي ترسم السياسة الإسلامية الداخلية والخارجية، والرابطة الجامعة التي يجب أن تنضوي الأمة تحت لواءها.
وبعد العقيدة يأتي دور الفقه في تقرير التفاصيل التشريعية التي ينبغي أن تطبق في باب العبادات والأخلاق وفي باب المعاملات والذي يرسم الخطوط العامة للسياسة الإسلامية الاقتصادية والاجتماعية والجنائية، وكل هذه الأمور مفصلة في كتب الفقه في أبواب البيوع والزواج والجهاد والحدود والجنايات والقضاء وغيرها.
وهذا لا يعني أن الخطاب السياسي السلفي نظري محض، بل كلما وجد في الواقع قضايا تحتاج إلى تجلية الميزان الشرعي الصحيح لها يكون البيان بفضل الله -تعالى- كما كان في حرب الخليج الأولى والثانية، وكما هو الحال في الموقف من حصار غزة، ومحاولة العلمانيين تقديس الحدود المصطنعة في رابطة الأخوة الإيمانية يكون البيان على قدر الممكن والمستطاع بفضل الله -تعالى-.
ومن هنا فقد جانب الصواب ذلك الشيخ السلفي الذي نقلت عنه جريدة "المصريون" الإلكترونية دون أن تصرح باسمه أنه لما سئل في مجلس خاص عن عدم سبب كلامه عن موضوع غزة، أجاب بأنه لا يتكلم في السياسة؛ لأن هذه المسألة لاسيما مع كثرة الشبهات فيها، لابد وأن تدخل في أولويات الدعوة إلى الله على منهج أهل السنة والجماعة.
وإن كان من عذر الرجل الذي ضنت علينا الجريدة باسمه، هو أنه نسب هنا اختيار شخصي له، ولعله يرى أن غيره قد كفاه وإن بقيت العبارة موهمة.
إلا أن الصواب أكثر مجانبة لمحرر الجريدة الذي سمح لنفسه بأحد خيارين أحلاهم مر: إما أن يكون قد اختلق الخبر، وإما أن يكون قد خان أمانة المجالس الخاصة -والمجالس بالأمانة كما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والأدهى من ذلك أن ينشر الخبر بصورة توحي أن هذا هو موقف "شيوخ السلفيين"، مما يخالف الحقيقة، ومن هنا يتضح أننا بحاجة أكبر إلى فهم أصول السياسة الشرعية قبل الخوض في أي عمل عام، ولو كان تحرير صفحة مقتطفات الأخبار في جريدة "إلكترونية".
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.